لأحمد فرس علاقة وجدانية بالبحر، شأنه شأن جميع سكان مدينة المحمدية مسقط رأسه. في شواطئه، وفوق رمالها، كان يقضي، في طفولته، ساعات طوال وهو يداعب كرة القدم.. رفقة أقرانه، كان شاطئ بحر المحمدية يتحول تحت أقدامهم لملعب كبير، يحتضن شغفهم الكروي، وينفتح ليضم فوق رماله مبارياتهم التي كانت تجمع فرقا قادمة من مختلف أنحاء مدينة البحر والرياضات.. وعندما اشتد عوده، وذاع صيته كلاعب موهوب، وعميد لفريقه الشباب، ظل مواظبا على الوفاء لعلاقته الوجدانية برمال ذهبية لشاطئ المحمدية.. لم يكن يفوت أية فرصة، مابين المساحات الفاصلة بين حصة تدريبية وأخرى بملعب البشير، ليهرول نحو الشاطئ يركض فوق رماله، ويعانق أمواجه. وحتى عندما أضحى عميدا وقائدا في صفوف المنتخب الوطني، لم يفارقه هوسه وعشقه لرمال الشاطئ. هو نفسه ذاك الشاطئ الذي كان يحل فوق رماله ضيفا على الأمير الراحل مولاي عبد الله، الذي كان يدعوه لمشاركة سموه وبرفقته بعض أصدقائه، متعة لعب الكرة، وتنظيم مباريات يصر خلالها الأمير على أن يكون أحمد فرس عنصرا في فريقه وليس خصما له. يقول أحمد فرس عن البحر ورمال شواطئه: «أكيد أن للتريض والتدريب فوق رمال الشاطئ فوائد كثيرة وعديدة، وأعتقد أن قوة فريق شباب المحمدية التي تميز بها وعرف بها في فترة السبعينيات، كانت نابعة من كون لاعبيه كانوا مواظبين على التدرب فوق رمال الشاطئ. أذكر بالمناسبة، أننا كلاعبين في نفس الفريق، وبمجرد انتهاء منافسات البطولة والموسم الكروي، كنا نستمر في الالتقاء، ونجتمع يوميا لنلعب الكرة فوق الرمال، وكأننا لم نتوقف عن التداريب، وكأنه كان معسكرا مفتوحا نواصل فيه تهييئنا وتحضيراتنا. في هذا الإطار، أتذكر، وكنا في عطلة الصيف، حين نودي علينا لخوض مباراة ودية بملعب البشير ضد فريق الجيش الملكي الذي كان عائدا للتو من معسكر بإسبانيا. ألح المدرب المرحوم عبدالقادر الخميري على التحاقنا بالملعب، لبينا طلبه، وحللنا بالملعب ونحن نحمل أثار الرمل فوق أبداننا.. ولجنا المستودعات، أخذنا حماما لإزالة الرمل، ثم دخلنا أرضية الملعب حيث كان لاعبو فريق الجيش قد سبقونا وأجروا إحماءاتهم. خضنا تلك المباراة، فزنا بثلاثة أهداف لصفر، كنا الأقوى.. غضب المدرب العسكري كليزو حينها وخاطب لاعبيه بالقول: « معسكر لمدة شهر في إسبانيا، وتنهزمون بمثل هذه الطريقة أمام فريق كان لاعبوه مصطافين في البحر!!..» يضيف أحمد فرس: «في ذاك الزمن، في السبعينيات، كان عدد مرتادي الشاطئ ضئيلا مما كان يفسح المجال أمامنا للعب الكرة وتحويل الشاطئ لملعب كبير بدون إزعاج المصطافين.. اليوم تغير الأمر، مما يفرض تنظيم الممارسة الرياضية على طول سواحلنا وشواطئنا، والحل في نظري لكي لانحرم أي أحد من التريض، هو إحداث فضاءات خاصة بالرياضة في شواطئنا. في هذا الإطار، نبادر داخل جمعية «مدينتنا» للمحمدية، إلى تنظيم تظاهرات رياضية خاصة في الشاطئ، وقد قمنا بتنظيم دوري في كرة القدم الشاطئية خلال الصيف الماضي، اعتمدنا خلاله على إمكانيات بسيطة، لكنها منحت الدوري إطارا جميلا جلب متابعة جد هامة لكل مبارياته..وتعمدنا في ذلك الدوري إشراك فرق تمثل بعض المؤسسات الاقتصادية بالمحمدية، لعاملين رئيسين: أولا منح الفرصة للعمال والمشتغلين بتلك المؤسسات للترفيه وممارسة الرياضة، وثانيا، لإثارة انتباه واهتمام تلك المؤسسات وتقريب مسؤوليها من الرياضة في مدينة المحمدية. سيكون الأمر جيدا وممتعا وجد مفيد لو تركز الاهتمام على تنظيم الممارسة الرياضية في شواطئنا الجميلة.. الحمد لله، بالمغرب جمعيات كثيرة تشتغل بشكل تطوعي وبجد وغيرة، من المفروض دعمها وتمتيعها بالأرضية المناسبة، شواطئنا شاسعة، ما المانع من إقامة ملاعب لكل الرياضات، كرة القدم، كرة اليد، الكرة الطائرة، التنس، بالإضافة طبعا لمختلف الأنواع الرياضية الأخرى، سيكون جميلا أن نمنح لأطفالنا فرصة ممارسة الرياضة في عطلتهم، وفي مكان استجمامهم وراحتهم.. سنمنحهم فرصة أخرى للتعلق بالرياضة.. وذلك، في نظري، هو الأهم، فالرياضة ستظل وتبقى أهم عوامل حماية ووقاية أطفالنا من السقوط في كل أشكال الانحراف..»