غيّب الموت أول أمس الأحد عن 75 عاماً، الرئيس التشيكي السابق فاكلاف هافل، بعد أشهر طويلة من الصراع مع سرطان الرئة، الذي عانى منه بسبب مضاعفات إصابة صدرية، لم يُسمح له بالتداوي منها، خلال سنوات سجنه في الفترة السوفياتية (1977 1989). تولى هافل الحكم، إثر «ثورة الحرير» في تشيكوسوفاكيا سابقاً، سنة 1989 . ثم تولى رئاسة جمهورية التشيك، بعد استفتاء الانقسام السلمي عن سلوفاكيا، سنة 1992 . وفي عام 2003، اعتزل السلطة في نهاية ولايته الرئاسية الثانية، ليعود إلى حبه الأول: التأليف المسرحي، حيث ألّف عام 2007 مسرحيته «بصراحة ... كتاب ما بعد السلطة»، التي تناول فيها تجربة التخلي عن الحكم سلمياً. وقبل أن يصبح واحداً من أبرز دعاة الحريات ومهندسي التغيير الديموقراطي في جمهوريات أوروبا الشرقية، بدأ هافل مساره المسرحي تقنيّاً في فرقة هواة، عام 1960 . وتابع في الوقت ذاته دروساً مسائية، بشكل سري، بعدما منعه النظام الشيوعي من متابعة تعليمه بسبب أصول عائلته البورجوازية. وقُدّمت أول مسرحية من تأليفه «حفل في الهواء الطلق»، سنة 1963، وأدّت بطولتها زوجته أولغا، التي ظلت رفيقة دربه، على مدى أربعين عاماً، من زنازين الديكتاتورية إلى قصر الرئاسة. إلى جانب كتاباته المسرحية والصحافية المناهضة للتسلط، اشتغل هافل، طيلة عقد الستينيات، عاملاً يدوياً في مصنع للبيرة في براغ، ما خوّله أن يكون أحد القيادات النقابية التي تزعّمت ثورة «ربيع براغ»، عام 1968 . وبعد تدخل الدبابات السوفياتية لسحق الثورة، أطلق مقولته الشهيرة: «بإمكان الدبّابات أن تطحن الأزهار، لكنها لا تستطيع أن تلغي الربيع». واستمر بعد إحهاض الثورة في نضاله من أجل الحريات. عام 1977، سُجن على أثر إسهامه في تحرير «ميثاق 77» المطالب بالحريات. وفي المعتقل، ألّف كتابه المرجعي «سلطة من لا سلطة لهم»((1978 ، الذي نظّر فيه للثورة الشعبية السلمية، ما جعل اسم هافل يتحوّل إلى أيقونة لنضالات شعوب أوروبا الشرقية من أجل التحرّر، حيث أهداه بيكيت مسرحيته «الكارثة»، سنة 1982 . ووصف ميلان كونديرا مساره النضالي بأنه «أشبه بلوحة فنية ملحمية».