في رده على التبريرات التي علل بها الاتحاد الأوربي قراره بتعليق اتفاق الصيد البحري، أكد المغرب أنه ليس هو الذي كان دوما يطالب بتمديد هذا الاتفاق وإنما مكونات الاتحاد الأوربي، وعلى رأسها العديد من الحكومات وهي التي كانت تدفع في اتجاه التمديد الذي جاء في المرات السابقة استجابة لطلب ملح ومدعم من قبل الاتحاد الأوروبي في إطار رؤية استراتيجية مشتركة وشراكة فاعلة ومتضامنة بين المغرب والاتحاد الاوروبي . وقد رد المغرب على الدفوعات الثلاثة التي بنى عليها البرلمانيون الأوربيون مواقفهم، والتي لخصها البلاغ الصادر عقب التصويت، والتي تتعلق في المجمل ب 3 اعتبارات رئيسية أولها مرتبط بالجانب المالي، حيث يعتقد البرلمانيون أن ما يجنيه الطرف الأوربي من هذا الاتفاق لا يرقى الى حجم التحملات التي يجرها على ميزانية الاتحاد ، وثانيها يتعلق بالمجال البيئي ويدعي أن الاتفاق له تبعات بيئية على الثروة السمكية للمصايد المعنية ، وهو تعليل دافع عنه بالخصوص برلمانيو أحزاب الخضر. وثالث التبريرات وهو الذي أثاره المناوئون للوحدة الترابية لبلادنا ويزعم بأن التعويضات التي يجنيها المغرب من الاتفاق لا تنعكس بشكل جلي على قطاع الصيد البحري في المغرب، ويعنون بالتحديد الأقاليم الجنوبية. وقد سجل المغرب أن التعويض الذي يتلقاه مقابل هذا الاتفاق لا يتعدى 36 مليون أورو سنويا، ما يعني أنه لا يمثل وزنا كبيرا بالمقارنة مع ما تجمعه البواخر الأوربية من ثروات سمكية من مياهنا الإقليمية . ومعلوم أن الاتفاقية التي كان من المفروض أن تنتهي في مطلع السنة القادمة، كانت تسمح ل 119 باخرة أوروبية، أغلبيتها إسبانية وبرتغالية، بالصيد في المياه الأطلسية المغربية لمدة أربع سنوات، كما كانت الاتفاقية التي يزعم البرلمان الأوربي أنها غير متكافئة تسمح بولوج 20 سفينة لصيد السمك السطحي، و20 سفينة للصيد في الأعماق ذات حمولة تقل عن 40 طنا إلى المياه المغربية، للصيد التقليدي في الشمال، و20 سفينة للصيد التقليدي في الجنوب، أضيفت إليها سبع سفن للصيد في الأعماق، و11 قاربا، و17 باخرة للصيد بالصنارة، كما تم السماح للطرف الأوربي باصطياد حصة سنوية من 60 ألف طن بالنسبة إلى الصيد السطحي الصناعي، موزعة بصفة رئيسية بين سفن من أوروبا الشمالية، خصوصا من هولندا، وليتوانيا، وليتونيا، وألمانيا. وبالمقابل كان الاتحاد الأوربي يقدم للمغرب تعويضا ماليا إجماليا يبلغ 144 مليونا و400 ألف أورو، أي 36.1 مليون أورو سنويا، منها 5.13 ملايين أورو سنويا، مساهمة في تنمية وتأهيل السياسة القطاعية للصيد البحري، و75.44 مليون أورو لتحديث أسطول الصيد الساحلي، و25 مليون أورو لبرنامج سحب الشباك العائمة والمتحركة، والباقي مخصص للبحث العلمي، وإعادة هيكلة الصيد التقليدي، وتأهيل شبكات التسويق، وإنعاش الاستهلاك الداخلي، ومكننة وسائل الإفراغ، والتكوين. وبخصوص هذه الشروط التي وضعتها الاتفاقية في كيفية صرف التعويضات الاوربية، يؤكد المغرب أنه بذل جهودا غير مسبوقة لتطوير القطاع وبتطوير مخطط أليوتيس الذي يعد استراتيجية مندمجة وطموحة وشاملة لتثمين المنتوجات البحرية، وجعل قطاع الصيد البحري نشاطا فاعلا يتميز بالجودة، والنهوض بمختلف فروع قطاع الصيد البحري. أما بخصوص التبريرات البيئية، فإن المهنيين الاوربيين يعرفون جيدا ما يقوم به المغرب للحفاظ على التنوع البيولوجي للوسط البحري ومحاربة الصيد بكميات تتجاوز القدر المسموح به، والسهر على اعادة تنمية المخزونات، وحماية الأنواع البحرية المهددة والنهوض بصيد مستدام ومسؤول. الآن وقد قرر البرلمانيون إنهاء هذا الاتفاق دون اعتبار لكلفته الحقيقية والتي تتجاوز بكل تأكيد 36 مليون أورو،إذا أخذنا بالاعتبار الكلفة الاجتماعية والاقتصادية لهذا القرار، الذي سيضر بمصالح آلاف الصيادين الأوربيين وعائلاتهم، فإن المغرب بات مدعوا لمراجعة ملفاته مع الاتحاد الأوربي بما يغلب مصالحه فوق مصالح الجيران الأوربيين الذين هم في حاجة إليه في هذه الظرفية الاقتصادية أكثر من أي وقت مضى.