يكتسي التكوين أهميته من خلال إعداد اللاعب للاحتراف بأساليب علمية من كل الجوانب، سواء كانت أخلاقية أو تقنية أوذهنية، حيث يصبح اللاعب مشاركا حقيقيا في تلميع صورة النادي والبطولة التي يمارس فيها. كما أن التكوين يساهم بدرجة كبيرة في صقل مواهب الشباب من أجل تعزيز تشكيلة الفريق المكون من جهة، وجلب مداخيل مهمة في حالة انتقال هؤلاء اللاعبين إلى أندية أخرى مما يزكي أهمية الاستثمار في تأهيل العنصر البشري. ويعتبر أولمبيك خريبكة من الأندية الوطنية، التي كانت سباقة إلى اعتماد التكوين بشكل علمي وفق المعايير الحديثة، وبالضبط مند سنة 1994 بفتح أول مركز لتكوين اللاعبين بنظام نصف داخلي، يوفر تداريب منتظمة وفق برامج مدروسة ومحددة، مع توفير التغذية بعد كل حصة تدريبية. وكانت النتيجة بروز مجموعة من اللاعبين استطاعوا فرض أسمائهم بجدارة في البطولة الوطنية وبعالم الاحتراف. ويمكن أن نخص بالذكر صلاح الدين عقال وعثمان العساس وجواد أقدار وعبد الصمد رفيق وآخرين، حيث تناوب على التأطير عدد من قدماء اللاعبين المشهود لهم بالكفاءة كمحمد جاي وعبد الهادي حضار وسمير المليجي وعز الدين حنصل.... والذين استفادوا بدورهم من دورات تكوينية، أهمها تلك التي نظمها الفريق الخريبكي بتنسيق مع الجامعة الملكية لكرة القدم وأطرها أستاذ بلجيكي، ينتمي إلى المركز الملكي البلجيكي لتكوين الأطر الرياضية، بمشاركة طاقم مختص في الطب الرياضي والشؤون الإدارية والإعداد البدني. وتماشيا مع دفتر التحملات للبطولة الاحترافية، والذي ينص في أحد بنوده على ضرورة توفر الأندية على مراكز قائمة الذات، خاصة بتكوين اللاعبين بنظام داخلي مع ضمان التتبع الدراسي والتكويني للاعبين المنتمين للمراكز، عمل أولمبيك خريبكة على الاستجابة لهذا الشرط، خصوصا وأن المكتب الحامعي السابق كان قد وقع شراكة مع الحكومة من أجل بناء مراكز للتكوين، حيث استفاد الفريق الفوسفاطي من هذه الاتفاقية، ببناء مركز على مساحة ثلاثة هكتارات، ويتكون من بناية تتوفر على جناح خاص بسكن المتدربين والأطر وجناح آخر خاص بالتغذية والترويض الطبي، بالإضافة إلى قاعات التحصيل الدراسي والأكاديمي وملعب مكسو بالعشب الاصطناعي. وحسب مسؤولي الفريق فالمركز يوشك أن يفتح أبوابه قريبا في وجه 21 لاعبا، استطاعو اجتياز عملية الانتقاء بنجاح، والتي تمت تحت إشراف الأطر التقنية للفريق بتنسيق مع الإدارة التقنية الوطنية، التي شاركت بإطارين وطنيين من أجل إعطاء مصداقية لعملية الانتقاء. ويجمع مسؤولو الفريق الخريبكي على أن مستقبل الكرة الوطنية وكذلك المحلية رهين بنجاعة التكوين من أجل تعزيز الأندية بلاعبين بمواصفات عالية، تجعلهم قادرين على التنافس على أعلى مستوى، خاصة وأن التجربة أبانت بأن الاعتماد على انتدابات اللاعبين الأفارقة أصبحت لا تكلل بالنجاح في معظم الأحيان، بالإضافة إلى تكلفتها المادية الباهظة. نفس السلوك تلقيناه من مسؤولي مركز التكوين لنادي الجيش الملكي، والذي كما أشرنا في مناسبة سابقة، مازال يعاني من التراتبية العسكرية، وأن أسئلة الصحفيين غير مرحب بها لأنها «مؤسسة عسكرية»، ترى أين نحن من الحق في المعلومة والخبر؟وعندما تقرأ بعض أخبار هاتين المؤسستين في جرائد أخرى تعرف بأنهما لاتتعاملان بديمقراطية ومساواة مع كل وسائل الاعلام! مدخل تعريفي تقع أكاديمية محمد السادس على الطريق الحضرية في اتجاه مدينة الرباط، وعلى الطريق المؤدية إلى سلاالجديدة، وهي تقع على مساحة تقدر ب 18 هكتارا، وكان جلالة الملك محمد السادس قد وضع حجرها الأساس سنة 2008، وبلغت الكلفة المالية لتأسيس هذه الأكاديمية المتميزة في صناعة مواهب كرة القدم، 140 مليون درهم، وكانت بمساهمة مجموعة من المؤسسات الصناعية والتجارية. ونظرا لما تحظى به الأكاديمية من رعاية ملكية فإن جلالة الملك محمد السادس خصص لها دعما ماليا من ماله الخاص، كما أشرف على وضع حجرها الأساس، قبل أن يتم تدشينها سنة 2010. أكاديمية محمد السادس، التي يشرف عليها ناصر لارغيت المكون الرياضي المغربي، الذي اشتغل أكثر من 25 سنة في التكوين بأكبر المراكز الأوروبية (لوهافر، كان وستراسبورغ)، تم استلهام فكرتها من مراكز التكوين الاوربية. وتتوفر الأكاديمية على بنية تربوية ورياضية قادرة على استيعاب من 60 إلى 80 مستفيدا، تتراوح أعمارهم مابين 12 و18 سنة. ويتم قبول المستفيدين في الأكاديمية اعتمادا على مايتوفر عليه الشبان من مؤهلات نفسية وجسمانية. كما أن لارغيت قام بجولة عبر العديد من المدن المغرب، بحثا عن المواهب في كرة القدم. هذه العملية التي كانت أثارت بعض الاحتجاجات من طرف بعض الأندية المغربية، والتي كانت صرحت بأن ناصر لارغيت اعتمد في البداية على شباب وأطفال بعض مراكز التكوين، وهوالأمر الذي كان نفاه بشدة لارغيت. ومن حيث مستويات التكوين، الأكاديمية تعتمد ثلاثة أسلاك: المستوى الأول مخصص للأطفال المتراوحة أعمارهم مابين 13 و14 سنة، ويعتبر مستواهم مستوى تحضيريا للجوانب البدنية والتقنية والتربوية. عند نجاح أطفال هذه الفئة، فإنهم ينتقلون إلى المستوى الثاني ثم الثالث، وبعدها يتخرجون ويحترفون بعد بلوغ سن 18 سنة سواء للعب في البطولة الوطنية أو خارج المغرب. بنيات تحتية حديثة والاندماج من الاهتمامات حتى تكون هناك متابعة للمواهب التي يتم قبولها داخل الأكاديمية، فإنها توفر كل الشروط للشبان، الذين يتم قبولهم، وهكذا فإن الأكاديمية تتوفر على 30 غرفة مزدوجة: أربع غرف فردية، عنبران للنوم إضافة إلى قاعة للاستراحة والترفيه، مع توفرها على مطعم يسع لمائة شاب. أما القطب البيداغوجي فيتوفر على 10 قاعات للتعليم وقاعة للإعلاميات وقاعة لتعلم اللغات وقاعتين للطب الرياضي وأربعة مستودعات، إضافة إلى قاعة للتدليك، وعيادة طبية وحوض مائي للترويض بالماء. ومن حيث القطب التقني، تتوفر الأكاديمية على أربعة ملاعب تم إعدادها وفق معايير الاتحاد الدولي لكرة القدم، كما تتوفر على ملعب بالعشب الاصطناعي، وآخر ترابي، إضافة إلى نصف ملعب مغطى ومجهز بالإنارة. ومن حيث الأطر، فإن الأكاديمية تتوفر على مجموعة من المؤطرين التقنيين في كرة القدم، إضافة إلى ستة عشر أستاذا وطبيب واحد وممرضة. قالوا عن الأكاديمية جون بيار مورلان: الأكاديمية هيكل في غاية الأهمية في تصريح سابق لبيار مورلان أكد فيه بأن أكاديمية محمد السادس لكرة القدم هيكل في غاية الأهمية، وأن جميع مكونات المنظومة الكروية بالمغرب ستستفيد منها، خاصة الفئات الصغرى، لأنها هي الفئة المستهدفة، والتي ستكون أمام فرصة للتكوين اعتمادا على أسس علمية وحديثة. مورلان اعتبر الأكاديمية الطريق السليم نحو الاحتراف. وكان مورلان قد عبر عن رغبته في استفادة المدربين من الدروس التي تقدمها الأكاديمية، كما كان اقترح أن يكون هناك نوع من التعاون وتبادل الخبرات بين الأكاديمية، والمعهدالملكي لتكوين الأطر والمركز الوطني لكرة القدم، ومركز القوات المسلحة الملكية، لما لها من إمكانيات كبيرة في مجال التكوين. مصطفى الحداوي: لم يعد هناك مجال للعشوائية غداة تدشين الأكاديمية من طرف جلالة الملك محمد السادس، صرح مصطفى الحداوي بأنه لم يعد هناك مجال للعمل العشوائي في التكوين، وأن الأكاديمية ستفتح آفاقا واعدة للاعبين المغاربة من أجل ولوج باب الاحتراف من بابه الواسع، وتنبأ بمستقبل كروي زاهر للمستفيدين من التكوين داخل الأكاديمية، معللا ذلك بكون نجوم كرة القدم العالمييين هم خريجو مراكز التكوين والأكاديميات المتخصصة. وحتى لا تبقى الأكاديمية الوحيدة في مجال التكوين، ناشد الحداوي الأندية بإقامة مراكز للتكوين، كما طالب بخلق مراكزجهوية حتى يتسنى لمنظومة كرة القدم خلق تكوين عال قادر على إبراز لاعبين بمواصفات دولية.