يحترف بعض الزملاء الخيال السياسي بامتياز كبير ، ويرون ما يريدون أن يروه ، في قرار الاتحاد الاشتراكي المتخذ من قبل مجلسه الوطني، لا ما يقرره الاتحاديون والاتحاديات. وقد انطلقت ، يوم أمس آلة التخييل الإعلامي، حيث قرأنا في يومية «الصباح» «بالشمع الاحمر» تقطارا، أراد أن يكون ذكيا وهو يتحدث عن « قرار سيادي أو قرار مملى » ، وهو ما رددته أيضا يومية «المساء» في تناغم مثير عندما كتبت في عمود ««مع قهوة الصباح»»، أن الاتحاد أعلن «بطريقة لافتة» عن قرار المعارضة، كما أضاف صاحب العمود أن قرار المعارضة يطرح« تساؤلات حول خلفية قرار الخروج الى المعارضة واستقلالية هذا القرار ». توارد الخواطر بين «الصباح» و»المساء « هو الذي يطرح تساؤلات فعلية حول جدية تناول القرار الاتحادي والمسؤولية في تحليله بناء على معطيات الواقع السياسي، ونتائج الانتخابات و الآثار التي جناها الاتحاد، وتحليل كل ذلك من زاوية مصلحة البلاد ومصلحة الحكومة المقبلة نفسها، وتوازن السلطات في المغرب لما بعد 25 نونبر وقبلها 1 يوليوز. فهاتان الجريدتان هما اللتان ما انفكتا تكتبان «صباح مساء » أن الاتحاديين «استحلوا» المقاعد وأنها التصقت بهم حتى صعب عليهم إزالتها، وأقلامها هي التي كانت تردد على المغاربة ، صباح مساء، أن الاتحاد انتهى الى حزب حكومي. غريب أمر هذا التطاول الذي لا يعترف حتى بما كان أصحابه يقولونه. ولا يرى هؤلاء الإجماع الحاصل، من قاعدة الاتحاد الى قمته، حول هذا القرار. وقد كانت تلك اللحظة من اللحظات التي افتقدها الاتحاديون منذ سنين. وتناسى أصحاب العمودين أيضا أن الاتحاديين ظلوا منذ 2007، يناقشون، في كل لقاء وطني وفي كل منعطف، مسألة الخروج من حكومة الاستاذ عباس الفاسي. بل كانت الموضوع الذي يعود في كل مرة، الى درجة أن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ربط بين بقائه في الحكومة وبين مواصلة الإصلاحات السياسية، بعد رفع مذكرته. وعلى ذكر المذكرة، لما رفعتها قيادة الحزب بحثوا لها عن كل عيوب الدنيا، بما فيها الادعاء بأنها لم ..ترفع أصلا! وقتها كان الاتحاد الحزب الوحيد الذي «تجرأ» على ممارسة استقلاليته السيادية، من أجل رفع صوت الإصلاح. إذن لتكف الأصوات غير الأخلاقية وغير البريئة عن النفخ في صور الخيال السياسي والافتراءات. وقد تحدثت الصحافة أيضا عن مواقف وأسماء من داخل المكتب السياسي، كما حدث مع غياب حسن طارق عن المجلس الوطني ، والذي كان محكوما بأسباب محض عائلية ، في حين تم تأويل هذا الغياب تأويلا سياسيا بدون حتى العودة إليه واستطلاع رأيه. لقد تعبنا بالفعل من مثل هذه الممارسات التي لا تقيم للمهنية والجدية قائمة، وتسعى الى ترويج الترهات على أساس أنها تحاليل ومعطيات ومعلومات مضبوطة. إن السؤال هو: هل ستساهم هذه الصحافة في عملية التحول الكبير الذي تشهده بلادنا أم أنها ستلعب دورا آخر يراد لها أن تكون به خارج التحولات وضمن أدوات الضبط والتشويه؟ إن الذي يقول كلاما من قبيل «قرار المعارضة المملى »على الاتحاد ، عليه أن يفهم معنى هذا الكلام، على ضوء النتائج؟ فهل الذي يملي هو نفسه الذي اختار الرتبة الخامسة للاتحاد واختار لغيره رتبا أكثر تقدما؟ وهل الذي أملى موقف المعارضة، هو الذي أملى شروط المشاركة؟ إننا نربأ بأنفسنا من هذا الاستبلاد العام للشعب وللمغاربة. لقد اختار الاتحاديون بإجماعهم، ونقول بإجماعهم، قرار المعارضة، وكان اجتماع المكتب السياسي الذي يسبق المجلس الوطني قد حقق الإجماع حول الموقف الذي صفق له المجلس الوطني بإجماع وحماس لم نشهده منذ سنين. وكل خطاب غير ذلك هو خطاب الليل والترهات، والزمن كفيل بالكشف عما يقولون. ونغتنم المناسبة للتنويه بما كتبته «التجديد»، بقلم الزميل والمثقف المحترم مصطفى الخلفي ، والتي أعطت التفسير المحترم والجدي لقرار الاتحاد، عوض الصيد في الماء العكر والبحث في أوهام الكتابة الاختلاقية.