بنية نحيفة اكتوت بداء الحياة، التي أحبها حد المجازفة، ولعل أقوى شيء فيه ذكاؤه وذاكرته وروحه الطيبة. متاهة كلام كلما نهضت فيه ذكريات وشجون حيِّه العريق «بوشنتوف». حين ينتشي يدب في كل أوصاله إحساس عميق بالصداقة. ساعتها يطالعك بجملته الأثيرة: «كيف حالك يا صديقي؟». يقولها بصدق نادر، وبصوت رخيم مع حركة خفيفة بالرأس تساير الإيقاع المميز لتلك الجملة الساحرة على لسانه. الأمر ليس فيه غرابة، فسعيد ابن المسرح، وإن هجره إلى حين. ابن فرقة «الرماح» التي كان له معها عدة جولات. هو أيضا صاحب مسرحية «تراجيديا الرجال الثلاثة» المستوحاة من رواية «رجال في الشمس» للكاتب الفلسطيني غسان كنفاني. هو من أنجز المكتوب الدراماتورجي والسينوغرافيا مع أداء دور»أبو الخيزران». لذلك أيضا في لحظة من لحظاته السامية يعاود وعدة مرات طرح ذات السؤال الذي جاء على لسان هذه الشخصية في خاتمة الرواية: « لماذا لم يدقوا جدران الخزان؟»