أكد الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان إدريس لشكر أن الدورة الأولى من السنة التشريعية الخامسة، التي سيفتتحها جلالة الملك محمد السادس يومه الجمعة، طبقا لمقتضيات الدستور، ستكون دورة «استثنائية سياسيا «، على اعتبار أنه سيتم خلالها تنزيل أولى الإصلاحات السياسية التي جاء بها الدستور الجديد. وأوضح لشكر، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء بمناسبة الدخول البرلماني لهذه السنة، أن دورة أكتوبر بالرغم من أنها دورة عادية، إلا أنها ستكون ذات طابع خاص، وذلك بالنظر إلى كونها تعد مدخلا لتنزيل الإصلاحات السياسية التي جاء بها دستور فاتح يوليوز، ولكونها «نتاج المنهجية التشاركية التي ارتضاها المغرب، ولاسيما في ما يتعلق بإصلاح فتح حوارا وطنيا انخرطت فيه كافة القوى السياسية» . وقال إن دورة أكتوبر تستمد أهميتها أيضا من الخطاب الملكي السامي الذي يفتتح به جلالة الملك عادة هذه الدورة، والذي يعد خارطة طريق يحدد فيها جلالته التوجهات العامة لاشتغال البرلمان، وهو ما يجعل منها دورة «استثنائية سياسيا» الدستور الجديد فتح الباب أمام إصلاح سياسي توافقي عميق. في هذا السياق، قال الوزير إنه بعد المصادقة على الدستور، فتح الباب على مصراعيه للإصلاح السياسي، موضحا أن الشعب المغربي صادق في إطار الاجراءات الانتقالية على «مطلب سياسي ظهر في الحراك الذي عرفه الشارع والمتمثل في الدعوة إلى حل البرلمان وتغيير الحكومة «. وبالفعل، يضيف الوزير، نصت هذه الاجراءات الانتقالية على أن هذا البرلمان سيستمر فقط من أجل الإعداد للاستحقاقات القادمة. فحتى هذا القرار، يضيف لشكر، تم اتخاذه في إطار منطق المنهجية التشاركية، حيث تم التوافق بالأساس على تاريخ25 نونبر كموعد لإجراء الانتخابات، وعلى القوانين المنظمة لها، وعلى إشراك القضاء، خاصة في ما يتعلق بتجديد اللوائح. وسجل أن تحديد تاريخ25 نونبر هو استجابة لمطلب شعبي بضرورة الإسراع بالتغيير، معتبرا أن «كل تباطؤ أو عدم المشاركة في العمل الجدي للاستعداد الجيد لهذا الاستحقاق سيكون كمن يرفض الإنصات لمطلب التغيير الذي رفعه الشارع» . فالحكومة، في نظر لشكر، «لا تتحمل لوحدها مسؤولية إنجاح هذا الاستحقاق على اعتبار أن تحديد هذا الموعد كان قرارا توافقيا، والمسؤولية جماعية، حكومة وأحزابا أغلبية ومعارضة، الكل مسؤول عن إنضاج الظروف من أجل بلوغ هذا الهدف» . وعن قول بعض المتتبعين للشأن السياسي إن الحكومة أبانت عن «ارتباك «لدى تحضيرها لهذا الاستحقاق، اعتبر الوزير أن الأمر ما هو في حقيقته إلا «إنصات مسؤول « من الحكومة للحركة المطلبية التي عبر عنها المجتمع، والمتمثلة في ضرورة التعجيل بالتغيير. وأضاف أنه تم خلال الدورة الاستثنائية بفضل جهد خاص بذلته الحكومة والبرلمان، التصويت على9 نصوص قوانين من أصل10 تمت برمجتها خلال هذه الدورة، على أن يتم البت في القانون العاشر الذي هو قانون التحفيظ العقاري مباشرة في الأسبوع الأول من الدورة التي تفتتح يومه . وبخصوص قرار التراجع عن تقديم قانون المالية خلال الدورة الاستثنائية، أوضح لشكر أنه تبين أن الحكومة والبرلمان مطالبان، بحكم إكراهات الوقت بإعطاء الأولوية لمناقشة القوانين المتعلقة بالانتخابات، وأن الحكومة تتوفر على إمكانية عرض هذا القانون للمناقشة والتصويت خلال دورة أكتوبر، وبالتالي تقرر إرجاء عرض المشروع إلى غاية هذه الدورة. دخول سياسي بأجندة تشريعية وانتخابية حافلة ولدى جوابه عن سؤال حول قدرة الأحزاب السياسية على التقدم بالسرعة التي تتطلبها المرحلة بمحطاتها الحاسمة، اعتبر الوزير أن الأحزاب ليس لها خيار آخر، مسجلا أن الدولة «ربما متقدمة على النخب السياسية في طموحها لتطوير العملية السياسية والديموقراطية» .وأبرز في هذا السياق «المقاومة التي تعبر عنها بعض النخب السياسية لدى تقديم اقتراحات في شكل مشاريع قوانين «، مشيرا إلى المقاومة التي تعرضت لها تمثيلية المرأة والشباب، وحتى الجزاءات التي تهم الإخلال بالنزاهة والشفافية في العملية الانتخابية، حيث إن هناك من اعتبر أنه مبالغ فيها، يقول الوزير. وسجل أن «مجتمعنا مازال فيه توجه محافظ على المستوى السياسي «، مقابل توجه يستشرف المستقبل ومنفتح وله مطالب كبرى، عبر عن نفسه في الشارع في ظرف معين وتمت الاستجابة له بالإصلاحات الدستورية والسياسية التي طرحتها الدولة، والتي ستلقى مما لاشك فيه مقاومات. تحالفات أم جبهة وطنية من أجل الديموقراطية؟ في هذا الصدد، قال لشكر إن المغرب يوجد الآن في مرحلة تنزيل الإصلاحات التي جاء بها الدستور الجديد، وهو ما يستلزم تكتل كل الذين تحمسوا له ودعموه في جبهة وطنية من أجل الديموقراطية، موضحا أن هذه المرحلة، التي تتم فيها مناقشة قوانين تنظيمية هامة، تتطلب الحفاظ على نفس القدر من التماسك الذي عرفته الأمة وهي تناقش القانون الأسمى للبلاد. «يتعين تأجيل التحالفات إلى ما بعد استحقاقات25 نونبر، فليس هناك ما يدعو للتحالف قبل الاقتراع الذي سيكشف عن التوجهات العامة للنتائج، وقتها الحاجة هي التي ستفرض على الأحزاب التحالف «، يوضح لشكر بصفته عضوا في المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. فعهد التحالفات التي تقوم بناء على التوجهات الإيديولوجية ولى في نظر لشكر. وبالنسبة للمغرب، فإن الحراك يفرض الانصات للمطالب الديموقراطية التي تم التعبير عنها، والتحالفات يجب أن تؤسس بناء على مواقف الأحزاب من قضايا كبرى معينة، وهو ما سيخلق مشهدا سياسيا قطبيا، فيه المحافظ والوسطي والتقدمي . وأضاف أن الاختلاف سيكون في تصور ومقاربة القضايا الكبرى كالجهوية، وتمثيلية المرأة والشباب، وأن ما رفع من مطالب سيجعل تحديد المواقع حسب من سيستجيب لها ومن سيقاومها ومن سيدفع إلى إبقاء الحال على ما هو عليه. وأبرز أن سقف المطالب العالي الذي عبر عنه المجتمع، والإجراءات التي تم اتخاذها لمحاربة الترحال والقطع مع جعل التمثيلية مطية للكسب والامتيازات، «تجعلنا في حاجة إلى برلمانيين محترفين أكفاء، نزهاء عازمين على تنزيل برامج حقيقة ومستعدين للعمل «، مؤكدا أن البرلمان المقبل سيكون أمام ورش من القوانين التي جاء بها الدستور ومجموعة كبيرة من تقارير هيئات الضبط والحكامة المنصوص عليها دستوريا. من جهة أخرى، يرى الوزير أن المسؤولية تقع الآن على عاتق المواطن المطالب بحسن الاختيار، والأحزاب المطالبة بتزكية مرشحين نزهاء يقطعون مع الممارسات التي تسيء للعملية الانتخابية، والدولة التي سيكون لزاما عليها محاربة الرشوة عندما يتعلق الأمر بإفساد العملية الانتخابية، مبرزا أنه إذا توفرت هذه الشروط «سنكون أمام أقل الخسائر الممكنة» . اليوم مع الأسفن يضيف لشكر، هناك تشكيك في الممارسة السياسية وفي الفاعل السياسي بشكل خاص، مجددا التأكيد على ثقته في أن التوجيهات الملكية والدينامية التي عرفتها الحياة السياسية مؤخرا، والمبادرات التي توخت إشراك المواطنين في النقاش عن طريق الإعلام، ستمكن البلاد من تطوير أدائها السياسي، والبرلمان من الاضطلاع بدور أساسي في هذا الاتجاه. وعبر عن أمله في أن لا تتكرر التجربة النمطية التي تتم فيها الجلسات (الغياب الفظيع، الترحال..) ليخلص إلى أنه «إذا استطعنا، على الأقل محاصرة هذه الظواهرن فإن البرلمان المقبل سيعيد الاعتبار للعمل السياسي، وسيسترجع المواطن ثقته في العملية السياسية وسيدرك بأن صوته ينتج قرارا وأن انخراطه في حزب ما سيكون له تأثير في الحياة السياسية للبلاد.