لم ينتظر عمدة فاس المصادقة على مشروع تصميم التهيئة الخاص بفاس، من لدن المصالح المركزية بالرباط، هذا المشروع الذي عرض على العموم خلال شهر فبراير الماضي قصد إبداء الرأي والملاحظات حوله ،إذ بادر إلى منح رخصة إحداث تجزئة كاليفورنيا تحت عدد 13 على 2012 قرب مسبح الجوهرة الخضراء ومدخل الطريق السيار بجماعة عين الشقف ،هذه المنطقة تعتبر حسب مشروع تصميم التهيئة منطقة للتهيئة التشاورية، إذ من المفروض انتظار المصادقة على مشروع التصميم واستدعاء مالكي القطعة لإبداء آرائهم وملاحظاتهم ،وبالإضافة إلى هذا الخرق القانوني شرعت الوكالة الحضرية بفاس بتسليم شواهد المعلومات note de ronseignement لفائدة الراغبين فيها . ومن المعلوم أن مشروع تصميم تهيئة فاس أثار ضجة كبرى وسط الساكنة عامة والمجتمع المدني خاصة ،حيث قامت 40 جمعية بفاس تمثل مختلف الشرائح الاجتماعية بعقد اجتماع لدراسة المشروع، ناقشت فيه الوثيقة المنشورة ،حيث انتقد المجتمعون السرية في اعداده وعدم إشراكهم فيه، حسب ماينص عليه الدستور الجديد ،وخلصت الجمعيات المشار إليها في مناقشتها إلى كون مشروع تصميم التهيئة المعروض يتعارض مع التصميم المديري لسنة 1995 الذي لايزال العمل ساريا به ،كما انه يكرس الاستثناءات السابقة ويبتلع الاراضي الفلاحية الخصبة جاعلا منها مناطق للتعميريستغلها المضاربون العقاريون الذين سبق لهم أن اقتنوا تعاونيات فلاحية منتشرة في شمال وشرق فاس انطلاقا من طريق ايموزار مرورا بمناطق محايدة لحامة سيدي احرازم وسفح جبل زلاغ وغيرها . هذا وقد أعدت جمعيات المجتمع المدني وثيقة انتقدت فيها التوجهات والاختيارات لدفتر التحملات الخاص بإعداد وثائق التعمير ، كما سجلت أن الرصيد العقاري الذي كان من المفروض توظيفه لتلبية حاجيات المدينة، بات مرصودا للمضاربات العقارية ، كما هو الحال بالنسبة لمنطقة وادي فاس وملعب الخيل وساحة صوفيا ، بالإضافة إلى عدم رصد مساحات خضراء كمتنفسات للسكان ،زيادة على التمادي في تغيير مناطق الدارات وتنطيق شوارع تعرف اختناقات في المرور كشارع الحسن الثاني الذي خصص له 12 طابقا على امتداد عمارات رائعة الهندسة متناسقة العمران ترجع إلى الفترة الكولونيالية . كما انتقدت وثيقة المجتمع المدني تخصيص 2000هكتار من المساحات الخضراء على حساب الحزام الأخضر الذي أنجز سابقا علما بأن الزحف الإسمنتي لم يترك أية منطقة، بل إن العمارات التهمت أخصب الأراضي الفلاحية بسهل سايس . للإشارة فإنه خلال الدورة العادية لمجلس فاس خلال شهر فبراير 2012 ، لم يتمكن المستشارون الاتحاديون وفرق المعارضة الأخرى من مناقشة المشروع، بل ان الرئيس عرضه مباشرة على التصويت معتمدا على اغلبيته المريحة بالمجلس ،إلا أن الفريق الاتحادي قام بتوزيع مذكرة على المستشارين والصحافيين الذين واكبوا اطوار الجلسة المشحونة، يشرح فيها آراء الفريق حول مشروع تصميم التهيئة الذي يعرف ثغرات عديدة حسب تصريح الدكتور محمد الخضوري عضو مجلس المدينة، الذي أكد في تصريحه للجريدة انه أصبح من اللازم إعادة دراسة المشروع من جديد على ضوء ملاحظات المواطنين التي بلغت أكثر من1200 ملاحظة مع إشراك الفاعلين الاقتصاديين والمنعشين العقاريين والمجتمع المدني تطبيقا للدستور الجديد، حتى تتمكن فاس من إقرار تصميم يلبي مطالب ورغبات المدينة على المستوى الاجتماعي والاقتصادي والبيئي والتحكم في المجال الطرقي ودينامية التعمير على اعتبار أن فاس تعد القلب النابض للمغرب ومركزا استراتيجيا يربط بين دول المغرب العربي وإفريقيا.