1- ومضات الغرق: في بحيرة العميان ترقص أجساد طرية لا تحتاج لرؤية الضوء أو مصافحة النظرات يكفيها غرق العين المغلقة في أغوار البلل يكفيها أن تلمس هياكل المحارات المتموجة .. في بحيرة العميان ترتطم الطيور بغصن نابت على ضفيرة الضجر و تكتب عليه قصيدتها العذراء فتنولد بين الريح والنسيم أهزوجة عاهلة.. في بحيرة العميان تتجمع الحشرات المضيئة حول ضفدع حكيم لتتجرع منه نايات الكلام و سر الوجود و بعيدا ..بعيدا بين خدود الوحدة تفقس السماء غيمات مدمنة على الرحيل.. تمطر على جثة اليابسة أغنيات تائهة لازالت تبحث عن غروب صغير. بين خدود الظل تتوارى شهقات الخريف و تذوب الساعات في زئبق الخلاص . لا تهتم بما يهمسه الشراع للنورس الخائن ولا تترك لليلك المدعوك في جناح الغراب فرصة ليقنعك بمرافقة القمر كن سهما مسموما يخترق أحشاء الغابات ليجد الطريدة التي تنتظره و يذبحها بشكل حاسم كن فهدا يسابق الضوء المتكبر ويحمل على ظهره حرية متورمة بالنشيد كن حجرة لاتمل من السقوط و تناغم مع الهدير 2 - رقصة سمراء : الجذور البرية التي تتلاحم بانسجام مثير على طاولة الخريطة القديمة توقظ حاسة عاشرة منسية و تشعل دموعا عالقة بسقف الرعود فترقص الأشجار و تترنح الأنهار و أغدو نخلة طرية بأجنحة خضراء تحلق في المدى الأزرق الراعش وتنثر بذور الفرح والغواية على كائنات الواحة النائمة على ذراعي اليابسة ترقص امرأة افريقية بغنج و حرقة و تنزف...تنزف حتى يصير دمها شريانا هائجا يقتحم جسد الصحراء يصرخ العطش و تسقط الكلمات الغائمة في أحشاء العشب المحموم يصبح الندى فرقة افريقية بطبول و مزامير فتستيقظ الغابة من سباتها الجليدي الموسيقى تكبر و تكبر حتى تصير غيمة منتفخة لتبدأ القصيدة في جنونها المتوهج يزداد الإيقاع و تتوغل الأرجل في لحم الأرض لتشرك جثثا متعددة في رقصة الخلود يغرد الأزرق و يعرق الأحمر ويتفتت الأخضر فتتشابك الأيادي بالأغصان و الرؤوس بالثمار و الأصابع بأوراق الصبح و تهرب أحاسيس الحقد و الغضب مذعورة فيما ينتصب الحزن البهي واقفا بأناقة شاهقة يتلذذ دامعا بخفقة الخلود 3 - تلك الغرفة : في غرفتنا المزينة ببسماتك الضوئية تتسرب فراشات القبل و الحنين فيصطف الغيم جانبنا بأدب أنيق و تدثر أصواتنا نوارس زرقاء و بيضاء. بين تجاعيد السقف المحشو بقطن العناق تسيل دموع صغيرة ترقع الفراغات الكائنة بيننا لتنصهر أوراق الصحو و تتفتت الأغنيات. بعد مغادرتنا لارتشاف الرمادي و مصاحبة الإسمنت المؤلم تتسلل ظلالنا لترقص بوجع و سمو لتكمل حريقنا الأحمر الخالد . في تلك الغرفة الصغيرة نبتت قصائد في خدود السرير و وُلدت ألوان شهية و أحزان بهية تلك الغرفة التي وهبتنا جسدها المديد و ارتعاشاتها البحرية احتلت ما تبقى في الذاكرة من نسيان و تناسلت محاراتها على جسور الهواء و خصر الجنون الرائع تلك الغرفة التي لفظت بابها ونوافذها و شرفاتها لأنها تؤمن بالحب والحرية تلك الغرفة الأنثىاللغةالحرقةالقبلةالملاذالغرقالغابةاللذة ستظل لاصقة في كفي لتعلم أصابعي مداعبة القلق و صفع الأرق تلك الغرفة .....آه من تلك الغرفة 4 - يتعرى الحلم ليراوغني : سلام أزرق لروح حمراء في حديقة الكرز أروض أصابعي لتتعود على جلد النور و القصيدة تعسف في وهاد الذاكرة كيف للقصبة أن تخون صياد الأنهار العميقة؟ و أين سيذوب كل هذا النسيان ؟ لاترتشف سوى ماء النار حتى تجتاح اللسان حواس جديدة ولا تترك الحقل دون أن تضع قبلة الحصاد في خد الفزاعة العارية الزمن القاتل يعرف أنني أراه بعيون تتعجل لإغماضة خالدة أرميها في ركن لم تلسعه سلاحف الخراب بوجهي أغطي وجهي فانتظرني أيها الظل الهارب من جسدي فالحائط سيبتلعني بعد قليل. كم أنت حلو أيها الموت المدثر بفستان ليلي أخبرني متى ستفتح نوافذ القلق لأرمي قصائدي المتعبة و أغادر كل هذا الهدوء البنفسجي إلى الأبد أعرني يدك لأصافح الله و أتلقى حصتي من المقصلة حتى يتبخر الضوء الذي ربيناه منذ قرون أيها الموت الزاحف على جلد الأرض : التقط ما لفظته خطواتي الثملة دموع صفراء يد قديمة نهد امرأة مصابة بالحزن الأبدي خليط من التأوهات. في أقصى نقطة من حلمي تتراقص حروف مغتربة وتختلط بأحذية عابرين لمدن الشحوب والأغصان الرقيقة العالقة بشهوة دامعة النهايات تحضن بألم بهي قامة السرير المجنح وراء حائط مضيء تتوارى امرأة صامدة يسيل من فمها ذئب جائع ومن خصلاتها تتزاحم طوابير الموسيقى الكئيبة فستانها المشتعل المديد تتسلقه عقارب الغواية من ثغرها الحارق يسقط قمر صغير ويتدحرج حتى يصل لقدمي ويحدق في ملامحي حتى أغدو محارة أختلط بالقمر لنكسر زجاج النافذة ونرتمي في ضفاف بحر غريب والمرأة الصامتة تغمز لخناجر قريبة منا فتستيقظ جذور نائمة لتشكل بمفاصلها قاربا سميكا يحملنا لمكان يشبه الخراب وعندما ألامس ماء الجنون تنفجر الأمكنة من حولي ثم أموت و أصبح مرآة كبيرة لاتعكس سوى الصمت و السواد الصويرة/ نونبر 2011