سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
في حوار مع عبد الواحد الراضي الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية .. حماية الديمقراطية لن تتأتى إلا من خلال المشاركة المكثفة في اقتراع يوم الجمعة
في عز الحملة الانتخابية كان للجريدة حوار مع عبد الواحد الراضي الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، سلط من خلاله الأضواء على مجموعة من القضايا ذات الارتباط المباشر باستحقاق الجمعة 25 نونبر 2011،الذي يشكل خطوة فارقة في تنزيل مقتضيات الدستور الجديد على أرض الواقع. } كيف مرت، في نظركم، الحملة الانتخابية لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية لاستحقاقات 25 نونبر؟ في اعتقادي إن الحملة الانتخابية لخوض غمار الاستحقاقات الانتخابية التشريعية مرت، في مجملها، في ظروف جيدة، بالنظر للطريقة التي خاض بها حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية هذه الحملة. لقد استطعنا، من خلال حملتنا التواصلية مع المواطنين، على مر أيام الحملة، أن نخلق جسورا بين الحزب والمواطنين، مكنتنا من تحقيق تجاوب متبادل في ما بيننا وبينهم ونلقى تعاطفا كبيرا مع حزبنا العتيق الذي له مكانة كبيرة لدى المواطنين، بالنظر للأسلوب الذي يتبناه في مقاربة القضايا ذات البعد الدولي والوطني وأيضا المحلي. إن المواطن المغربي يحتفظ في ذاكرته بعدد من المواقف النبيلة والشجاعة التي اتخذها الاتحاد الاشتراكي بخصوص عدد من القضايا ذات الارتباط اللصيق بالمواطن، سواء في امتداداتها المحلية أو الوطنية أو الدولية. } في هذا السياق، ما مدى تجاوب المواطنين معها؟ الحقيقة أن جانبا أساسيا من الحملة الانتخابية، التي يخوضها الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي يقوم فيها باستعراض محاور برنامج الحزب الانتخابي في جوانبه الاجتماعية والاقتصادية والثقافية...، تحول إلى حلقة نقاش مباشر مع المواطن جعلنا منها مناسبة لتعميق التوعية السياسية لدى المواطن بأهمية مكانة النائب البرلماني والدور المنوط به في السياق السياسي الجديد الذي يعيشه المغرب بعد الإصلاحات السياسية التي عاشها المغرب، وأيضا حول دور المؤسسة التشريعية، وأشرنا إلى أن هذه الاستحقاقات سيليها تكوين حكومة وأيضا تنظيم استحقاقات انتخابية أخرى، جماعية وإقليمية وجهوية وانتخاب الغرف ومجلس المستشارين، كما قمنا بتفسير رهانات هذه المرحلة الانتقالية لهذا التغيير الناتج عن مطالب الطبقات الشعبية، التي لقيت استجابة من طرف جلالة الملك محمد السادس، وأيضا من طرف الاحزاب السياسية والنقابات ومنظمات المجتمع المدني. } ما هي أهم مطالب المواطن المغربي من خلال تواصلكم اليومي معه في إطار التعريف بمضامين برنامج الحزب؟ إن النقاش مع المواطنين لا يخلو من طرح القضايا ذات الارتباط المباشر بحياتهم اليومية، وكثيرا ما تكون لحظة التواصل معهم خلال الحملة الانتخابية، مناسبة لهم لتجديد التأكيد على مطالبهم الملحة واستعراضها من جديد لأجل تحسينها. ومن بين القضايا التي تشغل بال المواطنين بشكل كبير ويأملون أن تشكل في منحاها المحلي قطبا أساسيا للسياسات الوطنية، توفير السكن اللائق، والربط بشبكة الماء الصالح للشرب ووصل العالم القروي بشبكة الكهرباء، وتوفير المدارس والشغل..، أيضا هي حاجيات ساهم حزب الاتحاد الاشتراكي، سواء من خلال تسييره للشأن المحلي أو تسيير الشأن العمومي، في تحقيقها والدفع نحو توفيرها بشكل واسع من خلال سياسات وطنية أو محلية عامة أو قطاعية. فقد أبان المواطن المغربي عن وعي كبير بقضاياه على اختلافها، وهو على بينة من مغزى هذه المعركة الانتخابية، وأبان عن انخراطه بجدية في مواصلة مسلسل التغيير الذي نادى به الاتحاد الاشتراكي، وبدأ منذ الخطاب الملكي للتاسع من مارس الماضي. } ما هي خصوصية الحملة الانتخابية للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية؟ الحقيقة أن ثمة تفاوتا كبيرا في ما بين البرامج الانتخابية المقدمة من قبل الأحزاب السياسية خلال هذه الحملة الانتخابية، وأيضا في ما يتعلق باللوائح المقدمة، إذ من بين ما يلاحظ فيها غياب التطرق لبعض القضايا المصيرية والأساسية ذات البعد الوطني والدولي. وفي هذا السياق أجدد التأكيد على أن الحملة الانتخابية لخوض غمار الاستحقاقات الانتخابية ليوم غد، التي يقودها حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، حملة تندرج في إطار حملة الاصلاح والتجديد والتغيير. فهذه الاستحقاقات تشكل جزءا من المسلسل الديمقراطي المغربي وامتدادا للإصلاحات التي عاشتها بلادنا منذ مدة، والتي همت الدستور، وقانون الأحزاب وقانون الانتخابات. كما أنها حملة انتخابية تندرج أيضا، في سياق تخليق الحياة السياسية. } ما هو السبيل لبلوغ التغيير والاصلاح؟ إن المواطنين المغاربة بكافة أطيافهم، قاربوا، منذ مدة، من خلال منتديات متعددة قبل الحملة الانتخابية وخلالها، دور البرلمان وآفاقه، وكذا مساهمته المستقبلية في إعداد القوانين التنظيمية من أجل تفعيل الدستور وتنزيل مقتضياته على أرض الواقع، وأيضا المسؤولية المنوطة بالبرلمانيين من أجل المشاركة في إعداد السياسة الاقتصادية والاجتماعية الجديدة ودور المؤسسة التشريعية في مراقبة الحكومة والعمل الحكومي. إن الميزة الأساسية التي طبعت مقاربة كل القضايا التي تهم المواطن المغربي في كل المجالات، كونها كانت مشاورات تمت بطريقة حضارية وديمقراطية. ونحن، في هذا الإطار، نلح دائما ونشدد على أن السبيل الوحيد لبلوغ التغيير وتحقيق الإصلاح، لن يتم الوصول إليه إلا من خلال الحوار وأيضا التوافق، وهي الميزة، التي طبعت أشغال اللجان خلال الإعداد لاصلاح الدستور والنقاش الذي عاشته بلادنا لمدة حوالي أربعة أشهر، حيث ساد التشاور والتوافق كل مراحل التداول، وهو الأمر الذي أفضى إلى إقرار الدستور بنسبة 98 بالمائة وجعل نسبة المشاركة في الاستفتاء تفوق 70 بالمائة. } هل الانتخابات التشريعية مواصلة للاصلاحات السياسية أم خطوة في أفق تعزيز الديمقراطية؟ أود هنا التأكيد على أن بلادنا لم تعش ما عاشته بعض البلدان العربية من حراك اجتماعي وسياسي، الأمر الذي جعل من المغرب نموذجا عربيا يحتدى، كونه قام بإصلاحات ديمقراطية، وهو أمر نابع من سداد حكمة القيادات في المغرب، سواء من طرف جلالة الملك محمد السادس، وأيضا من قِبل الاحزاب السياسية والنقابات ومنظمات المجتمع المدني. إن عزم المغرب إقرار إصلاحات دستورية وسياسية من خلال التشاور في إطار من الهدوء وإشراك الجميع، أمر شكل منه استثناء بين دول عربية لم تستطع أن تتلذذ بنعمة الحوار فسقطت في فخ التطاحن. وهنا لا يسعني سوى المقارنة مابين الوضع في المغرب وما يعيشه العالم العربي، خاصة تونس التي اعتبرت ثورتها الأقل أضرارا من مثيلتها ليبيا، التي دمرت وقتل فيها أكثر من 30 ألف مواطن، والوضع في مصر، حيث الامر لم يستقر بعد، ونفس الشيء في اليمن وسوريا، التي غابت فيها تقاليد الحوار والنقاش والتوافق. إن ما حدث في هذه الدول التي عاشت ثورات وحراكا سياسيا واجتماعيا داميا، هو عدم تمكن الجماعة المسيطرة على دواليب الحكم فيها من التأقلم مع النقاش الذي ساد بلدانهم والذي أطلقته القواعد الشعبية على حين غرة حول الاصلاح والتغيير، الأمر الذي جعل رد فعل الحكام حين إحساسهم أن هذه الأصوات تهدد مصالحهم، أن يكون عنيفا، ونحن نعلم أن العنف يولد العنف. وأود الاشارة إلى أن ما جعل المغرب يكون في منأى عن الأجواء الدامية التي عاشتها هذه الدول، وأن الذي حمى المغرب من نتائج من هذا القبيل هو تبني بلادنا للديمقراطية، وعلينا اليوم، نحن أيضا، أن نحمي هذه الديمقراطية، وحماية الديمقراطية لن تتأتى إلا من خلال المشاركة المكثفة يوم الجمعة في الانتخابات، لنبين للجميع أن ثمة سبيلين لحل المشاكل. فهناك الحل الديمقراطي والاحتكام إلى الشعب وإلى صناديق الاقتراع، وهناك الاحتكام إلى القوة والدبابات والمدافع. } ماهي رسالتكم للناخب المغربي اليوم؟ نحن إصلاحيون، ديمقراطيون واشتراكيون، والاشتراكية والديمقراطية تنبذ العنف، لهذا نريد، كما قلت، تحكيم صناديق الاقتراع، ونحن مع تكثيف المشاركة ونشر ثقافة وخيار الحسم من طرف المواطنين عن طريق الاحتكام لصناديق الاقتراع وليس عن طريق وسائل أخرى، وبالأخص العنف، وهذا أمر واضح بالنسبة إلينا. ويجب ان تكون ثقافة المشاركة وحل المشاكل بالتي هي أحسن وبالطريقة الديمقراطية، هي السبيل الأمثل لفض النزاعات، ونحن نحاول أن نزرعها ونعمقها. وما نعيشه اليوم، من خلال الحملة الانتخابية، هو عبارة عن تمارين ديمقراطية وخطوات أساسية سيتم تعزيزها ومضاعفتها مستقبلا. } هل ثمة تخوف من العزوف عن المشاركة في الانتخابات؟ إننا خلال جميع تجمعات مرشحي الحزب على المستوى الوطني، نؤكد على ضرورة المشاركة في الانتخابات، وشعارنا خلال هذه الاستحقاقات هو «مغرب المواطنة». فالمشاركة في الانتخابات وتفضيل تحكيم المواطنين، هو جانب من جوانب المواطنة وروح المسؤولية. إننا نلح على ضرورة تصويت الناخبين وتوجههم الى صناديق الاقتراع بشكل مكثف مبكرا. } ما هو الخطر الأكبر الذي يحدق بالانتخابات التشريعية الحالية؟ هي أخطار متعددة، للأسف، وليس هناك خطر واحد فقط، من بينها خطاب اليأس والتيئيس الذي ينادي بكون الانتخابات لن تغير شيئا، وهذا خطأ ، فإن الظروف بينت أن هناك تغييرا كبيرا، و أن هناك إصلاحا وتحسنا في الاوضاع. فعلى المواطن المغربي أن يتسلح بالتفاؤل، وأن يؤمن بالإصلاح. والممارس للسياسة يجب ان يكون مؤمنا بالتغيير، والذي لا يؤمن بالتغيير لا يجب أن يدخل غمار السياسة، وللأسف هناك من يدخل غمار السياسة ولايؤمن بمبادئ الإصلاح والتغيير. نحن نحاول أن نزرع بذرة التفاؤل في نفوس المواطنين، ويعيشون بالأمل وعلى الأمل... إننا نحن ضد العدمية والسوداوية للمستقبل وندافع عن الأمل. والخطر الثاني هو الفساد، وهو أمر خطير على الديمقراطية والانتخابات، فهناك من يستعمل المال، كما أشرتم الى ذلك، وهناك من يستعمل الكذب ولا يحترم لا القانون ولا الأخلاق، والهدف يبرر كل الوسائل، فهؤلاء خطر على الديمقراطية والانتخابات، لكون ممارستهم تشبه الممارسات المافيوزية. كما أصبحنا نعيش ظاهرة جديدة تتمثل في ظهور «تريتورات الانتخابات» الذين أصبحوا «محترفين في تنظيم الانتخابات»، إلى جانب مستعملي المال الحرام لشراء الأصوات، وسماسرة الانتخابات الذين يفسدون العملية الانتخابية. يجب الاستمرار في معركة محاربة الفساد وتخليق الحياة السياسية. } ما هو توقعكم لموقع الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بعد الخامس والعشرين من نونبر؟ موقع الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية سوف تفرزه نتائج الانتخابات وسوف تحدده صناديق الاقتراع، وهي التي ستبين مدى تجاوب المواطنين المغاربة مع برنامج الحزب، وهو أمر مهم سيمكننا من معرفة مكانة حزبنا على الخريطة السياسية وقدرتنا على التأثير في القرار. وعلى إثر ذلك سوف يتحدد موقع الحزب، هل سيكون الاتحاد الاشتراكي في موقع المشاركة أو المعارضة. إذن نحن ننتظر نتائج الانتخابات التي ستحدد طبيعة التحالفات، وذلك على ضوء تعيين رئيس الحكومة وأيضا طبيعة برنامجها ومدى انسجامه مع برنامج الحزب و الاصلاحات التي ينادي بها الاتحاد الاشتراكي. } ما هو تقييمكم للحملة الانتخابية الحالية، وهل يمكن القول إن المغرب تقدم في حملاته الانتخابية، وهل نجح في أن يجعل منها حملة نظيفة؟ أعتقد حسب ما يتناهى إلى علمنا، أنه لم يستطع المغرب، إلى حدود اليوم، محاربة الفساد الانتخابي بشكل كامل واستئصاله، غير أنه بالرغم من تسجيل بعض التقدم في القضاء على بعض مكامن الفساد، هناك بالمقابل مواطنون على المستوى الوطني، لا يزالون يشتكون من استعمال المال الحرام في الانتخابات. وأعتقد، بكل تأكيد، أن معركة القضاء على الفساد الانتخابي معركة طويلة المدى ولايمكننا أن ننجح فيها بين ليلة وضحاها، إذ يجب الاستمرار في العمل وبذل مزيد من الجهد لاستئصاله. وتحقيق انتخابات نزيهة نظيفة وأخلاقية أمر لن يتم إلا إذا ما واصلنا التأكيد عليها كمبادئ أساسية خلال الانتخابات الجماعية المحلية وانتخابات الغرف ومجلس المستشارين، الأكيد أنه لم يتم ، إلى حدود الآن، تجاوز كل النقائص ولم يضمحل بعد الفساد. غير ان خطوات ملموسة تسير في اتجاه القضاء عليه، الأمر الذي يمكن ان نستشفه أيضا من خلال تراجع الإدارة عن التدخل بشكل سافر لدعم المرشحين هنا وهناك، ولن نسمع إلا بشكايات واحتجاجات أقل وقعا مما سبق من الانتخابات. من الضروري أن نتفاءل ونعمل بشكل جدي لتخليق الحياة السياسية.