أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الاثنين    إبراهيم دياز ينافس على جائزة أفضل لاعب في ريال مدريد    جائزة الأوسكار لوثائقي عن تهجير الفلسطينيين في حفلة حضرت فيها السياسة بخجل    بورصة البيضاء تفتتح التداول بالأخضر    رمضان في الدار البيضاء.. دينامية اقتصادية وحركة تجارية في الأسواق ومتاجر القرب    استقالة جواد ظريف نائب رئيس إيران    مقتل إسرائيلي بعملية طعن بمدينة حيفا ومقتل المنفذ    هل بدأ ترامب تنفيذ مخططه المتعلق بالشرق الأوسط؟    حارس أمن آسيوي يطرد مواطنا من مصنع صيني ويثير جدلا واسعا    حراس الأمن الخاص المطرودين من العمل بالمستشفى الجهوي لبني ملال يواصلون إعتصامهم    كولر يستبعد عطية الله ورضا سليم من لائحة الأهلي لمونديال الأندية    نزار بركة الأمين العام لحزب الاستقلال يترأس لقاء تواصليا بالفقيه بن صالح    قائمة أبرز الفائزين بجوائز الأوسكار    وزير الثقافة الإسرائيلي يهاجم فيلم "لا أرض أخرى" بعد فوزه بالأوسكار    فيروس كورونا جديد في الخفافيش يثير القلق العالمي..    الجوهرة الزرقاء أصيلة تودع ابنها البار محمد بنعيسى إلى مثواه الأخير    من هو "الأخطبوط" الذي "ينخر" هذا القطاع؟.. النقابة الوطنية للصحة تفجر "فضائح" حول الوضع الصحي بمراكش    نتائج قرعة دور ربع نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي 2025    قراءة فيدورة جديدة من بطولة القسم الثاني : الكوكب تعزز صدارتها وتوسع الفارق …    حكيمي ينافس على جائزة لاعب الشهر في الدوري الفرنسي    النصيري يسجل هدفا في فوز فريقه أمام أنطاليا (3-0)    توقعات أحول الطقس اليوم الإثنين    مجلة إيطالية: المغرب نموذج رائد في تربية الأحياء المائية بإفريقيا والبحر الأبيض المتوسط    سوق الجملة الهراويين بالدار البيضاء يستقبل أزيد من 720 طنا في اليوم الأول من رمضان    إحداث كرسي الدراسات المغربية بجامعة القدس، رافد حيوي للنهوض بالتبادل الثقافي بين المغرب وفلسطين (أكاديميون)    ناقد فني يُفرد ل"رسالة 24 ": أسباب إقحام مؤثري التواصل الاجتماعي في الأعمال الفنية    ترامب يبحث عن الإجراءات الممكن اتخاذها ضد اوكرانيا    عامل إقليم الجديدة يعيد الاعتبار إلى شارع النصر ويعزز التدبير المحلي    الصين: إجمالي حجم الاقتصاد البحري يسجل 1,47 تريليون دولار في 2024    ترامب يعلن إدراج خمس عملات مشفرة في الاحتياطي الاستراتيجي    دوبلانتيس يعزز رقمه العالمي في القفز بالزانة    كرة القدم: كوريا تتقدم بطلب تنظيم كأس آسيا 2031    سؤال التنمية ولماذا كل هذا الاستعصاء؟    تسرب غاز البوتان يودي بحياة أم وثلاثة من أبنائها في أول أيام رمضان    قتيل وجرحى في حادث سير بين الحسيمة وتمسمان    مسلسل "معاوية".. هل نحن أمام عمل درامي متقن يعيد قراءة التاريخ بشكل حديث؟    المغرب ماضٍ في طريقه .. والمغاربة يعرفون جيدًا من معهم ومن ضدهم    وفاة مأساوية لشاب خلال مباراة رمضانية بطنجة    شابة تقدم على الانتحار نواحي سطات    بريسول ينبه لشروط الصيام الصحيح ويستعرض أنشطة المجلس في رمضان    إحباط محاولة تهريب حوالي 26 كيلوغراما من مخدر "الشيرا"    أصيلة .. تشييع جثمان الوزير الأسبق ورجل الثقافة الراحل محمد بن عيسى    برقية تهنئة إلى جلالة الملك من المدير العام لمنظمة الإيسيسكو بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك    وكالة بيت مال القدس تطلق كرسي الدراسات المغربية في جامعة المدينة    مسلسل "رحمة".. رحلة في أعماق الدراما المغربية على MBC5 في رمضان    بوريطة: العلاقات المغربية الألبانية متينة وتاريخية لكنها بحاجة إلى تنشيط آلياتها    أسعار مرتفعة للأسماك بالسوق المركزي لشفشاون في أول أيام رمضان    "خليه عندك".. حملة على مواقع التواصل الاجتماعي لمقاطعة المنتجات ذات الأسعار المرتفعة    أبرز الترشيحات لجوائز الأوسكار بنسختها السابعة والتسعين    غلال الفلاحة المغربية تبهر باريس    هذا هو موضوع خطبة الجمعة    النائب البرلماني محمد لامين حرمة الله يشيد بهذا القرار الملكي    الفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين يستغرب فرض ثلاث وكالات للأسفار بأداء مناسك الحج    المياه الراكدة    "حضن الفراشة" .. سلاح فتاك لمواجهة التوترات النفسية    بعد مليلية.. مخاوف من تسلل "بوحمرون" إلى سبتة    متى تحتاج حالات "النسيان" إلى القيام باستشارة الطبيب؟    دراسة علمية تكشف تفاصيل فيروس جديد لدى الخفافيش وخبير يطمئن المواطنين عبر "رسالة24"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أهل الريع ودولة الامتيازات
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 08 - 03 - 2012

إذا كانت بادرة الكشف عن لائحة المستفيدين من رخص النقل الطرقي للمسافرين بادرة تنتمي إلى عالم الجرأة والإقدام، فإن تحمل تبعاتها هو الذي سيجسد مدى موضوعية النشر الآن بالضبط.
إن نشر هذه اللوائح سيبقى دون أثر إذا لم تخضع هذه اللوائح لتحليل دقيق يوضح المنطق العام الذي حكم توزيع الامتيازات في ميدان النقل الطرقي، ويبرز تفاصيل هذا التوزيع من حيث الفترات التاريخية التي واكبت مغرب ما بعد الاستقلال السياسي، ونوعية الفئات والأوساط التي شملها عطف الدولة وحنوها في تخويل الامتياز.
وبحكم أن تحليلا من هذا القبيل يتطلب مجهودا خاصا ستسعفه لا محالة تقنية المعلوميات المتوفرة اليوم، فهو محتاج أيضا لمعرفة دقيقة بمكانة الأسماء والأوساط المتمتعة بالريع، وحجم الإيرادات المتحصلة من الامتياز المستفاد منه حسب طريقة التعامل مع الرخصة، إن بالاستغلال المباشر وإن بالكراء. وبطبيعة الحال، تنضاف إلى أهمية التعرف على المردودية العامة للخط الطرقي المستفاد منه، كيفية الحصول على ذلك حيث تختلف فترات الترخيص عن بعضها البعض بوجود استفادات ممنوحة بالمجان جنبا إلى جنب مع استفادات كان لها مقابل عبر وساطات عديدة لم تخل من تكاليف مالية.
أية شبكة لقراءة لائحة "الكريمات"؟
سيلاحظ المطلعون أن الخانات العشر التي خرجت بها هذه اللائحة غير كافية لقراءة موضوعية لآليات اقتصاد الريع بالمغرب. فمن زاوية الأسماء المنشورة ستتضح الأمور فقط حينما سيعرف إلى جانب الجهة المقطعة، الجهة التي تتولى الاستغلال وبأية سومة ومنذ أية فترة، ذلك أن ما تتداوله الألسن يبرز إيرادات ضخمة في بعض الأحيان، في نفس الوقت الذي نستنتج فيه من قراءة خط النقل إمكانية مداخيل مرتفعة وبانتظام لصالح الطرف المستغل.
ومن هذا المنطلق، وجبت إعادة ترتيب اللائحة حسب حجم مداخيل الطرف المقطع أو المستفيد من الترخيص والطرف الذي اكترى حقوق الاستغلال وعمل على توظيفها هنا أو هناك. وسيظهر هذا التصنيف لا محالة نوعا من التراتبية في منح رخص الاستغلال، وهي تراتبية ستجد تفسيرها من خلال الكشف عن الموقع الاجتماعي والمكانة في سلم العلاقات مع أطراف السلطة المانحة أو الوسيطة في تخويل رخص الاستغلال.
وفي سياق البحث عن استفادة أعم من قراءة هذه اللائحة، ستتجلى الأمور أحسن حين البحث الدقيق عن مصدر الترخيص حيث تشير اللائحة إلى ثلاثة مصادر للحصول على الترخيص وهي: الصفقة بين مرخص أصلي له وطرف مستفيد من جهة أولى، والإراثة من جهة ثانية، والمنح المباشر من جهة ثالثة. وعن تحليل طريقة المرور من نوع إلى نوع سيتضح نمط تدبير هذه التراخيص من حيث كونها امتيازا لأطراف محددة أو من أوساط معينة حصريا، كذلك قد نستنتج من تواتر صيغة الوراثة وتكرار عمليات الصفقات في التراخيص ما سيوضح لنا كيف تعامل مركز منح الرخصة مع طلب نقل الترخيص و التخلي عنه.
هذا بالإضافة إلى حالات تقاسم الرخصة بين الورثة وحالات الهبة من طرف إلى آخر بما سيضعنا أمام مفارقات بالنسبة لماهية الرخصة كحق دائم أو كحق مؤقت أو دوري ضمن أنواع الحقوق المترتبة عن الترخيص الإداري.
كذلك ومن حيث استعراض الأسماء المنشورة، يستحسن قراءتها بنوع من الموضوعية خاصة وأن وراء كل اسم تاريخا للحصول على الاستفادة وقنوات أوصلت إلى هذه الاستفادة، ومن حيث أن الاستفادة محصلة لريع يترتب عن تخويل امتياز، فالمستفيد صاحب مغنم ساقه له وضع اجتماعي مرتبط مباشرة أو بصفة غير مباشرة بأحد مراكز الحظوة والوجاهة والجاه. وبطبيعة الحال، ستكون القراءة موضوعية إذا أمكن التمييز بين الاستفادات التي أملتها أوضاع أو ظروف اجتماعية التي تكرس اعترافا بخدمة أو بموقع، والاستفادات التي اقتنصت بفعل مركز الثقل أو الضغط في الهرم السلطوي، وأخيرا الاستفادات التي استظلت بركاب الماسكين بزمام الأمور في فترة من فترات ما بعد الاستقلال.
وعن قراءة هذا أو ذاك سنستنتج موضوعيا المراحل التي مر منها الترخيص وتنوع المصادر التي تؤدي لاكتسابه والأوساط التي استهدفها لهذه الغاية أو تلك. وسينجم عن ذلك بالطبع تصنيف آخر ييسر الفهم من جهة، وييسر التعامل مع العديد من الحالات التي استفادت على غير وجه حق أو تعد استفادتها غير متناسبة مع الحظوة أو المكافأة التي خولت لها.
وعلى هذا الأساس ستتضح العلاقة بين مكانة أو مرتبة المحظوظ وقيمة الرخصة الممنوحة من حيث نوعية خط النقل وموقعه في البلاد ووتيرة استغلاله المباشر أو غير المباشر، وطاقته على إنتاج إيرادات تكفي فقط للعيش أو تبيح الغنى و الثراء.
وسيسمح هذا النوع من التحليل بمعرفة كيف استغلت رخص النقل الطرقي وكيف مهد البعض منها لتكوين ثروات وهل انتقل أو لم ينتقل هذا الاستغلال إلى الاقتصاد المنتج، وهل ساعد أم لا على تحديث نمط النقل في حد ذاته، وهل ساهم بطريقة أو بأخرى في مجهود تحديث البلاد؟.
ولذلك قد يوضح تصنيف هذه المؤشرات حسب الحقبة التي منح فيها الترخيص، مختلف المراحل التي مر منها اقتصاد الريع في قطاع النقل. وإضافة إلى تصنيف يبرز عدد الرخص في كل عقد وفي كل ولاية حكومية، بل وفي كل فترة من الفترات السياسية التي شهدها المغرب، ستمكن الاستنتاجات المترتبة عن هذه المؤشرات من الظفر بالمنطق العام لرخص النقل كمنطق يندرج ضمن المنطق الذي حكم علاقة مراكز السلطة بمكاسب ومنافع القطاعات الاقتصادية، بما سيتيح لنا فهم المنطق العام للدولة بالمغرب كدولة للامتيازات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.