حددت التعاضدية الفلاحية المغربية «مامدا» المساحة الإجمالية من الأراضي الفلاحية المزروعة بالقمح والمستفيدة من التأمين ضد التغيرات المناخية والمخاطر المرتبطة بها في 300 ألف هكتار غير أن المهنيين المتتبعين لهذا الملف عبروا عن استغرابهم لكون التعاضدية تروج لأرقام تضاعف المعطيات الحقيقية بحوالي 10 مرات وعبروا عن تخوفهم من أن يسفر التمادي في تضخيم المعطيات عن إصدار بلاغات توهم المتلقين بأن المغرب تحول إلى دولة مصدرة للحبوب. البلاغ الصادر عن التعاضدية ربط «المنجزات» المحققة بالإقدام منذ سنة 2001 على وضع مجموعة من الإجراءات التي تمكن من الاقتراب أكثر من الفلاحين والمزارعين، وعلى «وضع آليات ناجعة على مستوى الخريطة الترابية للأراضي الفلاحية إلى جانب نظام معلوماتي ملائم»، واعتبر أن هذه المنجزات مكنت من التعاضدية من مضاعفة حجمها مقارنة مع السنوات السابقة، وتجري حاليا دراسة مجموعة من المجالات التي من شأنها المساهمة في تطوير التأمين الفلاحي وأعلن انه يجري في الوقت الراهن تحديد مجموعة من المنتجات الخاصة في مجالي البستنة والتصدير. بالنسبة للمهنيين الذين استفسرناهم عن مدى استفادتهم من «مجهودات مامدا» فإن المعطيات المتوفرة لديهم تجعلهم يحددون مساحات حقول الحبوب المستفيدة من التأمين تتراوح بين 30 ألف و 40 ألف وحتى التوزيع الجغرافي يستثني المناطق الأكثر عرضة للمخاطر ويقتصر على المناطق التي تكون فيها المخاطر شبه منعدمة، أما مساحة 300 ألف هكتار الواردة في البلاغ فطالبوا بتحديد مواقعها لأن في ذلك أحد مقومات الشفافية التي تحد من عزوف الفلاحين عن التأمين على حقولهم، بل إن منهم من استحضر الفيضانات التي ألحقت أضرارا بليغة بالحقول والمواشي والممتلكات في الغرب ليتساءل عن دور شركات التأمين في مواجهة مثل هذه الحالات وعن الأنشطة التي قامت بها «مامدا» من أجل إشراك المنخرطين في اتخذ القرار. الفوارق القائمة بين ما تضمنه بلاغ «مامدا» وما صدر عن الفلاحين يطرح بحدة إشكالية العمل التعاضدي في المغرب، فبعد إدخال عدة تعديلات على نظام التأمينات بالمغرب تعرض نظام التأمين التعاضدي لهزات عنيفة كادت أن تسفر عن إفلاس تعاضدية التأمينات لأرباب النقل المتحدين MATU»أو على الأقل إدماجها في «مامدا»، ورغم أن المغرب تبنى خيارات استراتيجية من قبيل تحرير قطاع النقل الطرقي للبضائع و مخطط المغرب الأخضر، فإن العمل التعاضدي، الذي يعتمد في تقدم عدة دول كألمانيا وفرنسا، يواجه في المغرب عدة محاولات لنسفه، ولتفادي هذه المخاطر طفت على السطح ملفات التمثيلية في التعاضديات وخاصة في «مامدا» التي صار المهنيون يتساءلون بشأنها عمن يمثلهم في المجالس المسيرة ما دام أن مجموعة من المسيرين القدامى وافتهم المنية.لقد تعرضت شركات التأمين التعاضدي إلى عدة انتقادات من طرف الشركات التجارية للتأمين ومن المحقق أن الضبابية المعتمدة تجاه الفلاحين، تخدم في العمق مصالح من يؤاخذون على العمل التعاضدي استناده إلى المنافسة غير المتكافئة، وأمام تعدد المخاطر والمخاوف فقد يكون من المنطقي أن تلجأ التعاضديات إلى اعتماد أسلوب الشفافية تجاه المنخرطين لأنهم هم السند الأكبر لكل خيار استراتيجي قائم على العمل التعاضدي