النظام السوري لا يرحم أي شخص يقدم مساعدة طبية للجرحى. في المستشفى العسكري يتحول الأطباء في بعض الأحيان إلى جلادين...) في سوريا الثائرة ضد نظام بشار الأسد، ليس ممنوعا فقط الكلام أو التظاهر أو الاحتجاج، بل ممنوع أيضا تقديم العلاج أو تلقي العلاج، منذ بداية الأحداث يقود النظم حربا بدون شفقة ضد أي شخص أو بنية من شأنها أن تقدم العلاجات لضحايا القمع، يقول أحد الصيدلانيين في حي بابا عمرو «»أن تكون طبيبا أو صيدلانيا، فهذا أمر خطير«« موظفو الصحة مسجونون، مثل هذا الممرض الذي اعتقل غداة اليوم الذي نظم زيارة لمركز سري للعلاجات المستعجلة، مكان مفروش بزرابي مغطاة بالبلاستيك لوقايتها من أن تتلطخ بالدم، أو مثل عبد الرحيم أمير, الطبيب الوحيد بنفس المركز الذي اغتيل بدم بارد على يد قوات الأمن في نونبر 2011 عندما كان يحاول تقديم الاسعافات لمدنيين جرحوا خلال هجوم لجيش النظام في الرستن, أو ذلك الممرض في المستشفى الوطني لحمص الذي عذب في حي بابا عمرو، وسجن في شتنبر، يشرح ممارسات التعذيب التي تعرض لها» ضرب بالعصي والهروات، معصوب العينين، صعق بالكهرباء وجلد بالسوط ثم التعليق طيلة 4 أو 5 ساعات وهي ممارسة شائعة لها اسم (الشبح) ويؤكد «»كانت من نصيبي معاملة خاصة، لم يكسروا عظامي»» في بعض الأحيان تقتصر معاملة قوات الأمن على الشتم. إحدى الممرضات من الصليب الأحمر كانت موجودة داخل سيارة اسعاف علقت في حاجز: خاطبها الجنود بعنف» »نحن نطلق عليهم النار، أنتم تنقدونهم»« في المدينة مستشفيان: الأول مدني (المستشفى الوطني) والثاني عسكري، كلاهما في قبضة قوات الأمن، أقبيتهما وبعض غرفهما تحولت إلى قاعات تعذيب، سأعود إليهما من خلال بعض الشهادات. المصحات الخاصة، الملجأ الوحيد لجرحى الانتفاضة - تتعرض لمداهمات أمنية مستمرة. في إحداها، في قلب المدينة القديمة تشير ممرضتان إلى آثار الرصاص على النوافد والجدران وحتى الأسرة، أطلقت من فوق المبنى المقابل، باستثناء الممرضتين, المصحة فارغة »لا تقبل سوى الحالات المستعجلة ولا نحتفظ بأي شخص أكثر من بضع ساعات، فقوات الأمن تزور المصحة باستمرر وتعتقل كل من تجده. وأجبر الأطباء على توقيع التزام بعدم معالجة المتظاهرين الجرحى«. وبينما تتحدث الممرضات سمع صوت الرصاص في غرفة مجاورة, ضحك الجميع، تواصل إحدى الممرضات »منذ أن أصبح الجيش السوري الحر متواجدا في الحي، أصبح ممكنا استقدام جرحى إلى هنا« ,جيش المعارضين يوفر الحماية أيضا للأطباء لقيام بالعمليات كلما كان ذلك ممكنا. قبل خمسة أيام استقبلت المصحة رجلا بقر بطنه: نجح جراح في إجراء العملية، لكن كان لابد من حضور أخصائي لإتمام العملية، كان الحي محاصرا، لم يكن ممكنا استقدام الأخصائي ولم يكن ممكنا كذلك نقل المريض الى مستشفى آخر، في النهاية »مات الجريح«. أبو حمزة طبيب جراح من المستوى الرفيع. يحاول علاج الجرحى الذين يصلون يوميا إلى العلاجات الأولية في حي البياردة. يحس بإحباط كبير بسبب نقص الوسائل. هذه النقطة لا تتوفر لا على معدات تخذير ولا معدات أشعة، ولا يستطيع القيام بالعمليات، فقط بإمكانه وضع ضمادات وحقن. يريد التخلي عن مهنة الطب ويتحول الى حمل السلاح »هنا، لا أصلح لشيء يعلق بنبرة غاضبة أمام حالة رجل دخلت بطنه رصاصة قناص. في بداية الأحداث كان أبو حمزة يشتغل في المستشفى العسكري بحمص, حيث كان شاهدا على التعذيب الذي يتعرض له الجرحى وحتى من طرف ممرضين أو أطباء في بعض الأحيان. ويتوفر على لائحة بأسمائهم. وعندما حاول مدير المستشفى، وهو علوي، منع هذه الممارسات، تحولت فقط إلى ممارسات تتم بشكل أكثر تكتما. «»ذات يوم، عالجت رجلا في المستعجلات، في اليوم الموالي رأيته في قسم الأشعة مصابا برجة في الدماغ، لم يكن مصابا بها في اليوم الأول، وهكذا اكتشفت أنه تعرض للضرب في الليل، توفي متأثرا بذلك بعد يومين، بينما لم تكن جروجه الأولية خطيرة«. أمام هذا الرعب نجح أبوحمزة في الحصول على كاميرا مخبأة في قلم من بيروت وسجل سرا 4 أفلام صغيرة في قاعة للعلاجات بعد العمليات، بمساعدة ممرضة. يعلق على هذه الصور غير الواضحة في الغالب, عندما تحجب سترته القلم/الكاميرا الموضوعة في جيب سترته، ونرى من خلالها خمسة مرضى عراة تقريبا، عيونهم معصوبة، والقدم مربوطة إلى السرير. تتحسس يدا الطبيب أجساد المرضى: على صدر اثنين منهم اثار بارزة حمراء، عبارة عن آثار ضرب حديثة. على طاولة مجاورة تظهر أدوات التعذيب، سوطان مرنان، أجزاء من الكاوتشو مقطعة من عجلات مطاطية مكسوة بلصاق طبي، وحبل بواصل كهربائي من جهة وواصل آخر في الطرف الثاني يوضع على أصابع اليد أو الرجل أؤ العضو التناسلي. أحد المرضى يئن بشكل متواصل, »لقد تم عمدا عرقلة القسطرة، عندما دخلت، كانوا يتوسلون أن نعطيهم جرعة ماء، فتحت القسرطة وغيرت أكياس البول التي كانت مملوءة، لكن اثثنين من المرضى دخلوا في غيبوبة بسبب إصابات في الكلي، عندما غيرت الضمادات، لاحظت تعفنا لدى أحد المرضى، اخبرت مصلحة علاج العظام بالأمر لكنني لم أتمكن من متابعة الحالة. بعد ثلاثة أيام، سمعت أنهم بتروا رجله فوق الركبة«. أبو حمزة الذي استقال مؤخرا للالتحاق بالمعارضة، أبعد على الفور، لكن الممارسات التي يصفها احتدت أكثر مع تصاعد الاحتجاجات. في حي بابا عمرو، التقينا (ر) وهو جريح بترت ساقه، أفرج عنه من المستشفى العسكري قبل أسبوع، في نهاية دجنبر سقطت قديفة في زقاقه قتلت خمسة من جيرانه وأقاربه، في شريط مسجل، نرى (ر) ورجله شبه مقطوعة ملفوفة في ثوب ينقل على عجل في سيارة: المستشفى الخاص الأول الذي نقل إليه مليء بالجرحى في ذلك اليوم، حاولوا نقله الي مستشفى آخر صحبة قريب له كانت يده مشدودة فقط ببعض اللحم. لكن سيارة الإسعاف التي كانت تقلهما أوقفوها في حاجز أمني, حيث تم اعتقال الجريحين ووضعا داخل مصفحة نقلتهما الى المستشفى العسكري. هناك، منع عنهما الدواء، وتم ربطهما مع الأسرة بالأصفاد وعيونهما معصوبة، تعرضا للتعذيب طيلة 8 ساعات .يحكي قائلا» »كانوا يضربوننا بصحون التغذية على رأسي وأطراف جسدي ربطوا رجلي المصابة بحبل وبدأوا يجروها في كل الاتجاهات, هناك أشياء أخرى كثيرة مارسوها علي، ولكنني لا أتذكرها. الأشخاص الذين كانوا يخضعونه للتعذيب لم يكونوا يبحثون عن معلومات، كانوا يقتصرون فقط على سب ضحاياهم «»إذن, أنت تبحث عن الحرية، خذ ها هي حريتك»قريبه مات تحت الضرب، وأخيرا نقل (ر) إلى قاعة العمليات وخضع لعملية، تعفن جرح رجله وبعد 6 أيام بترت على يد طبيب عسكري. في صورة له عند خروجه: وجه شاحب كوجه ميت. لكنه سعيد بأنه مازال حيا» »لقد قتلوني هناك، كان من الممكن الا أنجو من الموت«« هذه الممارسات لا تمتل حالات معزولة، أو مبادرات فردية تتم بوازع سادي أو مبالغة، بعيدا عن أي مراقبة. على العكس فهي ممارسات مقننة وموضوع تنظيم سابق عن الثورة الحالية. كما يشهد بذلك أبو سليم وهو طبيب عسكري اشتغل لسنتين في المخابرات العسكرية السورية، قبل أن ينتقل الى المعارضة للإشراف على مصحة بسيطة في أحد أحياء حمص. يحكي متسائلا: »ما هي مهمة طبيب في المخابرات؟ سأشرح لكم ذلك. أولا، إبقاء الأشخاص الذين يتعرضون للتعذيب أحياء حتى يمكن استنطاقهم أطول مدة ممكنة. ثانيا: في حالة ما إذا دخل الشخص المستنطق في غيبوبة، تقدم له العلاجات الأولية حتى يمكن استمرار الاستنطاق. ثالثا: الإشراف على استعمال المواد المهلوسة أو المخدرة خلال الاستنطاق. تستعمل مادة الكلوبرومازين (وهي مادة تعطى عادة لعلاج الانفصام والشيزوفرينيا) الفاليوم والكحول من 90 درجة مثلا بصب كمية لترمنه في الأنف أو حقنه تحت الجلد. رابعا: إذا ما تجاوز الشخص الخاضع للتعذيب درجة تحمله، وأصبح مهددا بالموت، يمكن للطبيب أن يطلب نقله للعلاج. ليس الطبيب هو من يتخذ القرار، يكتب تقريرا والمسؤول عن الاستنطاق هو الذي يقرر أو يرفض نقله إلى العلاج. قبل الثورة كان يتم تقريبا نقل الجميع، أما الآن يتم نقل المعتقلين المهمين فقط, أما الباقون فيتركون للموت«.