لا تكاد الأوضاع في كلية آسفي تستقر حتى تعود إلى الغليان..في المواسم الجامعية الماضية كادت الأمور تصل حد إغلاق الكلية وتوقيف الدراسة بسبب تدبير رديء للعمادة السابقة ،وتصعيد نقابي لم يؤمن قط بأنصاف الحلول ولا التدرج في تحصيل المكاسب.. واليوم تقترب نفس هذه الأوضاع من خط التوتر بفعل معطيات جديدة.. أساسها الجسم التربوي من جهة، وطلبة لهم ملف مطلبي معقول، وعميد يتغنى بتفاصيل البرنامج الاستعجالي، ونقابة قدم كاتبها المحلي استقالته احتجاجا على أوضاع لم تعد سليمة.. جريدة الاتحاد الاشتراكي زارت الكلية والتقت العديد من الطلبة وبعض النقابيين والأساتذة أيضا.. لاستجلاء الحقائق والوقوف على أهم التفاصيل التي تحكم وتؤطر هذا الوضع الذي ينحو في اتجاه تحويل مؤسسة جامعية إلى «ثانوية كبيرة»..!؟. استقالة أول حجارة رميت في حرم الكلية.. هي استقالة الكاتب المحلي للنقابة الوطنية للتعليم العالي احتجاجا على أوضاع لم تعد مقبولة في نظره.. وتتعلق أساسا بالإخلال المباشر بوظيفة الأستاذ الجامعي، غياب العديد من الأساتذة والعطل المفتوحة التي يأخذها البعض منهم عنوة تحت مبررات شتى، أضف إلى هذا.. عدم التزام بعض الأساتذة بالسقف الزمني المحدد لتدريس المواد.. بشكل لم يعد يسمح بتخريج وتأطير حقيقي للطلبة، وهو حسبه دائما - أي الكاتب المحلي الأستاذ إبراهيم أولتيت - وضع يخرب الأعصاب ويدفع إلى الاستقالة.. ولا يشجع على إنتاج علمي بالمواصفات الأكاديمية والقانونية. بعض الأساتذة الذين التقيناهم حاولت بعض آرائهم تقزيم استقالة الكاتب العام والنظر إليها على أنها نوع من التدخل في شؤون الأساتذة، وهي مشروع وصاية تخرج من بين ثنايا نص الاستقالة، الشيء الذي سيدفع إلى المزيد من توتير الأجواء وخلق البلبلة والتشويش، وهو» ما سنتصدى له قريبا» يصرح أستاذ بكثير من الوثوقية..! فضائح كارثية الطلبة وهم حجر الزاوية، سواء في التكوين الأكاديمي أو في الإصلاح الجامعي أو إصلاح الإصلاح كما جاء في البرنامج الاستعجالي.. لا يهمهم ما يقع وسط النقابة ولا بين الأساتذة.. هم يريدون التكوين فقط.. الحصول على معارف حقيقية ومحترمة تؤهلهم لمواصلة تعليمهم الجامعي.. وتوفير جو وبنية ملائم وملائمة للتحصيل.. يقولون أن الأساتذة يشحنونهم بالساعات الإضافية وببرمجة لا تراعي سوى وقت حضورهم ورحيلهم عن المدينة لأن أغلبهم غير مقيم بآسفي، مواد لا تدرس حسب الملف الوصفي ولا تنضبط في مضامينها سوى لرغبة الأستاذ، طلبة الشعب العلمية يعانون هم أيضا من ضعف وغياب الأشغال التطبيقية، كما أن بعض الأساتذة حسب تصريحات الطلبة للجريدة لا يحترمونهم ويتعاملون معهم بمنطق التهميش والإهانة والتحقير.. « واش كين الأستاذ ليتيكول للطالب سكت آالقرد والحمار.. هدشي باقي فالكلية». لكن الخطير ليس فقط الاكتظاظ ولا مشكل النقل ولا مصلحة النسخ والفوطوكوبي التي يتعامل أصحابها مع الطالبات والطلبة بمنطق الربح وقلة الاحترام، ولا غياب مكتبة تضم المراجع المطلوبة، ولا مقصف يتصرف أصحابه خارج دفتر التحملات، ولكن الخطير جدا.. بتعبير الطلبة دائما وتأكيد عديد من الأساتذة.. هو لجوء أستاذ مثلا إلى الساعات الإضافية خارج الكلية وبسومة 200 درهم للشهر مقابل الحصول على نقطة غير مقصية.. وبيع وتسريب مواد الامتحانات.. ولعل الشعب والمسالك التي رفضت استقبال وتدخل هذه النوعية من الأساتذة بقرارات اتخذت على مستوى تلك الشعب.. لخير دليل على ما ذهبنا إليه في هذه الورقة الإعلامية.. والعميد يعرف هذا.. والصداع نايض شحال هادي.. والطلبة يتصلون وآباؤهم أيضا غير ما مرة بمكتب الجريدة.. هذا هو الخطير الذي تحدثنا عنه.. ولا نريد ذكر الأسماء، فمقترفو هذه الفضائح معروفون على كل حال.. وليت الأمر توقف هنا.. فالبحوث أيضا تخضع لمنطق السوق ومن كتب البحوث للطلبة على شكل»إعانة أكاديمية» يعرف نفسه.. والتفاصيل يختفي وراءها جنرالات الشياطين وليس شيطان صغير..؟! يبقى الشيء المهم هو أن الطلبة، سواء الذين التقيناهم في رحاب الكلية أو الذين زارونا بمكتب الجريدة.، يؤكدون على احترام كينونتهم وذواتهم كبشر أولا.. لأن هذا الاستهتار سيحول الكلية المتعددة التخصصات بآسفي إلى كلية متعددة المشاكل، وهو تعبير لاصق بالمعنى الدارجي للكلمة. عمادة خارج التغطية العمادة كما يقول المسؤول عنها في أحاديثه الجانبية وفي كلامه مع طلبة وبعض الأساتذة تحمل مشروعا إصلاحيا يتماهى مع البرنامج الاستعجالي.. إلى هنا الأمور واضحة ومعقولة.. لكن ما هو غير طبيعي هو ترك الحبل على الغارب وفسح المجال للغيابات المتكررة والعطل المفتوحة التي يقتطعها بعض الأساتذة عنوة، والذين يطلبون الانتقال إلى مؤسسات جامعية أخرى.. وكأن كلية آسفي لا تليق بمقامهم العلمي.. الاستهتار في التدريس، وإجازات فارغة من أي محتوى، وخصوصا الإجازات المهنية التي لا تحمل من التكوين إلا الاسم، والفوضى وعدم احترام السقف الزمني، والاستنجاد بالأساتذة العرضيين في استنزاف واضح لميزانية فقيرة أصلا.. والسماح بالانتقال لأكثر من عشر أساتذة.. هذه هي الفوضى. هي بتركيز شديد صورة كربونية لأوضاع كلية آسفي.. العميد يعيش دوخة الاستئناس بالمكان وهو القادم الجديد للمسؤولية.. رئيس جامعة القاضي عياض لا ينتبه لما يقع، ويرتكن لتقارير باردة تصله دون تمحيص، لا يمكن أن يهتم المرء فقط بترشيح ثان للمنصب، وبجوار الكلية تشتعل النار في المدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية، ولا أحد من مراكش بقادر على حسم الأمور.. إنه بالفعل برنامج استعجالي بطيء ومريض.. والأمور بخواتمها.