رغم انضمام ليبيا مبكرا إلى عضوية الاتحاد الإفريقي لكرة القدم (كاف)، لم ينجح المنتخب الليبي لكرة القدم على مدار أكثر من أربعة عقود في تحقيق نفس المستوى من النجاح، الذي قدمته منتخبات الشمال الإفريقي، وظل الفريق بعيدا عن الإطار الذي يليق به في ظل المواهب التي شهدتها الكرة الليبية، خاصة في العقد الأول من القرن الحالي. وانضمت ليبيا لعضوية الفيفا في عام 1965 ولكن منتخبها لم يظهر في نهائيات بطولة كأس الأمم الإفريقية سوى مرتين سابقتين، كانت أولاهما في عام 1982 عندما استضافت بلاده البطولة، وبلغ الفريق المباراة النهائية التي خسرها أمام نظيره الغاني، ليحرز المركز الثاني في نجاح وحيد له على الساحة الإفريقية. وانتظر الفريق 24 عاما أخرى حتى ظهر في النهائيات للمرة الثانية من خلال بطولة عام 2006 في مصر، ولكن القرعة أوقعته في مجموعة صعبة للغاية مع منتخب مصر، صاحب الأرض والذي توج فيما بعد بلقب البطولة، والمنتخب المغربي ونظيره الإيفواري، الذي كان أحد أبرز المرشحين للقب وبلغ المباراة النهائية للبطولة. وفي الوقت الذي لم يتوقع فيه حتى أكثر المتفائلين للمنتخب الليبي أن يصل للنهائيات، فجر المنتخب الليبي (المحاربون) مفاجأة من العيار الثقيل، وتغلب على كل الصعاب التي واجهته، ليكون إحدى أبرز المفاجآت في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2012، ليتأهل إلى النهائيات رغم الظروف الصعبة التي مرت بها بلاده على مدار عام 2011. واستهل المنتخب الليبي مسيرته في التصفيات المؤهلة للبطولة بالتعادل السلبي مع مضيفه الموزمبيقي، ثم الفوز الصعب على ضيفه الزامبي 1 - 0 في عام 2010، قبل أن تندلع الثورة الليبية مطلع العام الماضي. ومع الظروف القاسية والحالة الأمنية الصعبة على مدار شهور استمرت فيها الثورة الليبية للإطاحة بنظام الزعيم الليبي السابق معمر القذافي، كان لزاما على المنتخب الليبي أن يخوض مبارياته الأربع الباقية في التصفيات خارج حدود بلاده. ورغم كل هذه الظروف، نجح الفريق في شق طريقه بنجاح منقطع النظير في التصفيات، حيث فاز على منتخب جزر القمر 3 - 0 ذهابا وتعادل 1 - 1 إيابا، ثم فاز على موزمبيق 1 - 0 وتعادل مع المنتخب الزامبي سلبيا، ليحتل المركز الثاني في مجموعته برصيد 12 نقطة مقابل 13 لزامبيا ويتأهل الفريقان سويا للنهائيات. وبرهن الفريق من خلال رحلته في التصفيات على أنه عازم على فتح صفحة جديدة في سجلات مشاركاته الإفريقية، تتزامن مع الصفحة السياسية والاجتماعية الجديدة التي تشهدها البلاد. وعندما يخوض المنتخب الليبي فعاليات الكأس الإفريقية، التي تستضيفها غينيا الاستوائية والغابون من 21 يناير الحالي حتى 12 فبراير المقبل، سيكون هدف المحاربين كتابة تاريخ جديد لهم على خريطة كرة القدم الإفريقية، وتكرار إنجاز يماثل إنجاز بطولة 1982. ومازال المنتخب الليبي هو الوحيد من بين فرق الشمال الإفريقي، الذي لم يفز باللقب القاري، ولكنه يأمل في تغيير هذه الحقيقة أو على الأقل المنافسة بقوة على التأهل للأدوار النهائية في البطولة القادمة، خاصة بعدما اعتاد اللعب خارج ملعبه حيث خاض خمسا من المباريات الست في مجموعته بالتصفيات خارج ليبيا. وبعدما ضرب الفريق بكل التوقعات عرض الحائط، ونجح في التأهل للنهائيات، يأمل المحاربون المتألقون بقيادة مدربهم البرازيلي ماركوس باكيتا في مواصلة النجاح بالنهائيات، والمنافسة على اللقب ليكون أفضل هدية للشعب الليبي بعد ثورته. وجنبت قرعة النهائيات المنتخب الليبي مواجهة المنتخبات العملاقة في الدور الأول للبطولة، حيث لا تضم مجموعته )الأولى) أيا من المنتخبات، التي سبق لها الفوز باللقب. ولكن مهمة الفريق لن تكون سهلة على الإطلاق، حيث يستهل مسيرته في البطولة بلقاء منتخب غينيا الاستوائية، صاحب الأرض، في المباراة الافتتاحية للبطولة قبل لقاء نظيره الزامبي في المباراة التالية، على أن يختتم مسيرته في الدور الأول بلقاء نظيره السنغالي العنيد، الذي أطاح بالمنتخب الكاميروني العملاق من التصفيات. وينتظر أن تكون الروح المعنوية العالية من أهم الأسلحة التي سيعتمد عليها الفريق في النهائيات، إضافة إلى الخبرة التي اكتسبها عدد قليل من لاعبي الفريق المحترفين في أندية عربية.