ففي المقالة السابقة (الورقة رقم 15) تعرفنا على أطروحة جيل كيبيل التي تدور حول موضوع توسيع الحركات الأصولية ثم أفولها وانحدارها. وفي كتابه الجديد «الفتنة : حرب داخل الإسلام « الصادر سنة 2004 ، يطلعنا كيبيل بأطروحة جديدة تكمل ما جاء في كتاب «الجهاد « يأخذ فيه بعين الاعتبار المستجدات التي حصلت منذ 11 سبتمبر بالإضافة إلى ما حصل بعد انفجار مدريد حيث ارتكبت الأصولية الراديكالية جريمة نكراء تحت اسم «غزو الأندلس « . وفي تحليله الأكثر عمقا وإضاءة ، يدرس المؤلف العوامل الداخلية والخارجية العربية- الإسلامية والدولية التي أدت إلى تلك الجريمة النكراء التي هزت العالم هزا .وليس أمريكا فقط . ولكي يتوصل الباحث الباحث إلى ذلك يدرس التفاقم الخطير آو الانسداد الرهيب الذي طرأ على الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي بعد فشل معاهدة أوسلو .. كما درس صعود المحافظين الجدد في أمريكا إلى السلطة، هؤلاء ليسوا محافظين بمعنى المحافظة على الواقع كما هو بل هم يريدون تغيير العالم وخاصة منطقة الشرق الأوسط (135). فقبل أن يدخل هشام صالح في مناقشة أطروحة جيل كيبيل الأساسية للكتاب يعدد عناوين الفصول لكي يأخذ القارئ فكرة عن الهيكلة العامة للكتاب . فبعد المقدمة ، نجد مدخلا بعنوان «فشل سلام أوسلو « وبعد ذلك نجد ستة فصول ثم خاتمة . الفصل الأول يحمل عنوان «ثورة المحافظين الجدد « وهنا يقدم المؤلف لمحة تاريخية عن صعود هذا التيار الفكري ? السياسي في أمريكا منذ ستينات القرن الماضي وهو تيار احدث قطيعة كبرى في السياسية الخارجية الأمريكية القائمة على الدبلوماسية الحذرة وواقعية كيسنجر وبوش الأب وكولين باول وغيرهم وانتقل بها إلى مرحلة جديدة ، مرحلة تغيير موازين القوى في الشر ق الأوسط بالقوة . أما الفصل الثاني من الكتاب فنجد العنوان التالي «ضرب العدو الأبعد «وهي عبارة مستمد من كتاب الرجل الثاني في تنظيم القاعدة الظواهري في كتابه «فرسان تحت راية النبي « يقوم كيبيل بتحليل هذا الكتاب للظواهري ويبني عليه أطروحته الأساسية وملخصها هو التالي : بعد أن يئس الأصوليون الدمويون من تغيير الأوضاع داخل البلدان العربية وقلب العدو الأقرب - أي الأنظمة الحاكمة - قرروا ضرب العدو الأبعد أي أمريكا التي يتهمونها بدعم هذه الأنظمة . أما الفصل الثالث فهو يتحدث عن كيفية مطاردة القاعدة من قبل الأمريكيين وكيفية القضاء عليها . من دون ان ينجحوا في ذلك . أما الفصل الرابع فيحمل عنوان « الجزيرة العربية تحت عين الإعصار» ،في حين أن الفصل الخامس فهو مكرس للحالة العراقية التي فجرت كل التناقضات في المنطقة. أما الفصل السادس والأخير فيتحدث عن» معركة أوربا « أي المعركة الدائرة حاليا بين تيارين في الإسلام الأوربي: تيار الانفتاح والحداثة وتيار الانغلاق والتزمت الأصولي (137).