في 1951، عندما شرع طبيب الأمراض العقلية جون تولموند في إنجاز كتاب حياته، الذي يتألف من 500 صفحة والمخصص بالكامل للأمزجة القلقة، قرر أن يدرس بالتفصيل كل الشخصيات التي تدخل ضمن هذه التوصيف: سريعو التأثر، سريعو الغضب، الحذرون، الخجولون، الحسودون... فكانت النتيجة (كتاب القلقون، منشورات بايوت) شبيه بصاحبه: دقيق ومستفيض. ومع ذلك تمة عنصر يحير: ما من كلمة، ولا إشارة للهشاشة أو القلق لدى النساء. هل كانت نساء سنوات 1950 رائقات أكثر من معاصراتنا؟ في الواقع أن الأزمنة تغيرت. منذ 20 سنة، أكدت الدراسات المخصصة للقلق أو للاكتئاب أن الإناث يتآكلهن ينخرهن القلق أكثر، الأفكار المجترة، الإحساس المتفشي بالتهديد. عينة من 58% من النساء في سن الخمسين يتخوفن من التقاعد الذي يربطنه ب «الصعوبات المالية» (مقابل 36% عند الرجال). النساء يستبطن أكثر انفعالاتهن المرتبطة بالموت، بالعزلة، أو بالاكتئاب، بينما الرجال يخرجون ذلك ويظهرون سلوكات عدوانية وانحرافية أكثر. نساء ظهرن في نفس الاستطلاعات المتلفزة حول الإرهاب، يفتقدن أكثر الثقة في المستقبل، ويشعرن أنهن مهددات أكثر من الذكور. كيف يفسر هذا الضعف النفسي الذي، رغم التطورات المحرزة من خلال القضية النسائية، يبدو أنه يستفحل من جيل لجيل؟ طبعا، الإحساس بالتهديد، القديم جدا المرتبط بالعقل يأتي على الأرجح من كونهن نساء: الخوف من الاغتصاب، التعنيف الجسدي، منغرس في لاوعينا كما في جيناتنا. هناك أيضا العوامل البيولوجية: فطيلة حياتهن، تواجه النساء مراحل مهمة من التغيير الهرموني: البلوغ، ظهور الحيض، الحمل، ما بعد سن اليأس... «فقط الانشغال بشكل دوري بالسؤال: (هل سأحيض أم لا؟) يأثر بالتأكيد على الحياة النفسية والعاطفية للفتيات». يوضح أنيك هويل أستاذ مبرز في علم النفس الاجتماعي بجامعة ليون 2. ويبين أن التركيبة الأنثوية تتأسس على لائحة الفقدان: «فقدان القضيب الذي يتحدث عنه المحللون النفسيون، فقدان الحيض عند الحمل، الجمال مع التقدم في السن، ثم القدرة على الإنجاب.... ألا يبدو هذا إخصاء متكررا للجنس الأنثوي، يحلل الأستذ الجامعي، علما أن هذا يطور كذلك مهارات حقيقية لتجاوز المحن. هولي هزليت-ستيفنس، أستاذة علم النفس برينو (نيفاذا)، اشتغلت منذ أكثر من 30 سنة على القلق الأنثوي. في كتابها الذي نشر، مؤخرا، بفرنسا حول النساء اللواتي يعانين كثيرا من القلق، زعمت أن العديد من الدراسات أوضحت أن «الشعور بالقلق» هو خصوصا ثمرة تربية مختلفة بين الصبيان والبنات: «الآباء (...) يشجعون الصبيان على رفع التحديات في مختلف الأحوال وكذا تطوير بعض المواقف، كإعداد استراتيجيات والمثابرة، التي من شأنها أن تسهل عليهم النجاح في الحياة.». وكانت النتائج بالنسبة للصبيان: بما أنهم يرفعون تحديات أكثر، فهم يراكمون تجارب إيجابية أكثر وسيكونون، إذن، طيلة حياتهم، ميالين إلى الإحساس بأنهم الأقوى وبأنهم يتوفرون على سيطرة أفضل على الأوضاع. والنتيجة أن الإناث تتضاعف لديهن الميولات للشعور بالقلق على أنفسهن ومصيرهن، إلى جانب ميلهن الطبيعي للشعور بالقلق على الآخرين! بل ويجعلن من ذلك، في الغالب الأعم، شغلهن الشاغل. «إن التوزيع في عالم الشغل جلي، يوضح أنيك هويل. الأرقام تؤكد أن النساء تربين على الاعتناء بالآخر: الممرضات، ممرضات المواليد، المشرفات على رعاية المسنين.». طبعا، انفتاحهن العاطفي على الآخر -الذي هو الأصغر أو الأضعف- يمكن، إذن، أن يفسر هذه النزعة الأنثوية لاجترار أحاسيس سلبية وقلقة. لكن بالنسبة لأنيك هويل، الآلية تبقى فعالة ودقيقة أكثر: «إنهن يمارسن نشاطات في الميادين التي لايمكنهن أن يعبرن فيها عن مشاعرهن، بل أن يحسسن فيها بهذه المشاعر المتناقضة. مثلا، عندما يعتنين بالأشخاص المسنين أو عندما يلعبن مع الأطفال في الروض، لا يمكنهن السماح لأنفسهن بكراهيتهم والتصريح بذلك علانية!». إذن، هي أيضا هذه الاستحالة الثقافية لعيش كل هذا الخليط العاطفي الذي يحكم على النساء، في زاويتهن، باجترار أفكار سوداء. عن جريدة «لوفيكارو»