ربما الأجواء الروحانية وحدها التي توحي بأن الجديدة تعيش زمن رمضان الأبرك فلا انشطة ثقافية ولا إجتماعية بإستثناء توزيع بعض الإعانات على المحتاجين والفقراء من طرف بعض المحسنين والمؤسسات الإجتماعية ولعل أبرزها المساعدات الرمضانية التي توزعها دولة الإمارات العربية المتحدة على محتاجي الجديدة والتي تعتبر مساعدات محترمة فبإستثناء التيه بشوارع المدينة ذهابا وأيابا فلا جديد في عالم الجديدة ليالي رمضان تشبه صباحاته مرت أيام دون أن تعرف الجديدة ادنى نشاط ،ينم عن حركية سواء من الجهات الرسمية أو الشعبية تخرج المدينة من سباتها العميق خاصة وان هذا الشهر الأبرك يصادف فصل الصيف فالجديدة،أضحت تعيش صمتا مطبقا وكأنها مدينة أشباح بعد أن كانت رائدة في المجال الثقافي طيلة السنة، حيث أن الجمعية الثقافية كانت منارا حقيقيا يضىء درب المثقفين وأبناء المدينة ومحطة أساسية للنقاش والجدال مع أسماء كبيرة من كل العوالم قبل أن يتم إغلاقها ذات مساء وهي العملية التي لا يمكن اعتبارها إلا تدميرا لذاكرة المدينة والتي كانت تحوي مثقفيها وسياسييها وغيرهم ليتم بعد ذلك تفريخ عدد لايستهان من الجمعيات التي ولدت بدون روح وهي الوضعية التي جاءت بنتائج مخيبة للآمال حيث ظلت المدينة تعيش على وهم الثقافة الموسمية أما ترسيخ ثقافة الاستمرار فلاوجود لها وبالتالي ظلت الجديدة عبارة عن مدينة تعيش على نعيق صيف بارد لتظل الجديدة عبارة عن مدينة صامتة ودون أن تفكر في أنشطة تحترم قدسية هذا الشهر فاتحة بالتالي المجال أمام مقاه الشيشا وطاولات القمار وإستهلاك المخدرات ويبقى الرهان على مهرجان ملحونيات التي بإمكانه إعادة بعض من بريق الجديدة خاصة وأن الرهان على أسماء معروفة في عالم الملحون كما أن هذا المهرجان الذي سيستمر لمدة ثلاثة أيام في حاجة ماسة الى إدارة تضبط أعصابها وخبيرة بدواليب التعامل مع كافة مكونات المجتع خاصة وأنه سيعقد خلال أواسط رمضان عادات في طريقها الى الإنقراض كما للمدن المغربية عاداتها وتقاليدها، فالجديدة هي الأخرى لها من العادات والتقاليد الكثيرخاصة خلال شهر رمضان ومن بين الأشياء التي التصقت بها استقبال رمضان بسبع طلقات من مدفعية خصيصا خلال هذا الشهر الأبرك والتي تعلن عن مواعيد الأفطار والاسحاروصلاة الفجر كما أن الجديدة تتوفر على صفارة انذار تعلن عن موعد الأفطار بشكل يومي، فيما يستعين العديد من المواطنين في الاستيقاظ للسحور على قرع الطبول وهي العادات التي بدأت في طريقها الى الانقراض اما بفعل العامل الزمني أو بقرارات ادارية مجحفة فالمدفعية قد حافظت على طلقاتها الثلاث على مدى الأربع والعشرين ساعة أما النفار والطبال وصاحب المزمارفقد بدأت هذه العادات في الإنقراض جراء التوسع العمراني الذي تعرفه الجديدة وأيضا مع رحيل روادها الى دار البقاء. أما ما عرفته الذاكرةالثقافية من تدمير فإن الموروث الشعبي هو الآخر يسير في نفس المنحنى وتحرص العائلات الدكالية العريقة في الاحتفال بالاطفال الذين يصومون يومهم الاول حيث يتم الاحتفاء بهم على الطريقة التقليدية ويتم استقبالهم بالبيت بكافة أنواع المأكولات والمشروبات والزغاريد قبل أن تؤخذ لهم صور تذكارية باللباس التقليدي ويتميز رمضان الجديدة بظاهرة الافطارات العائلية الجماعية كما يتم تبادل الزيارات بعد الافطارلاحياء صلة الرحيم أمام الغياب التام لفضاءات الترفيه تبقى الأسواق ملاذات لتزجية الوقت والتبضع يعتبر كل من الميناء وسوقي علال القاسمي وبئر ابراهيم من بين اهم الفضاءات التي يتوجه لها الصائمون حيث تبدأ الحركة تدب فيهم ابتداء من منتصف النهار. فالميناء يعرض يوميا انواعا من الاسماك المحلية الرفيعة المستوى.واذا كان قد تميز في السنوات السابقة فيما يخص عرض السلع بالفوضى العارمة والمشاداة الكلامية فإن هذه السنة تميزت بوضع الحواجز وتنظيم عملية العرض واجبار رجالات البحر على بيع سلعهم بالسوق وليس خارجه رغم عملية إعادة الهيكلة التي تجري بالميناء .إلا أن أثمنة الأسماك هذه الأيام عرفت ارتفاعا صاروخيا جراء الإقبال المتزايد عليها في هذا الشهر الفضيل واذا كان هذا الفضاء يستقبل المئات من المواطنين يوميا فإنه يخلف الكثير من الأزبال خاصة مع قرب الأفطار رغم أن مرسى المغرب كانت قد تكلفت بتنظيفها .اما سوق بئر ابراهيم او لالة زهرة كما اعتاد أهل الجديدة تسميته فإنه السوق الذي يؤمه يوميا مئات الجديديين لاقتناء كل مايحتاجونه من خضر وفواكه، وهو السوق الذي يعرف عشرات المبارزات بين فتوة السوق ويتميز باللاتنظيم نظرا لاحتلال العديد من الباعة الموسميين لهذا الفضاء وبالقوة أحيانا كما أن ظاهرة السرقة والإعتداءات على العارضين والمتسوقين تبقى السمة الأساسية للسوق . أما سوق علال القاسمي الذي يعتبر من بين أقدم الأسواق بالجديدة فانه يعتبر فضاء لتزجية الوقت واقتناء الخبزالممزوج بالشعير حيث يتم عرض كافة أنواعه وبأثمان تفضيلية كما أنه يمتاز بعرض أنواع متعددة من المؤكولات التي تستهلك بشكل كبير خلال هذا الشهر الأبرك. واذا كان سوق لالة زهرة يعرف العديد من المبارزات فإن العدوى انتقلت أيضا الى هذا السوق أما السوق المركزي الذي ظل يحافظ على أناقته وخصوصيته طيلة عقود بدكاكينه المعدة لبيع الأسماك فإنه عرف هذه السنة تغييرا واضحا لمعالمه حيث تحول من فضاء لبيع الأسماك والخضروات والمواد الغدائية الى فضاء لقلي الأسماك ومقاهي ومطاعم مخصصة لطهي الأسماك والوجبات الخفيفة، هذه العملية التي تعرف خرقا واضحا فيما يخص عملية التفويت حيث أن الدكاكين التي تعود ملكيتها الى البلدية يتم بيعها وتغيير عقود كرائها دون العودة الى المجلس المفوض الوحيد لتغيير التراخيص الخاصة بالفضاءات الجماعية ما يشبه الختم تتحمل الجماعة الحضرية بالجديدة مسؤولية كبيرة في الجمود الثقافي والرياضي والإجتماعي الذي تعرفه المدينة منذ إنطلاق فصل الصيف وبحلول شهر رمضان الأبرك فملاعب الأحياء مغلقة والمسرح البلدي تسكنه الأساطير وقاعات العرض مغلقة لتبقى السمة الأساسية هي الخروقات تلو الخروقات التي يعرفها الشأن المحلي والصراع حول الكراسي لتحويل المال العام الى مال خاص