المجداف، القارب، الشراع، البحر - لم تعد هذه الكلمات تخيف العائلات الفقيرة بمدينة الرباط، لأنها ارتبطت دائما «بلحريك» إلى أوروبا - بل أصبحت كلمات تعد بميلاد بطل في الزوارق الشراعية، أو الكياك أو التزلج على الماء، كل هذا بفضل شراكة بين مجلس مدينة الرباط ووزارة التربية الوطنية ونادي شاطئ الرباط، حيث لا قيود للفقراء على البحر. هذا البحر الذي لم يعد يذكر مع لفحات صهد حارقة فقط، بل أصبح معيشا يوميا، ولاشيد يوحي بقوته إلا شرعة تنفخ فيها الرياح أو تلك الأمواج العاتية التي تجعل الألواح تتحدى البحر وتجعل شابا يرفع شارة، معلنا انتصاره على البحر. بين الرباطوسلا إلا قنطرة ونهر رقراق، ومياه بحر، لكن من جهة سلا البحر للسباحة، وما تبقى من شاطئه بعد أن حوصر بالأسمنت أصبح للشمسيات فقط، شاطئ لا تشم من جنباته إلا رائحة «الشوايات» المنبعثة من مكان سمي تجاوزا ميناء. سعيد شاب من سيدي موسى الحي القريب «شيء غريب، مدينة القراصنة، المدينة التي كانت تعتز ببحرها بقراصنتها لم تعد تر السفن أو الزوارق إلا وهي تعبر إلى جهة الرباط، أو إلى رصيف مارينا، البحر عندنا ماء مالح فقط، ماء سئمنا لونه الأزرق، انظر إلى هناك - مشيرا إلى شاطئ الرباط - انظر إلى تلك الزوارق، إلى تلك الأشرعة، انظر إلى تلك الألوان التي تجعل من البحر لوحة رائعة، لوحة تفرض علينا نسيان الماء، والتطلع إليها. «سعيد عبر عن واقع غريب، مدينة شاطئية بدون ناد للرياضات البحرية، مدينة سيصبح يوما ما شاطئها كأسوارها ذكرى من الذكريات. وهنا نتساءل عن دور مجلس المدينة الذي يساهم بشكل كبير في موت الشاطئ، وجعله ماء مالحا كما قال سعيد. وحتى هذا المالح سيأتي يوم سيهجره أبناء سلا إلى حيث الحياة، إلى شاطئ الرباط، حيث الاستجمام يأتي في مراتب متأخرة بعد العديد من الرياضات التي تمارس من طرف نادي شاطئ الرباط. شاطئ الرباط البحر للزوارق والرمال للرياضة، والإنخراط بالمجان. وأنت تلج شاطئ الرباط تحس بالحياة ، بالحيوية: على الرمال زوارق شراعية ، قوارب الكاياك، زلاجات، وفوق المياه الزرقاء زوارق تتحدى الرياح. كل هذه الحياة يبثها النادي البحري لشاطئ الرباط الذي أنشئ في بداية التسعينيات. الجميل في هذا النادي أن الانخراط بالمجان، وذلك بفضل الشراكة التي عقدها النادي مع مجلس مدينة الرباط ووزارة التربية الوطنية. هذه الشراكة جعلت المجداف في يد الفقراء، وجعلت المؤسسات التعليمية بمدينة الرباط الراغبة في ممارسة الرياضات البحرية لا تجد أي عناء في الحصول على المعدات الضرورية للرياضات البحرية. وحسب مدير نادي شاطئ الرباط محمد كراكشو، فإن النادي، وبفضل هذه الشراكة، يتوفر على العديد من الزوارق الشراعية والكياك والألواح للتزلج والقوارب المطاطية «الزودياك» التي تستغل في التداريب والتدخل في عمليات الإنقاذ، كما يتوفر على الملابس الخاصة بالرياضات البحرية، يضاف إلى كل هذه المعدات، طاقم من المدربين في كل الأنواع الرياضية، وهناك تدرج في الممارسة، وذلك حسب السن، ويفتخر النادي أنه استطاع ضم 60 تلميذا ينتظرهم مستقبل زاهر في هذه الرياضات البحرية. وبعيدا عن الرياضات داخل البحر، يقوم نادي شاطئ الرباط بالتنشيط الرياضي والفني على الشاطئ . النادي ينظم مباريات في كرة القدم الشاطئية، وكرة الطائرة الشاطئية، ومسابقات في كمال الأجسام، إضافة إلى استفادة الأشخاص ذوى الاحتياجات الخاصة من برامج رياضية خاصة بهم. ومن أهم المهرجانات التي تجلب متابعة إعلامية وجماهيرية قوية لشاطئ الرباط مهرجان الرباط البحري الذي ينظم بشراكة مع مجلس مدينة الرباط، والذي يشارك فيه أكثر من 13 دولة، ويعرف مشاركة أسماء كبيرة في مجال السياسة والمال والصحافة، هذا المهرجان ينطلق من المضيق ويمر من مدينة طنجة والعرائش ومولاي بوسلهام ليصل إلى شاطئ الرباط حيث مقر نادي شاطئ الرباط البحري. وبالرغم من كل هذه الإنجازات يرى المسؤولون عن النادي أنهم لم يستطيعوا الانخراط بشكل كبير في رياضة «الكايت سورف». وحسب محمد الطريفلي، الذي يعد ممارسا من بين الثلاثة الذين ينتمون إلى النادي البحري لشاطئ الرباط، فإن هذه الرياضة تشترط تواجد رياح قوية، وشاسعة الشاطئ، إضافة إلى ضرورة عدم تواجد الصخور، لأنها تشكل خطرا كبيرا على الممارسين لرياضة «الكيت سورف» استشهد بالحادث المميت الذي ذهب ضحيته أحد الممارسين بمدينة الجديدة .ومغربيا، حسب الطريفلي، فإن كلا من مدينة الصويرة ومدينة الداخلة تعدان من أشهر المدن عالميا لممارسة هذه الرياضة.