انطلقت فعاليات احتفالات البحرين باختيار المنامة عاصمة للثقافة العربية للعام الجاري 2012 . وكانت وزيرة الثقافة مي آل خليفة قد أكدت عند إعلانها انطلاقة عام المنامة كعاصمة للثقافة العربية «إن الحدث الثقافي في هذا العام استثنائي ،ولا يقتصر على فعل وزاري ،بل نتيجة حتمية للتواصل بين المكونات الثقافية في المجتمع ،يتلون كل شهر من أشهر العاصمة الثقافة بصفة ثقافية مغايرة ، من أجل إبراز العدد الأكبر من المواضيع التي يحتضنها،والتي تتمثل في اثني عشر مسارا ثقافيا :» تشكيل ،عمارة ،تصميم، تراث،متاحف،شعر،فكر،تراجم ،موسيقي ،بيئة ،مسرح....» ويعكس كل مسار تيمته الثقافية من خلال ندوات و المحاضرات وورشات العمل ومعارض. وللعلم ،يجب التذكير أن آفاق الثقافة الجديدة في البحرين ،حديثة نسبيا ،وذلك بدءا من تأسيس رابطة الأدباء والكتاب البحرينيين سنة 1969 م ، انطلق معها الوهج الإبداعي المؤثر على الصعيد الخليجي و العربي ،وقد وجد صداه الفاعل في تشييد عدد من الصروح الثقافية الملازمة للفعل الثقافي ،يوجد في الصدارة منها مركزعيسى الثقافي ،أحد أهم و أبرز المؤسسات الثقافية في المملكة ،نظرا لما تحتويه من أقسام متعددة ،تقدم خدمات ثقافية متنوعة ،تسهم في عملية التبادل الثقافي و تدعم مسيرة الحوار الحضاري، وتجسد مكانة المملكة في المجال العلمي ،إلى جانب صروح أخرى احتفت برواد الثقافة و الفكر و الإبداع ،كبيت التراث،وبيت الشعر،وذاكرة المكان ،وبيت محمد ابن فارس رائد الصوت في الخليج العربي. و بمناسبة إعلان المنامة عاصمة الثقافة العربية،حرص مركز عيسى الثقافي برعاية الشيخ عبد الله بن خالد آل الخليفة رئيس مجلس الأمناء،على أن يستهل برنامج أنشطته لهذا الموسم بحفل موسيقي غنائي،بعنوان «فنون الأداء وجو الاستماع « هذا الحفل الذي كان مناسبة للاحتفاء بصوت صادح من المغرب، حيث الموسيقى في تجلياتها الرائعة ،الناهلة من التراث الموسيقي في أوج الحضارة العربية المستلهمة إبداعات فنون الأندلس الموسيقية والشعرية،هذا الصوت الذي صدح في أكثر من مكان من العالم و تألق في عدة إبداعات،معطيا أغنية العربية الحديثة مذاقا مختلفا،مسهما في أن يكون في الاستماع متعة روحية سامية المقام،انه صوت السيدة إحسان الرميقي الفنانة المغربية والمبدعة العربية التي يزخر فنها بتلك الروح العربية الشفافة والتي ظلت تحملها معها دوما وأينما حلت في أرض الله تلك الروح التي لولاها لما اجتمعت قلوب،ولا تم تواصل الأحبة على بعد المسافات . وقد أحيت الفنانة إحسان الرميقي أمسيتها الغنائية بمصاحبة فرقتها «زمان الوصل « المغربية الفرقة التي أسست منذ عقد من الزمن،حيث عملت على حفظ وأداء الأدوار و الموشحات بمنهجية وأكاديمية،بل واجتهدت في إيجاد القواسم المشتركة بين النوبات الشرقية والمغاربية ويترأس التخت المغربي «زمان الوصل « الموسيقار التهامي الفيلالي بلحوات،ويتكون من الآلات العربية الأندلسية : قانون ،عود ،ناي،كمان،كمان جهير ،و منشدين تميزت أمسية الفنانة المبدعة إحسان الرميقي بشهادة المختصين من النقاد والصحفيين المتتبعين ،بتلك الروح العربية الشفافة التي تعاملت بها مع الجمهور ،و قبل ذلك مع كل الذين سهروا على إعداد و تحضير فقرات الأمسية الغنائية،وهي الروح التي جعلت من الحفل الفني حفلا ناجحا بكل المقاييس،تألقت فيه الفنانة إحسان الرميقي ،كما تألق فيه كل فرد من أفراد فرقتها الفنية عالية الأداء،وليس في الأمر غرابة،فهي وحي ليالي الشعر والطرب الأصيل الذي تزخر به مدينة القصر الكبير، مدينة الفن والإبداع وبين أحضان حديقة فيحاء أقيمت بها ليال ضمت أصواتا شجية ، شدت وأطربت و تغذت بها مسامع الفنانة إحسان،فصارت تحمل بين طياتها أحاسيس فنية مشبعة بأرقى الأفكار وأبهاها وبذلك اختارت الفنانة اللون الراقي من الطرب صحبة مجموعة «زمان الوصل «، ذلك الزمن الذي يجمع بين عبقرية الشعر و شاعرية الغناء،ذلك المزيج الذي يترك الأثر في النفس و يصل إلى أعماق الروح،فتسموبه محلقة في سماء الإبداع ،سماء الحرية ،والحب والجمال . لقد غنت إحسان الرميقي وأطربت جمهورها وصدح صوتها في أبهاء مركز عيسى الثقافي،فنالت بصحبة فرقتها الإعجاب والتقدير وترحيب الحضور من النخبة :مثقفين،وفنانين وشخصيات عامة على مختلف المستويات،لقد ارتقت الفنانة وفرقتها بأدائها ومن خلال النصوص المغناة قصائد وموشحات بالأجواء إلى مستويات الإسماع المتحضر الراقي الذي يفتح للمؤدي بالصوت و الآلة الموسيقية،فضاء لا حدود له للتحليق والتألق والسمو . هنيئا للفنانة المغربية على ألقها وهنيئا من خلالها للفنانين و للفن الرفيع في بلادنا الحاضرة دوما بأصالتها و تفردها شرقا و غربا . وهنيئا للبحرين التي تؤكد أنها تستحق أن تكون عاصمة للثقافة العربية،كونها بلدا للثقافة أولا،وكون كل منجز فيها ،ثانيا ،صادرا عن وعي ثقافي يدرك راهنه و مستقبله.