«فيلم قصير» و«حياة قصيرة» يجعلان من المخرج عادل الفاضلي رجل السنة السينمائي بامتياز. شريط من خمس عشرة دقيقة يفرض نفسه بقوة خارقة هذا العام، ويجول في كل أنحاء المعمور. من قال إن الفيلم القصير ماهو إلا تمرين للولوج إلى الطويل؟ أثبت لنا عادل، وأكد لمن في حاجة إلى تأكيد، أننا بالقصير نكون أكثر طولا في العمق الإبداعي والإبداع العميق. سنة 2011 هي إذن سنة الشريط القصير من خلال تحفة وجوهرة «حياة قصيرة» للفنان المجنون، المنضبط عادل الفاضلي. قوة الصورة، ميزة الموضوع، الهندسة الاحترافية في الصوت، حبكة السيناريو، تجانس الشخصيات، بلاغة الحوار، الكاستينغ المنقطع النظير بإدارة الممثلين على أحسن الوجوه.. كل هذا يجعل من الشريط استثناء حقيقيا هذا العام. وحين نجمع في ظرف زمني وجيز أسماء وازنة من قبيل عزيز الفاضلي ومحمد بسطاوي ومحمد خيي ومحمد الشوبي وبنعيسي الجيراري وعزيز الحطاب إلى جانب الممثل الكبير إسماعيل أبو القناطر، تكون الحكاية قد تمت بالفعل والقول وبالصورة وبالصوت.. ويكون أيها إبداع . هذا الشاب الوسيم، الشغوف بالفن السابع، أخذ وقتا بما فيه الكفاية ليقول: ها أنذا.... وليس الفتى من يقول كان أبي. ينتمي بحق إلى أسرة فنية، إلى جانب شقيقته الفنانة حنان، رائدة الفكاهة المغربية، حسب تقديرنا على الأقل. واثق الخطوة خرج عادل من معطف الأب الحنون، ورافع الرأس، ابتعد مؤقتا عن فساتين الأخت المحبوبة ليعطي درسا حقيقيا في الإخراج السينمائي بإبداع نادر. أخذ وقتا كافيا، قلت، لصقل الموهبة عبر أعمال تلفزيونية نالت الإعجاب من خلال التحكم في الكاميرا والأدوات السينمائية، ليطل علينا بشريط نال الجائزة الكبرى بمهرجان طنجة للفيلم القصير المتوسطي بمنافسة شرسة لتركيا وإيطاليا وإسبانيا والبرتغال وفرنسا والآخرين. حصل بسهولة فائقة على الجائزة الكبرى بمهرجان الفيلم الوطني بنفس المدينة، ومنذ ذلك الحين توالت الجوائز تلو الأخرى هنا وهناك.. في أوربا وآسيا وأمريكا وإفريقيا.. ويمكن الحسم بأن هذا الشريط القصير - الكبير هو الفيلم المغربي القصير أكثر تتويجا في تاريخ السينما ببلادنا. الفخر، الاعتزاز... ونحن بصدد كتابة هذه السطور تصل إلى عيوننا رسالة هاتفية مفادها أن الرجل العنيد حصد بمدينة وهران الجائزة الكبرى ختاما لفعاليات مهرجان الفيلم العربي هناك. ألف مبروك .. لجن تحكيم هنا وهناك بتنوع رؤى أعضائها وباختلاف مرجعياتهم وبتعدد جنسياتهم وأجناسهم .. كلهم يفصلون في كون الشريط يستحق ألف تنويه وألف تشجيع وأكثر من عشرات الجوائز .. فالشريط هاهنا ينطلق من الخاص إلى العام، ومن المحلية إلى العالمية ، والفضاء يؤطر السرد بكيفية لا حدود لجغرافيتها.. عادل .. إنه مفخرة السينما المغربية لهذا العام، وهذا تحصيل حصل .. وبعيدا عن المسابقات الرسمية، فقد افتتح هذا الشريط التحفة عدة مهرجانات كمهرجان فيلم الطالب، ومهرجان الرباط، وأخيرا مسابقة أفلام الطلبة بالمهرجان الدولي بمراكش مؤخرا، دون نسيان فوزه البطولي بمهرجان مرتيل بمشاركة أفلام من الدول الناطقة بالإسبانية، وفي كل مرة مرة، يتلقى صديقنا التحيات الزكيات والتهاني والتشجيعات من كل حدب وصوب، ومن كل فج عميق.. حبه للسينما لايوازيه إلا حب الوالدين، وحب الوطن الحبيب، فهاهو اليوم أمام تشريف، وأيضا أمام تكليف، والمسؤولية على عاتقه ليكون دائما في المستوى الذي أبان عنه منذ إطلالته الأولى ونحن فيه واثقون. وفي هذه السنة أيضا تبوأ مقعد عضو لجنة التحكيم لفيلم المدارس بمهرجان مراكش الدولي، وسيكون عضوا بلجنة تحكيم الفيلم القصير خلال مهرجان الفيلم الوطني بمدينة البوغاز، والبقية ستأتي ولا محالة. فهنيئا لك صديقي عادل، وإليك مني ألف تحية، وكل عام وأنت بألف خير.