رغم التقارير العديدة المنجزة من قبل مختلف لجن التفتيش، التي وقفت على مجموعة من الخروقات والتجاوزات في بعض المؤسسات التعليمية التي أصيب تلاميذها وتلميذاتها بتسممات غذائية، واتخذت الإدارة على إثرها عددا من الإجراءات، مازالت هذه الظاهرة تحصد العديد من الضحايا من فئة لا مناص لها من اللجوء إلى المطاعم المدرسية، لبعد سكناها عن المدرسة من جهة ولطبيعة نظام التعليم المستمر من جهة أخرى. خبز وطعام يستشعر التلاميذ خطورتهما ويشتكون من رداءتهما انطلاقا من رائحتهما ومذاقهما، وفاكهة إن وجدت، تغريك بشكلها قبل أن يتحول الشعور عند تناولها إلى اشمئزاز. مشاهد متكررة تؤكد لنا أن الأوضاع الصحية المتردية بالمدارس مازالت قائمة، من خلال حادث التسمم الأخير، الذي هز إقليم تاونات وتحديدا الجماعة القروية «تبودة»، حيث تعرض حوالي 164 تلميذا وتلميذة بمدرسة "لبابة" لتسمم جماعي على إثر تناولهم لوجبة غذائية بالمؤسسة، تم نقل تسعة منهم على وجه السرعة إلى المستشفى الإقليمي لمدينة الشاون عبر سيارات النقل السري لوجود سيارات النقل المدرسي وسيارة الإسعاف التابعة للجماعة في حالة عطب. وللإشارة، فإن أعراض المغص على مستوى البطن وكذا آلام الرأس مصحوبة بالتقيؤ بدت واضحة عليهم، حيث خارت قوى بعضهم، مما أدى إلى الاحتفاظ بهم جميعا لمدة 24 ساعة، وإخضاعهم للعناية المركزة والمراقبة الطبية استنادا إلى مصدر مسؤول من عين المكان. هذا وقد تلقى باقي المصابين الإسعافات الضرورية بالمركز الصحي لجماعة «بني احمد» المجاورة، لافتقار المركز المحلي لطبيب معالج. وفور توصلهم بالخبر، انتقل إلى مكان الحادث عدد من المسؤولين الإقليميين بوزارة التربية الوطنية ووزارة الصحة العمومية وسلطات محلية للوقوف عن قرب على حالات التلاميذ المصابين. ولمعرفة ظروف وملابسات هذه النازلة التي خلفت استياء وسط الأهالي والآباء والمهتمين بقطاع التعليم، تم فتح تحقيق في الموضوع، حيث تم أخذ عينات من «بيسكوي» وقطع الجبن التي قدمت للتلاميذ أثناء الوجبة الغذائية، مع أخذ عينة كذلك من ماء بئر بساحة المؤسسة للكشف عن مسببات هذا التسمم. وعلمت «الاتحاد الاشتراكي» أن الحادث المذكور خلف ردود أفعال متطابقة في أوساط الحقوقيين، الذين أصبحوا يتساءلون عن الأسباب التي جعلت اللجان الصحية لم تتحرك لتكثيف المراقبة على المواد الغذائية والتأكد من سلامتها وجودتها داخل مطاعم المدارس خصوصا بالعالم القروي، حيث يرتفع فيه إقبال التلاميذ على المطاعم التي تفتقر عموما إلى أبسط التجهيزات الضرورية.