البرلمان تبوأ الباب الثاني في دساتير المملكة ، كان ذا غرفتين ، مجلس النواب ومجلس المستشارين ، في دستور 62 . . وتراجع دستور70 إلى نظام المجلس الوحيد ، مجلس النواب، وحدد ولايته التشريعية في ست سنوات، أعضاؤه جزء منتخب بالاقتراع العام المباشر وجزء ثان من لدن جماعة ناخبة تتألف من مستشاري المجالس الحضرية والقروية، و من لدن جماعات ناخبة تشتمل على المنتخبين بالغرف المهنية وعلى ممثلي المأجورين . وإذا كان هناك قانون تنظيمي يحدد عدد نواب كل فئة وطريقة انتخابهم ، فإن دستوري 72 و92 اللذين كرسا بدورهما المجلس الوحيد (ولاية تشريعية من أربع سنوات) نصا صراحة على أن ينتخب ثلثا أعضاء مجلس النواب بالاقتراع العام المباشر وينتخب الثلث الباقي من لدن هيئة ناخبة تتألف من أعضاء المجالس الحضرية والقروية ومن لدن هيئات ناخبة تتكون من المنتخبين بالغرف المهنية وممثلي المأجورين. وعاد المغرب في دستور 96 إلى نظام الغرفتين بالبرلمان ، مجلس النواب ومجلس المستشارين .وودعت البلاد «الثلث الناجي» في الغرفة الوحيدة التي كانت تؤثثها بالكامل السلطة، وخاصة وزير داخليتها ، لتتحكم في تسيير البرلمان الذي على العموم خضع لتزوير اقتراعه وتزييف إرادة الناخبين. لكن المغرب سيدخل تجربة غرفة ثانية لم تكن في الحقيقة سوى توسيع للثلث السابق الذكر. . اختصاصات المؤسسة التشريعية كانت مثار نقاش ومطالب من طرف الصف الوطني والديمقراطي خلال الخمسين سنة الماضية . فالقانون لايخرج من بوابتها وحدها ، بل إن أهم النصوص ينتجها القصر من خلال ظهائر لاتخضع للنقاش ولا للتصويت أو النظر من طرف الغرفة أو المجلس الدستوري . اختص برلمانا 62 و70 بالتشريع في الميادين الآتية: الحقوق الفردية والجماعية المنصوص عليها في الباب الأول من هذا الدستور؛ المبادئ الأساسية للقانون المدني والقانون الجنائي؛ تنظيم القضاء بالمملكة؛ الضمانات الأساسية الممنوحة لموظفي الدولة المدنيين والعسكريين. إشهار الحرب يقع بإذن من البرلمان(62) . إصدار قانون المالية عن البرلمان بالتصويت .وأضافت دساتير 72 و 92 و 96 إلى هذه الاختصاصات: * النظام الأساسي للقضاة. * النظام الأساسي للوظيفة العمومية. * النظام الانتخابي لمجالس الجماعات المحلية. * نظام الالتزامات المدنية والتجارية. * إحداث المؤسسات العمومية. * تأميم المنشآت ونقلها من القطاع العام إلى القطاع الخاص. * لمجلس النواب الصلاحية للتصويت على قوانين تضع إطارا للأهداف الأساسية لنشاط الدولة في الميادين الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وفي المشروع الجديد، إتسع مجال التشريع بالنسبة للبرلمان وأصبح مختصا في المجالات : - الحقوق والحريات الأساسية المنصوص عليها في التصدير، وفي فصول أخرى من هذا الدستور. - نظام الأسرة والحالة المدنية. - مبادئ وقواعد المنظومة الصحية. - نظام الوسائط السمعية البصرية والصحافة بمختلف أشكالها. - العفو العام. - الجنسية ووضعية الأجانب. - تحديد الجرائم والعقوبات الجارية عليها. - التنظيم القضائي وإحداث أصناف جديدة من المحاكم. - المسطرة المدنية والمسطرة الجنائية. - نظام السجون. - النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية. - الضمانات الأساسية الممنوحة للموظفين المدنيين والعسكريين. - نظام مصالح وقوات حفظ الأمن. - نظام الجماعات الترابية، ومبادئ تحديد دوائرها الترابية. - النظام الانتخابي للجماعات الترابية ومبادئ تقطيع الدوائر الانتخابية - النظام الضريبي، ووعاء الضرائب، ومقدارها وطرق تحصيلها. - النظام القانوني لإصدار العملة ونظام البنك المركزي. - نظام الجمارك. - نظام الالتزامات المدنية والتجارية، وقانون الشركات والتعاونيات. - الحقوق العينية وأنظمة الملكية العقارية العمومية والخاصة والجماعية. - نظام النقل -علاقات الشغل ,والضمان الاجتماعي, وحوادث الشغل, والأمراض المهنية, - نظام الأبناك وشركات التأمين والتعاضديات - نظام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات - التعمير وإعداد التراب - القواعد المتعلقة بتدبير البيئة وحماية الموارد الطبيعية والتنمية المستدامة - نظام المياه والغابات والصيد - تحديد التوجهات والتنظيم العام لميادين التعليم والبحث العلمي والتكوين المهني - إحداث المؤسسات العمومية وكل شخص اعتباري من أشخاص القانون العام - تأميم المنشآت ونظام الخوصصة ... ... إصدار قانون المالية. ولأنهم ممثلو الأمة، للبرلمانيين حصانتهم ، وهي امتياز جعل العديد منهم يستغلونه لأغراض شخصية ،ونكفي أن نذكر ما يتم الحديث عنه هذه الأيام ، أن أكثر من 36 برلمانيا أصدروا شيكات بدون رصيد في الولاية الحالية وحدها ! نصت المادة 38 من دستور 1962 على ثلاثة مستويات للحصانة : المستوى الأول، أنه لا يمكن متابعة أي عضو من أعضاء البرلمان ، ولا البحث عنه ولا إلقاء القبض عليه ولا حبسه ولا محاكمته بمناسبة إبدائه لرأي أو قيامه بتصويت خلال مزاولته لمهمته . المستوى الثاني، أنه في أثناء الدورات البرلمانية : لا يمكن متابعة أي عضو من أعضاء البرلمان ولا إلقاء القبض عليه ، من أجل جناية أو جنحة، إلا بإذن من المجلس الذي ينتمي إليه العضو ماعدا في حالة التلبس بالجريمة. المستوى الثالث خارج مدة الدورات البرلمانية : لايمكن إلقاء القبض على أي عضو من أعضاء البرلمان إلا بإذن من مكتب المجلس الذي ينتمي إليه العضو ماعدا في حالة التلبس بالجريمة أو المتابعة المأذون فيها أو صدور حكم نهائي بالعقاب ، ويوقف حبس ومتابعة عضو من أعضاء البرلمان إذا طلب ذلك المجلس الذي ينتمي إليه العضو. وفي الدساتير التالية ( 70 و72 و92 و96) أضيفت إلى المستوى الأول «ماعدا إذا كان الرأي المعبر عنه يجادل في النظام الملكي أو الدين الإسلامي أو يتضمن ما يخل بالاحترام الواجب للملك». وإختزل مشروع الدستور الجديد مقتضيات الحصانة في فقرة وحيدة جاءت كالتالي: «لا يمكن متابعة أي عضو من أعضاء البرلمان، ولا البحث عنه، ولا إلقاء القبض عليه، ولا اعتقاله ولا محاكمته، بمناسبة إبدائه لرأي أو قيامه بتصويت خلال مزاولته لمهامه، ماعدا إذا كان الرأي المعبر عنه يجادل في النظام الملكي أو الدين الاسلامي، أو يتضمن ما يخل بالاحترام الواجب للملك.» ونص الفصل 63 من المشروع على أنه « يجرد من صفة عضو في أحد المجلسين، كل من تخلى عن انتمائه السياسي، الذي ترشح باسمه للانتخابات، أو الفريق أو المجموعة البرلمانية التي ينتمي إليها. وتصرح المحكمة الدستورية بشغور المقعد، بناء على إحالة من رئيس المجلس الذي يعنيه الأمر، وذلك وفق أحكام القانون التنظيمي للمجلس المعني». وشهدت تركيبة المجلس تعديلات أيضا : في دستور 62 هناك رئيس المجلس الأعلى وقيدوم عمداء الجامعات ورئيس مجلس المستشارين . وفي دستوري 70 و 72 هناك الرئيس الأول للمجلس الأعلى ورئيس مجلس النواب وسبع شخصيات يعينهم الملك بمحض اختياره. وفي دستوري 92 و 96 رئيس مجلس النواب (ورئيس مجلس المستشارين بعد تعديلات 96 ) ورئيس المجلس العلمي الإقليمي لمدينتي الرباط وسلا وعشر شخصيات يعينهم الملك بمحض اختياره. في المشروع الحالي يرأس مجلس الوصاية رئيس المحكمة الدستورية، ويتركب، بالإضافة الى رئيسه، من رئيس الحكومة، ورئيس مجلس النواب، ورئيس مجلس المستشارين، والرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، والأمين العام للمجلس العلمي الأعلى، وعشر شخصيات يعينهم الملك بمحض اختياره. المجلس الوزاري: بين الملك ورئيس الحكومة وتحديدالاختصاصات أصبح المجلس الوزاري يتداول في القضايا والنصوص التالية فقط: التوجهات الاستراتيجية لسياسة الدولة. مشاريع مراجعة الدستور. مشاريع القوانين التنظيمية. التوجهات العامة لمشروع قانون المالية. مشاريع القوانين الإطار المشار إليها، في الفصل 71 [الفقرة الثالثة] من هذا الدستور. مشروع قانون العفو العام. مشاريع النصوص المتعلقة بالمجال العسكري. إعلان حالة الحصار. إشهار الحرب. التعيين بواسطة ظهائر، موقعة بالعطف من قبل رئيس الحكومة، في الوظائف المدنية لوالي بنك المغرب، و السفراء والولاة والعمال، والمسؤولين عن الإدارات المكلفة بالأمن الداخلي. التعيين، بواسطة ظهائر موقعة بالعطف من قبل رئيس الحكومة وبناء على اقتراحه، وبمبادرة من الوزير المعني، في الوظائف السامية للمؤسسات والمقاولات العمومية الاستراتيجية. وتحدد بقانون تنظيمي لائحة هذه المؤسسات والمقاولات الاستراتيجية. الغرفة.. المجلس الدستوري ... المحكمة الدستورية لم يكتسب المجلس الدستوري إسمه هذا في القانون الاسمى وفي خريطة المؤسسات إلا في دستور 1992 وبعده دستور 1996 . سنة 1962 لم يكن سوى غرفة من غرف المجلس الاعلى الخمسة ، واستمرت «تبعيته» هاته في دستوري 1970 و1972 وترأسه الرئيس الاول لهذا المجلس . لم تستقر العضوية بالغرفة الدستورية على حال في الدساتير الثلاثة الاولى، ونفس الشأن بالنسبة لدستوري 92 و96 . في سنة 1962 وإلى سنة 1972 شملت عضويته، بالإضافة إلى الرئيس ، قاضيا من الغرفة الادارية للمجلس الاعلى، وأستاذا بكليات الحقوق، يعينان بظهير لمدة ست سنوات ، ويعين البرلمان عضوا . وتمارس الغرفة الدستورية اختصاصاتها المسندة إليها بفصول الدستور والبت في صحة انتخابات أعضاء البرلمان وصحة عمليات الاستفتاء. في دستور 1972 ارتفع عدد أعضاء الغرفة وتقلصت ولايتها . فإلى جانب الرئيس الاول للمجلس الاعلى، يعين بظهير ثلاثة أعضاء لأربع سنوات ، ومثلهم يعينهم رئيس مجلس النواب.ولم يعد مجال الاختصاص محصورا فقط فيما يحدده الدستور، بل أيضا بمقتضيلت قوانين تنظيمية. في دستوري 92 و 96 حصلت هذه المؤسسة على استقلالها وسجلت في «الحالة الهندسية » للدستور باسم «المجلس الدستوري » . وحتى التراتبية التي مكثت فيها الغرفة طيلة ثلاثين سنة ، وهي الباب العاشر ، انتقلت إلى الباب السادس .وأصبح يتألف من أربعة أعضاء يعينهم الملك لمدة ست سنوات وأربعة يعينهم رئيس مجلس النواب لنفس المدة . وانتقل العدد في دستور 1996 إلى ستة للملك وستة مناصفة بين مجلس النواب ومجلس المستشارين ، وأن يتم تجديد ثلث كل فئة كل ثلاث سنوات. كما أن الملك يعين رئيس المجلس علاوة على الاعضاء بالنسبة لدستور 92 ، ومن بين الاعضاء الذين يختارهم في دستور1996. وفي الوثيقتين تحال القوانين التنظيمية قبل إصدار الأمر بتنفيذها، والنظام الداخلي لمجلس النواب قبل الشروع في تطبيقه، إلى المجلس الدستوري ليبت في مطابقتها للدستور. وللملك أو الوزير الأول أو رئيس مجلس النواب (أو رئيس مجلس المستشارين) أو ربع الأعضاء الذين يتألف منهم كل المجلس، أن يحيلوا القوانين قبل إصدار الأمر بتنفيذها إلى المجلس الدستوري ليبت في مطابقتها للدستور. يبت المجلس الدستوري في الحالات المنصوص عليها في الفقرتين السابقتين خلال شهر، وتخفض هذه المدة إلى ثمانية أيام بطلب من الحكومة إذا كان الأمر يدعو إلى التعجيل. في المشروع الجديد تحدث محكمة دستورية تتألف المحكمة الدستورية من اثنى عشر عضوا، يعينون لمدة تسع سنوات غير قابلة للتجديد، ستة اعضاء يعينهم الملك، من بينهم عضو يقترحه الامين العام للمجلس العلمي الاعلى، وستة اعضاء ينتخبون لنفس المدة، نصفهم من قبل مجلس النواب والنصف الاخر من قبل مجلس المستشارين, من بين المترشحين الذين يقدمهم مكتب كل مجلس، وذلك بعد التصويت بالاقتراع السري وبالاغلبية المطلقة للاعضاء الذين يتألف منهم كل مجلس. التصدير: الهوية ،الانتماء ... لكل دستور من الدساتير الخمسة تصديره ، تشابهت فقراته الأربع في الوثائق الثلاث الاولى، وأضيفت إليه «المغرب العربي الكبير» بدل «المغرب الكبير» بعد أن وقعت بلادنا على اتفاقية مراكش في فبراير 1989 لتأسيس هذا التجمع الاقليمي ، الذي تعد ، جغرافيا وتاريخيا وتنظيميا ، جزءا منه. وتم تمديد الفقرة الثالثة ليؤكد المغرب «تشبثه بحقوق الانسان كما هي متعارف عليها دوليا».فالمغرب صادق في سنتي 1979 على العهدين الدوليين المتعلقين بالحقوق المدنية والسياسية ، والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وفي سنة 1993 صادق على اتفاقيات مناهضة التمييز ضد المرأة، ومناهضة التعذيب ، وحقوق الطفل. التصدير أصبح جزء لا يتجزأ من صلب الدستور ويتكون من 15 فقرة أبرزها : - إن المملكة المغربية، وفاء لاختيارها الذي لا رجعة فيه، في بناء دولة ديمقراطية يسودها الحق والقانون، تواصل إقامة مؤسسات دولة حديثة، مرتكزاتها المشاركة والتعددية والحكامة الجيدة، وإرساء دعائم مجتمع متضامن، يتمتع فيه الجميع بالأمن والحرية والكرامة والمساواة، وتكافؤ الفرص، والعدالة الاجتماعية، ومقومات العيش الكريم، في نطاق التلازم بين حقوق وواجبات المواطنة. - المملكة المغربية دولة إسلامية، متشبثة بوحدتها الوطنية والترابية، وبصيانة تلاحم مقومات هويتها الوطنية، الموحدة بانصهار كل مكوناتها العربية - الاسلامية، والأمازيغية، والصحراوية الحسانية، والغنية بروافدها الافريقية والأندلسية ،والعبرية، والمتوسطية. كما أن الهوية المغربية تتميز بتبوئ الدين الاسلامي مكانة الصدارة فيها، وذلك في ظل تشبث الشعب المغربي بقيم الانفتاح والاعتدال والتسامح والحوار، والتفاهم المتبادل بين الثقافات والحضارات الانسانية جمعاء. - ...تؤكد تشبثها بحقوق الانسان، كما هي متعارف عليها عالميا. ... - حماية منظومتي حقوق الانسان والقانون الدولي الانساني والنهوض بهما، والإسهام في تطويرهما، مع مراعاة الطابع الكوني لتلك الحقوق، وعدم قابليتها للتجزئ - حظر ومكافحة كل أشكال التمييز، بسبب الجنس أو اللون أو المعتقد أو الثقافة أو الانتماء الاجتماعي أو الجهوي أو اللغة أو الإعاقة أو أي وضع شخصي، مهما كان. - جعل الاتفاقيات الدولية، كما صادق عليها المغرب، وفي نطاق أحكام الدستور، وقوانين المملكة، وهويتها الوطنية الراسخة، تسمو، فور نشرها، على التشريعات الوطنية، والعمل على ملاءمة هذه التشريعات، مع ما تتطلبه تلك المصادقة. وظل الفصل الأول نفسه : « نظام الحكم بالمغرب نظام ملكية دستورية ديمقراطية واجتماعية»، طيلة الخمسين سنة الماضية. وفي المشروع الجديد تم التنصيص على أن «نظام الحكم بالمغرب نظام ملكية دستورية، ديمقراطية برلمانية واجتماعية».و«يقوم النظام الدستوري للمملكة على أساس الفصل المرن للسلط، مع توازنها وتعاونها والديمقراطية المواطنة والتشاركية وعلى مبادئ الحكامة الجيدة، وربط المسؤولية بالمحاسبة»...