أشرف الحارس الدولي السابق محمد التاكناوتي رفقة الإطار عبد الحق لكتامي، على تدريب حراس المرمى داخل فريق المغرب الفاسي، وقد اشتغل بمدرسة المغرب الفاسي لمدة 16سنة. وكان هذا الثنائي وراء اكتشاف العديد من الحراس، الذين تألقوا بالبطولة الوطنية ومنهم من حمل قميص المنتخب الوطني، وهو اليوم مشرف على مدرسة الوداد الفاسي وفريقها الأول. ويرى التاكناوتي أن التدريب والتكوين أصبح علما يلقن ويدرس، وقد بادرت العديد من المدارس الكروية إلى التخلص من العشوائية والكلاسيكية، ليتعاقدوا مع أطر حائزة عن ديبلومات في مختلف التخصصات. وإذا أخذنا كنموذج مدرسة المغرب الفاسي، التي عرفت بتكوينها لحراس المرمى، نجد أن السبب في ذلك يعود بالأساس لإعطاء الكلمة لأطر ممرسة ولها تكوين وتجربة في المجال، لأن مدرب حراس المرمى، حسب التاكناوتي، يجب أن يكون على دراية ومعرفة بالتكوين، لأن هذا الميدان يتطلب جهدا كبيرا ومعرفة علمية بأسس التكوين الرياضي. وأكد المدرب التكناوتي، أنه في السابق كانت الأمور تلقائية وفطرية، ورغم ذلك كانت بعض الاستثناءات، عكس اليوم، حيث يمكن القول أنه بوجود الموهبة والاعتماد على التكوين العلمي يمكن «خلق» حراس من العيار الثقيل بمواصفات ومؤهلات بدنية وتقنية عالية، كما ينبغي الاشتغال على الجانب النفسي، لأن هذا العامل وحده يمثل 50 بالمائة من قدرات الحارس. وأضاف الإطار امحمد التاكناوتي بأن هناك عدة عوامل يجب أن يعتمد عليها المؤطر في تكوين الحراس المستقبليين بامتيازات عالية نذكر منها. * عملية الانتقاء، وتعتمد بدورها على أربع نقط: - المؤهلات البدنية - الموهبة - الرشاقة والخفة - طول القامة كما ينبغي على مدرب حراس المرمى أن يقوم بالكشف على معصم الحارس الشاب بأشعة الراديو لمعرفة مدى جاهزيته لهذه المهمة. ثم ينطلق بعد ذلك في المرحلة الأولى للتكوين، والتي يرى امحمد التاكناوتي، أن خلالها يجب أن يقف الحارس على أبجديات الحراسة بطريقة علمية سهلة وغير مملة حتى لا ينفر الصغير من التداريب، لأن الكل يريد في البداية أن يكون لاعبا أو هدافا، وليس حارسا للمرمى. كما يتعين على المدرب أن يعتمد في تكوينه للحارس على السرعة في التقاط الكرة والبديهة والقوة والتنسيق الحركي وقوة الانفجار عند الحارس، لأن كل هذه النقط يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار في سن مبكرة، وإذا افتقدها الممارس فإنه يصعب اكتسابها في سن آخر. وهذه العوامل، يقول التاكناوتي، هي التي «دربنا بها مجموعة من الحراس على امتداد 10سنوات، أعطت ثمارها وجعلت مدرسة المغرب الفاسي رائدة في مجال تكوين الحراس، يضرب بها المثل. هكذا كونت عبد الإله باكي، الذي قدم من رجاء بنسودة سنة 1994. والحارس كريم فكروش، الذي هو ابن المدرسة، وبدأ الممارسة في السن الثالثة عشر، ثم إسماعيل كوحا الذي جلبه للمدرسة أستاذ للتربية البدنية، نظرا لما لمس فيه من إمكانيات تم صقلها. وأيضا أمين البورقادي، الذي ولج المدرسة منذ نعومة أظافره، وقد مر بجميع الفئات رفقة أنس الزنيتي وكذلك محمد صخرة وعصام احلافي، وفي الطريق هناك جلال مصلح ومحمد الأطرش». والجميل - يتابع التكناوتي- أن جل هؤلاء الحراس حملوا قميص المنتخب الوطني في مختلف الفئات الصغرى، بل منهم من لعب للمنتخب الوطني الأول. «اليوم أشتغل بمدرسة الوداد الفاسي والفريق الأول، حيث قدمت كل معرفتي في المجال لحراس هذا النادي، الذي يضم أسماء شابة قادمة للدفاع عن شباك الواف، منها المهدي مفتاح والذيب نبيل والبورقادي محسن ثم فيصل وزكريا، وكلهم لا يتجاوز سنهم 17 السنة وهذا ربح للنادي». وحول سؤال عن ضعف حراس المرمى في البطولة الوطنية، قال التكناوتي بأن هناك حراسا في المستوى، إلا أن تراجع مستواهم راجع بالأساس لغياب مؤطرين مؤهلين ومختصين ولهم تكوين أكاديمي لكي يقوموا بصقل المواهب وتصحيح الأخطاء وتوجيه النصائح، لأن الغرور هو عامل أساسي في ضياع العديد من الحراس، أضف إلى ذلك عدم إيجاد من يوجههم للابتعاد عن الانحراف والعمل بجدية وحزم في التداريب، لأنه للاسف الشديد هناك العديد من الحراس يتدربون مع الفريق وهم في الأصل لاعبون وليسوا بحراس. ومن العوامل التي تؤدي إلى تراجع مستوى حراس المرمى، يرى التكناوتي، أن في مقدمتها غياب البنيات التحتية والأدوات البيداغوجية للعمل، ثم قلة حصص التدريب للحراس، وعندما «أقول الحصص أعني بذلك حصصا كاملة طيلة الأسبوع». لقد كانت هناك مبادرة رائدة من طرف الجامعة عندما تم تعيين المدرب الفرنسي جيل لتدريب حراس المرمى، «وقد أنجبت العديد من الحراس مثل الجرموني ولعرج واللائحة طويلة، بل إن هذا الإطار الفرنسي قام بعدة دورات تكوينية لمدربي الحراس إلا أن تجربة أقبرت في مهدها نظرا لغياب الإمكانيات المادية والمعنوية وللصراعات، التي كانت تعرفها أروقة وكواليس الجامعة». من جهته مدرب حراس مرمى فريق المغرب الفاسي، عبد الحق لكتامي، والذي بدوره كان من وراء العديد من الأسماء البارزة داخل المغرب الفاسي، فقد أكد أن مدرسة الماص التي أنجبت الحارس محمد الابيض ثم حميد الهزاز وبعدها لكتامي والتكناوتي، اللذين سهرا على تكوين العديد من الحراس المتميزين قادرة على إنجاب البديل المستقبلي للمنتخب الوطني، نافيا أن تكون هناك أزمة حراس مرمى بالبطولة الوطنية، معتبرا أن جل الأندية اليوم تتوفر على حراس في المستوى، وأن غياب الأهداف الكثيرة راجع بالأساس إلى نضج الحراس وتألقهم. فأغلب الأندية المغربية اليوم أصبحت تتوفر على مدرب للحراس، حاصل على الديبلومات التي تخوله أداء مهمته على نحو علمي، ويعمل بطريقة حديثة وأكاديمية في التكوين والتدريب، مما جعل المنتخب الوطني اليوم يتوفر على ثلاثة حراس للمرمى من البطولة الوطنية، ويمكنه أن يتوفر على أكثر، لأن المستوى التقني والبدني والجسماني لكل حراس البطولة الوطنية في المستوى المطلوب، يبقى على الأندية أن توفر ظروف العمل وعلى وضع ثقتها في الشبان، لأنهم الأمل والمستقبل.