أكد عبد الواحد الراضي أن موضوع اجتماع المجلس الوطني للاتحاد الاشتراكي المنعقد يوم السبت الماضي يشكل حدثا أساسيا بالنسبة للحزب منذ تأسيسه، على اعتبار ما تضمنه مشروع الدستور الجديد من مكاسب وقيم واختيارات، التي اعتبرها الكاتب الأول المبادئ التي انبنى على تأسيسها الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وأسباب وجوده. وأضاف الراضي أنه على الاتحاديات والاتحاديين أن يفتخروا بما تم تحقيقه اليوم من مكاسب بسبب النضالات التي خاضوها أكثر من 50 سنة. مذكرا بالمراحل التاريخية التي عاشها الاتحاد، منذ تأسيس الاتحاد الوطني، الذي جاء من خلال الانتفاضة من أجل الديمقراطية وكل المحطات الأخرى، مثل معركة 1962 التي طالب فيها الاتحاد بدستور ديمقراطي حقيقي، ومعركة 1963 التي صادفت أول انتخابات تشريعية، وملتمس الرقابة سواء سنة 1966 أو سنة 1990، ومعركة 1969، بعد التعديل الدستوري، الذي أفرز كما يقول الراضي برلمان أوفقير، ومعركة دستور 1972 المعدل، والذي لم يتم تفعيله إلا سنة 1977، الى غير ذلك من المحطات التي خاضها الاتحاد، ومكث في المعارضة ما يقارب 40 سنة قبل أن يصادق على الدستور سنة 1996، وأضاف «إننا كنا نعتقد أنه لا يمكن أن نتحمل أية مسؤولية، في إطار الدساتير التي عرفتها البلاد من قبل». وفي سياق التذكير بمؤتمرات الاتحاد الاشتراكي، منها المؤتمر الوطني الثالث سنة 1979، الذي طالب فيه المؤتمر بملكية برلمانية. وذلك «لكون حزبنا يقول الراضي، واع بضرورة دخول المغرب في هذا الاتجاه لضمان المستقبل السياسي والاقتصادي والاجتماعي». وكانت المطالبة بالإصلاحات الدستورية يضيف الراضي من البطولات، أما اليوم فأصبح الأمر سهلا، وبالتالي لم ينتظر الاتحاد حتى تصبح الأمور سهلة. وذكر الكاتب الأول أن «الحزب رأى في المؤتمر الوطني الثامن أنه حان وقت الإصلاح الدستوري، بعدما مارسنا المسؤولية من داخل حكومة التناوب، الشيء الذي ساعدنا على معرفة ما يجب أن نطالب به». وذكر بالمذكرة التي رفعها الحزب الى جلالة الملك بخصوص الإصلاحات قبل أن تأتي الظروف، التي مكنت من تحقيق ما كنا نطالب به، مشددا على «أننا كنا مهييئين وجاهزين، حيث كنا أول حزب تقدم بمقترحاته بخصوص مشروع الدستور الجديد». في ذات السياق أشار الراضي الى أن مطالب وشعارات حركة 20 فبراير هي نسخة طبق الأصل لقرارات المؤتمر الوطني الثامن، حيث تدعو الى إقرار ملكية برلمانية، وإصلاحات سياسية ومحاربة الفساد، والدفاع عن الكرامة، وغيرها من المطالب التي تبناها المجتمع المغربي. واعتبر أن مضامين خطاب 9 مارس، بالمقارنة مع وثيقة الاتحاد جاءت متطابقة حتى على مستوى الترتيب، وبذلك يقول الراضي، كان الخطاب جوابا على مذكر الاتحاد. وبخصوص مشروع الدستور، فشدد الراضي على اتباع منهجية جديدة في ذلك، إذ أن المغاربة لم يكونوا يعرفون من يهيئ دستورهم، على أساس أن أغلبية الذين يقومون بذلك هم من الأجانب، وهو ما اعتبره مكسبا، إذ تم التحضير له في نوع من الشفافية، من خلال التشاور، وقد استمعت اللجنة الاستشارية المكلفة بتعديل الدستور إلى 100منظمة وإلى عدد كبير من الأشخاص، بل توصلت بمشاريع دساتير بأكملها، بالاضافة إلى العديد من المقترحات عبر موقعها الإلكتروني، وخلال 3 أشهر، كان هناك حوار وطني في الموضوع، أغناه الاتحاد من خلال عروض متعددة لمسؤوليه ومناضليه في مختلف المناطق المغربية. وأضاف الراضي أنه شخصيا شارك في عدة لقاءات داخل الآلية السياسية التي يترأسها مستشار جلالة الملك محمد معتصم، وفي الاجتماع الذي جمع زعماء أحزاب الأغلبية واللجنة الاستشارية بالاضافة الى لقاءات ثنائية من أجل التأكيد على تبني اقتراحات الاتحاد، مؤكدا أن مشروع الدستور تضمن 97% من مطالب الاتحاد. وبالعودة الى عمق ما جاء في هذا المشروع، يقول الراضي، يمكن أن نتحدث عن دستور جديد، سواء تعلق الأمر بالمستوى أو بالشكل، إذ وقع تغيير جذري، فالدستور انتقل من 108 فصول إلى 180 فصلا. كما تم إغناء التصدير والذي تم هو الآخر تعديله، وتماشى مع مطالبنا، خاصة في ترسيم اللغة الأمازيغية. وبالنسبة للمبادئ الأساسية، المتعلقة بالحريات، يقول الراضي، عرف هذا الجانب تغييرا كبيرا، سواء تعلق الأمر بالحقوق والواجبات والمساواة، وحماية الأشخاص والمجموعات وبالأخص إعطاء المكانة اللائقة للأحزاب والنقابات والمجتمع المدني، وكذلك في ما يخص السلط ومحتواها، والمؤسسات، وتوازن السلط، ومراقبتها، كما وقع تغيير في سلط الملك، والوزير الأول، والحكومة والبرلمان والمجلس الدستوري، وعدة مؤسسات التي تلعب دورا أساسيا في الحياة السياسية ببلادنا. واعتبر الراضي أن هذه المرحلة مرحلة تاريخية بالنسبة للمغرب، هي مرحلة الشعب المغربي بقيادة الاتحاد بدون افتخار، إذ تمكنا من تحقيق ما كنا نناضل من أجله أزيد من 50 سنة، مرحلة حققنا فيها ما كان يتمناه أخونا الشهيد المهدي بنبركة وعبد الرحيم بوعبيد، وعمر بنجلون ورفاقهم، وكل شهداء الاتحاد الوطني للقوات الشعبية والاتحاد الاشتراكي من أجل بناء الديمقراطية وغيرها من القيم التي ناضل الاتحاد من أجلها، وبالتالي ،يقول الراضي، »»اطمئنوا أيها الشهداء، فالأجيال التي أتت حملت المشعل وحققت ما كنتم تدافعون عنه.» وخاطب الراضي أعضاء المجلس الوطني ومن خلالهم كل الاتحاديات والاتحاديين «»استمروا في النضال والكفاح«، يجب أن نكون فخورين بما حققناه، والتاريخ يؤكد ذلك». ورأى أن هناك معارك أخرى تنتظرنا، وعلى الاتحاد أن ينتصر فيها رغم الصعوبات والعراقيل التي سنجدها أمامنا، إذ ليس لناأي خيار سوى الانتصار ومنه الانتصار أيضا على الذات، لنحتل المكانة التي تساعد على الاستمرار في رفع راية الديمقراطية وكرامة الإنسان المغربي. العرض الذي قدمه عبد الواحد الراضي باسم قيادة الحزب، تلته نقاشات ومطارحات لأعضاء المجلس الوطني، حيث توج هذا اللقاء بإصدار بيان صودق عليه بالإجماع، كما طرح حسن طارق أهم محاور ما جاء في الدستور. وسلط الراضي الأضواء على مجموعة من النقاط في إطار الرد على تساؤلات أعضاء المجلس الوطني. كما نوه بالحوار الديمقراطي الذي يميز نقاشات الاتحاديين والاتحاديات. وأكد أن المطالب الاتحادية الثلاثة التي لم تتم الاستجابة لها تتعلق بتمثيلية المغاربة المقيمين بالخارج في الغرفة الثانية، وكذلك النقطة المرتبطة بالآليات المسيرة بمجلس النواب ،إذ طالب الاتحاد بأن تمتد الى الولاية كلها، وتقليص مدة القانون الذي يمر عبر مجلس النواب الى مجلس المستشارين وأكد أن هناك مقاومة للتغيير.ليس داخل الدولة لوحدها، بل هناك بعض الفئات المجتمعية التي لا ترى أية مصلحة لها في هذا التغيير، لكن الوقت كفيل بإضعاف هذه المقاومات. وبخصوص حركة 20 فبراير،أجاب الراضي ان الاتحاد واضح في هذا الباب، حيث اتخذنا موقفا واضحا بخصوص هذا الموضوع، حيث شارك الاتحاديون كهولا وشبابا في هذه الحركية في كل الجهات، بل شارك أعضاء المكتب السياسي في هذه الحركة. وفند الراضي كل الادعاءات التي تقول بأن الكاتب الاول كان ضد هذه الحركية، بل وصل الأمر الى البهتان، ووجه خطابه للشباب الاتحادي بأن يكون مقتنعا بموقف حزبه، إذ نحن ذات واحدة، ولا يمكن للاتحاد أن يحقق أهدافه بدون شبيبته، مذكرا بأن مشروع الدستور ينص على أن الملك يشرع في القضايا الدينية فقط، وفي عدد من الاختصاصات من خلال مراسيم، كما ذكر بأن الحكومة هي التي تحدد سياسة البلاد وتسهر على تنفيذها. كما أن رئيس الحكومة هو رئيس الإدارة الوطنية كلها ويمتلك السلطة التنظيمية الى غير ذلك من التعديلات الجوهرية والعميقة التي جاءت في المشروع، مثيرا مسألة الثقة التي هي تحد كبير، وأكبر مشكل يواجه حياتنا السياسية، داعيا الى التعاون بين الملك والبرلمان والحكومة وجميع السلط الأخرى خدمة للمصلحة العامة. وكان فتح الله ولعلو الذي أدار أشغال المجلس الوطني، أكد أن اللقاء يأتي في سياق لحظة سياسية ودستورية متميزة، تزدحم فيها الامال والتطلعات وأسئلة المستقبل، ونستعيد فيها شريطا من التراكمات النضالية والتضحيات والإنجازات المضيئة لشعبنا وحزبنا العتيد، وقياداته التاريخية التي صنعت مصيرها ونزاهتها ونقاءها وتبصرها... محطات للإصلاح والبناء الديمقراطي. وأكد نائب الكاتب الأول ان القضية الدستورية هي قضية الشعب المغربي، هي قضيتنا نحن الاتحاديون، قضية مرتبطة بماضينا وحاضرنا ومستقبلنا. وأضاف «إننا نجتمع اليوم في يوم أعز، غني بالرمزية النضالية والتاريخية والأخلاقية والوطنية يوم المقاومة المغربية 18 يونيو ،يوم نستحضر فيه أرواح شهداء الحركة الوطنية المغربية، شهداء المقاومة المسلحة ضد الاستعمار الأجنبي، وفي مقدمتهم الشهيد البطل محمد الزرقطوني الذي استشهد في مثل هذا اليوم من سنة 1954 بتلك الشجاعة التي أعطت للموت أفقا رحبا للحياة والخلود، وإذ نترحم يقول فتح الله ولعلو على روح الشهيد الزرقطوني وشهداء المقاومة المغربية، نترحم مجددا ودائما كذلك على شهداء الحركة الوطنية المغربية وشهداء الديمقراطية، ونستحضر بالمناسبة أولئة القادة الاتحاديين الذين خرجوا من صلب تاريخنا الوطني ليواصلوا معارك الاصلاح الديمقراطي، قصد بناء مجتمع مغربي جديد وإعادة بناء الدولة الوطنية المدنية الحديثة. نستحضر، يضيف ولعلو، الشهيد المهدي بنبركة، عمر بنجلون، عبد الرحيم بوعبيد، الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي، المرحوم عبد اللطيف بنجلون، وكافة إخواننا الذين جمعوا بين الوطنية والمقاومة والنضال من أجل الاصلاح السياسي والدستوري والتطور الديمقراطي، وكذلك حسن صفي الدين والمجاهد محمد منصور، الحاج عمر الساحلي، الحبيب الفرقاني، والمجاهد محمد بن سعيد آيت إيدر ومولاي عبد السلام الجبلي، سعيد أوجار بونعيلات والتهامي نعمان وغيرهم.