إن أول ما يتبادر إلى ذهن كل متتبع للشأن العام السياسي هو ذلك السبق الذي يحظى به بعض ممثلي الأمة بقبة البرلمان في الخرق السافر للقوانين الذين يكونون مصدر تشريعها، فالسؤل العريض هو كيف سننتقل إلى مغرب المؤسسات بدستور جديد ولكن بعقليات متقادمة تستأسد من أجل تحصين مصحلتها الشخصية على حساب القوانين المؤطرة للحياة العامة. المثال الصارخ والذي يعبر عن عقلية الدوس على قوانين الأمة من أجل التمايز الاجتماعي والتأثير على إرادة المواطنين من أجل بلوغ كرسي برلماني مبتذل هو حالة برلمانين اثنين خرقا القانون المنظم لعملية المراجعة الاستثنائية للوائح الانتخابية عنوة وعن سبق إصرار: الحالة الأولى: برلماني يدعي أنه يمثل قيادة بني فراسن يقطن بشكل رسمي بمدينة الدارالبيضاء، تم تسجيله خلال هاته المراجعة الاستثنائية الأخيرة ضمن اللوائح الانتخابية لجماعة الربع الفوقي علما أنه لا يقطن بترابها، لكن أخاه الذي هو رئيس هاته الجماعة أقحمه ضمن لوائحها متحديا القانون المنظم لذلك والذي يحدد شروط التسجيل في اللوائح الانتخابية في الإقامة الفعلية وليس الثانوية أو ما شابه ذلك. الحالة الثانية: برلماني يدعي انه يمثل ساكنة غياتة الغربية، والذي هو رئيس مجلسها الجماعي في نفس الوقت ورئيس اللجنة الإدارية للمراجعة الاستثنائية للوائح الانتخابية بها قام خارقا كل قوانين الدنيا بتسجيل نفسه بالدائرة الانتخابية رقم 7 (القلعة) التي هي مسقط رأسه ولا يقطن بها مطلقا عوض أن يسجل نفسه بالدائرة الانتخابية رقم 9 (الزويتنية) التي يتوفر فيه على أقامة فعلية وسكن رئيسي، فأين هو معيار التسجيل في اللوائح الانتخابية الذي أصبح وحيدا لا لبس فيه ولا مواربة؟!... إن أول خطوة إلى انتخابات نزيهة وشفافة هي تطهير اللوائح الانتخابية من مثل هاته الشوائب التي تشوبها والتي تضرب مصداقيتها في مقتل وتزيد من عزوف المواطنين عن ممارسة حقهم الدستوري في الترشيح والتصويت ، فهلا فتح تحقيق من طرف الجهات المسؤولة لتصحيح مثل هاته الاختلالات وإعطاء المثال والعبرة بحتمية انصياع الجميع لقوانين الأمة وضوابطها بدون لف أو دوران...