أعلن "متحف التاريخ الطبيعي" البريطاني أول أمس الأربعاء عن اقتنائه للحجر النيزكي الذي سقط من كوكب المريخ في الجنوب المغربي. غير أن هذا الإعلان يفتح المجال أمام العديد من الأسئلة حول الطريقة التي تم بها "تهريب" هذا الحجر النادر والثمين، والذي تتجاوز قيمة الغرام الواحد منه قيمة معدن الذهب بعشرات الأضعاف، من المغرب إلى فرنسا، ومنها إلى الولاياتالمتحدة قبل أن يصل إلى بريطانيا. جزء من هذا السر سرعان ما كشفت عنه صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، في حين لا تزال العديد من الأسئلة معلقة حول طريقة خروجه من المغرب. ففي مقال بعنوان "من المريخ إلى لندن، مع بعض التوقفات في الطريق"، كشفت الصحيفة عن الطريقة التي تم بها بيع الحجر النيزكي الذي سقط من كوكب المريخ فوق التراب المغربي، وبالضبط في منطقة "تيسينت"، التي تبعد بحوالي 60 كلم عن مدينة طاطا. وذكرت الصحيفة أن "داريل بيت"، أحد هواة جمع النيازك، كان قد اقتنى بعض القطع الصغيرة من نيزك "تيسينت"، لكنه عندما سمع بوجود قطعة تزن 1.1 كلغ من نفس النيزك في المغرب، قرر الحصول عليها بأي ثمن. يقول: "اتصلت بأصدقائي في المغرب، وبعثت رسائل إلكترونية إلى العديد من الأصدقاء في المغرب والذين تكونت بيننا علاقة ثقة على امتداد السنوات. لكنني فقدت الأمل تقريبا ويئست من إمكانية الحصول على ذلك الحجر. لكنني سأفاجأ بمكالمة من المغرب من واحد من أولئك الأصدقاء، وقال لي: 'لقد حصلت عليه'. وأردت فعلا أن يكون بين يدي." واستعان "بيت" بمساعدة صديقه "ديفيد غيسلين"، الذي يشاطره نفس هواية جمع الأحجار النيزكية، حيث وعده بتوفير الدعم المالي. وبعد العديد من الاتصالات بالمغرب، تم التأكد من أن الحجر فعلا حقيقي، وتم الاتفاق على المبلغالذي بلغ ملايين الدولارات، رغم أنه لم يكشف عن قيمة الصفقة. واتصل "بيت" برئيسة قسم النيازك بمتحف التاريخ الطبيعي بلندن، سارة راسل، ليطلع على رغبة المتحف في الحصول على ذلك الحجر. لكنه أدرك ضرورة التوصل به قبل مباشرة أية مفاوضات. واتصل مجددا بصديقه المغربي، الذي اتفق معه على موعد في العاصمة الفرنسية باريس، وتسلمه منه ثم عاد إلى نيويورك. والمثير في الأمر أنه في اليوم الموالي، ذهب "بيت" إلى عمله راكبا دراجته الهوائية، وحاملا الحجر الثمين في حقيبة فوق ظهره. لكنه في الطريق ارتأى أن يزور أحد أصدقائه الذي يشتغل منتجا في أستوديو "ذي كولبرت ريبورت"، لكنه لم يجده، لكن قبل المغادرة، فتح حقيبته وعرض الحجر على المسؤولين على الحراسة الذين لم يدركوا مغزى ذلك وعلامات الاستغراب بادية على وجوههم. وفي السابع والعشرين من يناير الماضي، سيبلغ المتحف البريطاني "بيت" بأن المبلغ المطلوب للحصول على الحجر قد تم توفيره. ورغم أنه لم يتم بعد الكشف عن القيمة الحقيقية للصفقة، إلا أن التقارير تشير إلى أن القيمة تفوق بعدة أضعاف مجموع الميزانية السنوية التي يخصصها المتحف للمقتنيات. وحسب مسؤولين من المتحف، فإن نصف المبلغ تم تقديمه من طرف متبرع مهووس بعالم الفضاء والنيازك، رفض الكشف عن هويته. وحل يوم الاثنين الماضي وفد من المتحف البريطاني بنيويورك لإتمام الصفقة وتسلم الحجر، الذي تم عرضه بقسم الأخبار الخاصة بصحيفة «نيويورك تايمز» قبل المغادرة نحو لندن.