عادت حدة ووثيرة الاعتداءات والسرقات إلى الارتفاع، وباتت مشاهد النشل أو ما يسمى ب " القراطاج"، واعتراض سبيل المارة من أجل سلبهم ما بحوزتهم تحت التهديد بالسلاح الأبيض، بل وحتى باستعمال الأسلحة النارية، أمرا شبه عادي بشوارع ، ودروب، ومختلف أحياء العاصمة الاقتصادية، التي صار التبضع والتجول، وحتى السير اليومي بطرقاتها من وإلى المنازل أو مقرات العمل أو المدارس لايخلو من مخاطر، وأصبح تناقل أخبار سقوط قتلى وضحايا تحت رحمة السكاكين أمرا عاديا كما لو تعلق الأمر بحديث حول انعدام النظافة أو انقطاع التيار الكهربائي ... أو أي أمر آخر، وذلك رغم الحملات الأمنية التي تقوم بها مصالح الشرطة، والتي تم التكثيف من حدتها في الآونة الأخيرة عقب زيارة المدير العام للأمن الوطني لولاية أمن الدارالبيضاء، والتي خلصت إلى استهداف الدراجات النارية كإجراء احترازي ووقائي، إلا أن ذلك لم يحد من اتساع رقعة الجريمة وليس الظواهر الانحرافية، بفعل استمرار نشاط مروجي الخمور، وأقراص الهلوسة و "السلسيون"، بمختلف المناطق، الذين لم تطلهم أيدي العدالة لعوامل متعددة ؟ مسلسل الاعتداءات اليومية أصبحت تؤرق مضجع المواطنين الذين أصبحوا يضعون أيديهم على قلوبهم وجلا وخوفا كلما تأخر فرد من أفراد أسرهم عن العودة إلى المنزل في الوقت المعتاد، وأصبحت لذة النوم هي الأخرى مفتقدة بعدد من الأحياء، حتى صار الأمن مطلبا للشعب الذي أصبح يصرح علانية "الأمن قبل الخبز" في كثير من المجالس والمنتديات حيث يثار نقاش التسيب الأمني الذي تعرفه الدارالبيضاء. ففي منطقة الحي المحمدي تعرض أحد المواطنين " حسن.م " وهو من قاطني كاريان الرحبة مؤخرا إلى اعتداء شنيع من طرف شخصين أو 3 وفق ما يتداوله السكان، وذلك بسبب محاولة سرقة ملابسه وهي عبارة عن حذاء رياضي، سروال دجين وجاكيط، وحاول المسكين مقاومتهم رغم أنه ليس بمقدوره سوى تحريك يد واحدة، فكانت النتيجة إصابته إصابات بليغة على مستوى الرأس والوجه، وظل مرميا في الخلاء لمدة طويلة قبل أن ينقل إلى مستعجلات مستشفى محمد الخامس حيث تم رتق الجرح، دون أن يزول خطر المضاعفات، فتم نقله من جديد إلى مستشفى 20 غشت حيث لفظ أنفاسه. وجدير بالذكر أن كاريان الرحبة والخليفة وكاسطور أصبحت نقطا سوداء تعرف انتشارا واسعا لمستويات الجريمة، سيما بالرحبة حيث يباع مخدر/ لصاق " السلسيون" الذي يتم مزجه بأقراص القرقوبي التي يتم اقتنائها من سيدي مومن، علما بأنه تسجل تدخلات أمنية بين الفينة والأخرى لمنها تبقى غير كافية، حيث تم مؤخرا اعتقال احد المتخصصين في اعتراض سبيل المارة وهو المسمى "طارق". جرائم القتل تواصلت بالدارالبيضاء وتحديدا بمنطقة الحي الحسني حيث أقدم شخص نهاية الأسبوع الفارط على قتل شريك له، بعد أن اختلف 3 لصوص على كيفية توزيع ما تم تحصيله من سلسلة سرقات، وكانوا جميعا تحت تأثير المخدرات منهم من تناول القرقوبي ومنهم من تجرع الخمر، فتمت تصفية أحدهم في آخر المطاف، فيما المروجين هم حرين طليقين ؟ وبدرب السلطان وقعت جريمة أخرى مطلع الأسبوع الجاري على إثر خلاف حول " ولكمان" رفض أحدهم إرجاعها لصاحبها فسدد إليه طعنة بواسطة سكين على مستوى القلب. وقبل ذلك بعين الذئاب وقعت جريمة قتل أخرى عقب سهرة ليلية بإحدى العلب، وتورط فيها حارس ليلي. وبمنطقة اسباتة بدرب "افريحة" وزنقة العربي البناي أقدم أب في الستينات من عمره في حالة سكر طافح على توجيه ضربة إلى عنق إبنه وهو في العشرينات من عمره بواسطة آلة حادة متسببا في وفاته، وذنب الإبن في ذلك أنه كان يحاول ثني والده عن الاستمرار في العربدة بالحي مثيرا انتباهه إلى أن الناس تسخر منهم، ويطلب منه الدخول إلى المنزل ؟ فصول الاعتداءات تكررت، ليس بالشارع العام لوحده وإنما حتى بداخل حافلات النقل العمومي، إذ صعد ثلاثة أشخاص مساء الثلاثاء حوالي الساعة السادسة والربع مساء على متن الحافلة رقم 81 القادمة من وسط المدينة على مقربة من دار التوزاني بمحج محمد السادس، وشرع إثنان منهم يوجهون الثالث الذي كان في وضعية تخدير ويرتدي سترة شتوية ويغطي رأسه، وهو في الثلاثينات من عمره ذو سمرة خفيفة، بينما الاثنان يبلغ سنهما حوالي 25 سنة، وذلك لاستهداف عدد من النساء والفتيات عبر تهديدهن بألفاظ نابية وهو يمسك بشفرة بين أصابعه، حيث تمكن من تجريد عدد من الراكبات من هواتف نقالة ومبالغ مالية، ثم غادروا جميعهم الحافلة بشكل عادي. بساطة تكررت في عمليات للسرقة طالت مستعملي سيارات بشارع لاكروى، وما تزال تطال عددا منهم وذلك بفعل الاختناق المروري الذي يشهده هذا الشارع في اتجاه شارع الفداء، حيث يعمل عدد من اللصوص قادمين من حي درب الكبير وعدد من الأحياء الشعبية المجاورة على سرقة الهواتف النقالة للركاب وحدائق النساء النسوية ويغادرون المكان بهدوء، إذ يتعذر على الضحية تعقبهم وترك سيارته متوقفة في الشارع العام ؟ ويوم الأربعاء الأخير اعترضت دراجة نارية من نوع سكوتر سبيل شابة رفقة والدتها وحاول صاحبها انتزاع محفظتها مما أدى بالفتاة إلى الصراخ لطلب النجدة وذلك بشارع ابن تاشفين حوالي الثالثة والنصف على مقربة من إحدى محطات البنزين في اتجاه شارع حسن العلوي، فهرع شخص مسن كان يدفع دراجته النارية بيديه لمحاولة إنقاذها فإذا بدراجة نارية مماثلة تتوقف وعلى متن 3 شبان في العشرينات من عمرهم ولاتبدو على ملامحهم ما يحيل على أنهم لصوص واستل أحدهم سكينا من الحجم الكبير لوح به في الهواء مهددا الرجل، فلاذ الجميع بالفرار! وقبل ذلك بأيام تعرض مستشفى الأمراض الجلدية بعين الشق بشارع برشيد للسرقة، ونشلت سلسلات ذهبية ومحافظ يدوية لشابات ونساء بالقريعة، وقرب مرجان، وبحي الفرح، ودرب الفقراء، كما استهدف زبناء وكلات بنكية أمام شبابيكها النقدية، وكذلك الأمر لضحايا سقطوا في حي مولاي عبد الله بتاريخ 24 غشت حيث سلبت سيدة سلسلتها العنقية، هذا الحي الذي سبق وأن شهد مقتل شاب حاول الدفاع عن خطيبته بعد تعرضها للسرقة، ليستمر مسلسل السرقات وترتفع حصيلة القتلى ضحايا الاعتداءات. وبالوفاق بالحي الحسني أصبحت المنطقة بؤرة توتر تعج بمروجي المخدرات بكافة اصنافها، من خمور، وقرقوبي، وشيرا، وصارت أزقة الحي تشهد تطاحنات يومية، أبطالهتا منحرفون، وبعض اليافعين والشباب من سائقي " الكراول"، وبات ليل "عكاشة إسما على مسمى، تحت رحمة المنحرفين والمدمنين الذين حولوا حياة الناس إلى جحيم. المواطنون أصبحوا اليوم أكثر من أي وقت مضى يطالبون بخطة أمنية محكمة وفاعلة هدفها ليس القبض على المجرمين والقتلة بعد تصفيتهم لضحاياهم وإنما، الحيلولة دون وقوع مثل هذه الجرائم بالعمل بالضربات الاستباقية التي ترتكز على تجفيف منابع ترويج المخدرات بكافة أنواعها، وتشديد حملات المراقبة وتدقيق الهويات وتنقيط الأشخاص، ومراجعة الكيفية التي يتم التعامل بها مع المساجين داخل المؤسسات السجنية التي من المفروض ان تصلح وتقوم سلوكات الأشخاص لا أن تنتج مجرمين دخلوا إلى السجون في قضاي صغرى، فغادروها وهم محملين بالكثير من الخطط الإجرامية؟