لا خير في وِدِّ امرء متملق.. إذا الريح مالت، مال حيث تميل.. إذا كان هذا البيت هو بيته المفضل، فلأنه يكره أكثر مما يكره: التملق. صديقنا فرحاني هو هذا الرجل المناضل في الدم، البشوش دائما. يمر اليوم بلحظة عسيرة ستزول لا محالة كسحابة صيف.. إيمانه القوي وعزيمته الأقوى والتمسك بالحياة من الأولويات التي لن تفت من العضد. ناضل هذا البيضاوي ذو الأصول المذكورية نضالا يشهد به وعليه القريبون والبعيدون، تحمل مسؤولياته بالمثابرة والإلتزام والصبر ونكران الذات داخل الكتابة الإقليمية للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بالعاصمة الاقتصادية أيام المتابعات وكتابة التقريرات خلال السنوات التي في البال فضائح.. ابتعد عن الممارسة الفعلية، وبقي كما هو مناضلا في حياته اليومية ومتعاطفا مع الفقراء المغلوبين على أمرهم. لن ينام هنيئا مريئا ليلة عيد الأضحى إلا بعد أن يساهم في شراء كبش أو كبشين لأسرة أو أسرتين، وهل يكذب الغائب الشاهد؟ عبد السلام صديق لأدباء وإعلاميين وفنانين، يستفيد ويفيد، والجلسات معه متعة ومؤانسة بين الجد والهزل.. والذاتية والموضوعية.. الكرم والسخاء والتعاطف الكبير، هذا يجمع عليه الكثيرون من معارفه، مهتم أشد الإهتمام بالشأن الثقافي، حين يداهمه الحزن، يبحث عن بهجة في كتاب أو عن مكان داخل قاعة سينمائية.. عبد السلام يعشق الأدب الفرنسي ويعرف جل ما جد من الإصدارات، يحب المسرح المغربي عصر الهواة، ويحفظ عن ظهر قلب بعض أغاني ليوفيري وجورج براسانس وجاك بريل، إنه من المعجبين بهذا الثالوث النبيل.. علاقته وطيدة بسينما الكواكب التي عرفت خطابات شهيرة للمهدي بن بركة وعبد الرحيم بوعبيد، مايزال عبد السلام يتذكر جميع التفاصيل، بل كان جزءا منها. يتذكر بعض العبارات التي جادت بها قريحتا الزعيمين الاتحاديين آنذاك، ويتأسف اليوم لإغلاق القاعة في وضح النهار وعلى مرأى الجميع. استفاد كثيرا من إقامته بفرنسا، وأحب عاصمة الأنوار «مدينة الثقافة والمثاقفة والتثقيف» كما يحلو له القول. فنان كبير اقتحم بجدية عالم البنك والحسابات، وكذب الذين يقولون إن أصحاب وظيفة الأموال لا يهتمون بالأدب والفكر... على الأقل، صاحبنا يفند هذه المقولة جزءا وتفصيلا. عبد السلام، كما أعرفه، يحب الوطن حتى نخاع النخاع، ويضعه فوق اعتبار كل الاعتبارات، عبد السلام مزدوج اللغة قراءة وكتابة... وسريع في ملء الكلمات المسهمة باللغتين من فضلكم! عبد السلام يحب أصدقاءه ويبادلونه نفس الحب والتقدير.. هكذا هو الرجل محفوف برضى والدته الحاجة أطال الله عمرها. هكذا هو الرجل الذي سنقف أمامه قائلين: نحبك يا عبد السلام، وننتظر عودتك إلى جوقتنا، فلدينا أسئلة كثيرة لتجيبنا عنها مثلا: هل ستروس كان فعل الفعلة أم لا؟ وسنضحك ولا محالة... وأكيد أنك ستخرج قريبا على قدميك مرفوع الرأس منتصب الهامة و القمة تمشي..