تعميق التعاون بين الدول وتعزيز آليات المراجعة والمراقبة والتتبع وتكييف القوانين المحلية لكل دولة مع المواثيق الدولية المرتبطة بمكافحة الفساد، هي أهم الركائز التي دعا إليها المشاركون في أشغال المؤتمر السنوي الخامس والجمع العام للجمعية الدولية لهيئات مكافحة الفساد التي انعقدت بمراكش يومي السبت 22 و23 أكتوبر 2011 بموازاة مع الدورة الرابعة لمؤتمر الدول الأطراف في الأممالمتحدة لمكافحة الفساد، التي تنطلق يومه الاثنين بمشاركة 400 مشارك يمثلون حوالي 80 دولة من مختلف أنحاء العالم. المشاركون تدارسوا الإمكانيات والشروط الكفيلة بتفعيل مقتضيات الفصل الخامس من اتفاقية الأممالمتحدة لمناهضة الفساد، خاصة فيما يتعلق باسترداد الموجودات والممتلكات، ومنع وكشف العائدات المتأتية من الجريمة من خلال تعاون دولي وثيق وعميق في مجال المصادرة، وإرجاع الموجودات والتصرف فيها، والاتفاقات والترتيبات الثنائية المتعددة الأطراف.. وكان عباس الفاسي رئيس الحكومة المغربية قد دعا في كلمة ألقاها نيابة عنه عبد السلام بو درار رئيس الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة إلى مواصلة الجهود لتمثين جسور التعاون الدولي البناء، خاصة في مجالات ترسيخ دعائم الحكامة الجيدة وتفعيل الإلتزامات القاضية بترسيخ الشفافية والنزاهة وتقوية المساءلة والمحاسبة وتكريس دولة القانون والعدالة، التي ترتكز على عدد من المبادئ والمتمثلة أساسا في ضرورة إخضاع الحكومة ومؤسساتها الرسمية لسلطة القانون التي تسمو على كل شيء . وذكّر الفاسي بأن ورش تخليق الحياة العامة قد حظي بالأولوية في برامج عمل الحكومة المغربية، مبرزا أن الدستور المغربي الجديد ينص في التصدير وفي عدد من نصوصه على تقوية مؤسسات دولة حديثة، مرتكزاتها المشاركة والتعددية وتعزيز أليات الحكامة الجيدة ومحاربة الفساد، وتنظيم المرافق العمومية على أساس المساواة في الولوج إليها ووفق مباديء احترام القانون والحياد والشفافية وتقديم الحساب عن تدبيرها للأموال العمومية وتصريح المسؤولين كتابيا بممتلكاتهم بالإضافة إلى إعداد ميثاق للمرافق العمومية يحدد قواعد الحكامة الجيدة المتعلقة بتسييرها وأشار رئيس الحكومة المغربية إلى أن المغرب عمل على إحداث لجنة وطنية لتحسين وتطوير مناخ الأعمال ببلادنا والوقاية من كل الممارسات الاقتصادية الشائنة، وكذا إحداث وحدة لمعالجة المعلومات المالية كآلية أساسية لمكافحة غسل الأموال والجرائم المالية، مضيفا أنه تم العمل على تقوية آليات الرقابة الداخلية للإدارات، من خلال تدعيم دور واختصاصات المفتيشيات العامة للوزارات . وأثار الفاسي الانتباه إلى الأهمية التي توليها الحكومة المغربية للمقاربة الوقائية والتحسيسية في تناول موضوع الفساد والرشوة، نظرا لوقعها العميق على المجتمع، ولاستهدافها السلوكات الفردية والجماعية من اجل تهذيبها وترتيبها على المباديء والقيم التي يجب أن يقوم عليها المجتمع.. ونبه عباس الفاسي إلى أن الإشكالية المطروحة هي وجود فارق بين الالتزامات التي تم التعهد بها والتطبيق الفعلي لها، مما يستدعي سن سياسات وطنية إرادية أكثر جرأة وحزما وإصرارا، تؤازرها مجهودات مكثفة على مستوى التنسيق والتعاوون الدوليين. وختم كلمته بالإشارة إلى أن الظرفية الراهنة تتطلب الانتقال إلى مرحلة التفعيل الحازم للالتزامات ومقتضيات الاتفاقيات والمواثيق الدولية، خاصة منها اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد، وتطبيق التدابير والآليات الكفيلة بمحاصرته. وأشارت جل التدخلات إلى أن العمل التشاوري يساعد على الاستجابة إلى طلبات وانتظارات المجتمعات في مكافحة الفساد مع ضرورة القيام بوضع نظم للمراجعة والتتبع بشكل فعلي والدعم المستمر والمتواصل لاتفاقية الأممالمتحدة لمناهضة الفساد، وأشاروا إلى ان التركيز على الفساد والرشوة سيمكن من تطويق كل الجرائم المرتبطة بهجه الجريمة.. وشددوا على تقوية العلاقات مع سلطات ومؤسسات محاربة الفساد بمختلف البلدان.. المؤتمر بحث سبل تفعيل وتعزيز التعاون الدولي بالاستناد إلى الدروس المستفادة من جهود التعاون السابقة في مجال مكافحة الفساد ونتائج آلية استعراض تنفيذ اتفاقية الأمم المتّحدة لمكافحة الفساد. هذا، وقد عرفت أشغال هذا المؤتمر عدة ورشات تم خلالها تدارس المواد المرتبطة بالفصل الخامس من اتفاقية الأممالمتحدة لمناهضة الفساد انطلاقا من المادة 51 المرتبطة بالأحكام العامة والمادة52 المتعلقة بمنع وكشف إحالة العائدات المتأتية من الجريمة والمادة 53 المعنية بتدابير الاسترداد المباشر للممتلكات، والمادة 54 المتعلقة بآليات استرداد الممتلكات من خلال التعاوون الدولي في مجال المصادرة والمادة 55 المخصصة للتعاون الدولي لأغراض المصادرة والمادة 56 المرتبطة بالتعاون الخاص. والمادة 57 الخاصة بإرجاع الموجودات والتصرف فيها والمادة 58 المعنية بوحدة المعلومات الاستخبارية المالية، ثم المادة 59 المتعلقة بالاتفاقات والترتيبات الثنائية والمتعددة الأطراف..