نشرت إحدى الجرائد الوطنية، الصادرة بتاريخ: 2012 . 02 . 22، في صدر صفحتها الأولى، أن الأستاذ عبد اللطيف وهبي، رئيس فريق الأصالة والمعاصرة بالبرلمان، قد قال خلال تعقيبه على جواب وزير العدل «إن محاربة الفساد ليس في اعتقال قاضي، إن الفساد في القضاء مخيف، وإذا أردتم سأعطيكم، أسماء القضاة والمحاكم». هذا التصريح هام وضروري، وخطير، هام إذا تلاه فعلاً، إعلان أسماء القضاة، والمحاكم، من طرف النائب المحترم، وإذا ترتب عن إعلان الأسماء، اتخاذ الإجراءات الضرورية الواجبة، من طرف السيد وزير العدل. وخطير، إذا احتفظ السيد النائب بأسماء هؤلاء القضاة، حيث - والحالة هذه - تصبح التساؤلات مشروعة، من طرف من لم يعرف هؤلاء القضاة المفسدين، وإذا استمر الأمر كذلك، فلماذا أعلن النائب هذه المعلومات العامة، في جلسة دستورية، رسمية، وفي وسائل الإعلام العمومية، وفي مواجهة مع وزير العدل المسؤول عن القطاع. إن عدم ذكر هؤلاء القضاة «الفاسدين»، يجعل من حق المواطن، أن يعتبر أن هذا الموقف فيه تستر على رموز الفساد في القضاء، وقد يذهب الظن بعيداً إلى وصف هذا الموقف بالمشاركة، في مؤامرة الصمت، التي جرّت على البلاد الكثير من المآسي، مازالت آثارها ماثلة للعيان. أما بالنسبة للسيد وزير العدل والحريات، فإن من واجبه، أن يطلب أو يطالب السيد النائب، أن يمكنه من هذه الأسماء، والقيام بالإجراءات الضرورية، التي تفرضها عليه مسؤوليته، لا سيما أن أهم عناوين المرحلة، هو محاربة الفساد، ومعاقبة المفسدين، وفي هذه المطالبة، تبرئة لذمة بقية القضاة، الذين يمثلون القاعدة العريضة، ويبقى ما عداهم من فئة الشواذ عن قاعدة القضاة النزهاء، الفضلاء، الذين يشرفون، القضاء علماً، وتقوى، واستقامة، لأن إبقاء تصريح البرلماني: «سأعطيكم أسماء القضاة والمحاكم» هكذا بصفة مجملة، سارياً على القضاة المغاربة كلهم، وفي هذا التعميم ظلم وتجني، على من يخرج عن فئة هؤلاء الفاسدين. لذلك، فإن المسؤولية النيابية عن الأمة، تفرض الجهر بالحقائق كاملة ومحددة، بالفعل، والاسم، حتى توضع النقط على حروفها، ولا تبقى التصريحات مجرد عنتريات استعراضية، إذا لم تتلوها متابعة، وسعي جاد، للمساعدة على وضع اليد، على هؤلاء المفسدين، وهم قلة على كل حال. كما أن المسؤولية الحكومية، تفرض أن يطالب وزير العدل والحريات، بتمكينه من الأسماء التي يعرف السيد النائب، أسماءها وأماكن عملها، ويحرك المساطر القانونية، فيما قد ينسب إليها من فساد، لتطهير جسم العدالة، من الأذران العالقة به. وهكذا، يتحقق بالفعل التناغم والتكامل، المطلوب في هذه المرحلة بالذات، بين المؤسستين، الحكومة والبرلمان، ويتأكد بأن ما يتداول داخل جلسات البرلمان، له مفعول في دائرة الحياة العامة، وبذلك تنتفي عن هذه المؤسسة الدستورية تهمة «السرك»، التي وصفت بها، في زمن مضى، استجابة لنداء الحق، «قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ».