يواصل مضيفو ومضيفات «أطلس بلو» اعتصامهم داخل مقر الشركة بمراكش.. 270 فردا رجالا ونساء وجدوا أنفسهم على الهامش.. «الاتحاد الاشتراكي» التي تتابع ملفهم باهتمام كبير ، انتقلت إلى مقر اعتصامهم بمراكش لتنقل بعضا من صور معاناتهم.. على مقربة من باب مقر شركة أطلس بلو يجلس بعض رجال الأمن منهم البعض بلباس مدني .. على عتبة الباب علقت لافتة تشير إلى اعتصام مضيفات ومضيفي هذه الشركة وإلى جانبها مجموعة من الشبان.. حين اقتربنا منهم لاحظنا أن رجال الأمن قد طاردونا بنظراتهم المعروفة مراقبين باب الاعتصام. سنعرف في ما بعد أنهم سألوا عمن نكون وإلى أية وسيلة إعلامية ننتمي، وما هدف زيارتنا للمعتصمين ؟؟ وطبعا الكثير من الأسئلة المستفزة، هذا ما أخبرنا به أحد المعتصمين حينما كنا نستمع لمعاناتهم وهمومهم.. صعدنا الدرج.. فتيات وفتيان في عمر الزهور بلباس العمل.. قدموا لنا التحايا ورفعوا إشارة النصر.. ورغم معاناتهم رسموا على طلعاتهم ابتسامات عريضة كأجمل ما يستقبل به الضيف.. في أروقة المقر وبين مكاتبه وضعوا على الأرض أفرشة من الإسفنج والبطانيات.. وضع مأساوي حقا..» هنا نأكل هنا ننام.. نحن مصرون على الاعتصام إلى أن تتحقق مطالبنا..» سألناهم لماذا ا الاعتصام؟.. قبل أن يبدأوا في شرح معاناتهم بكل تفصيل ذهبوا بنا إلى قاعة بها طاولة مستديرة فقالوا: «اتخذنا قرار الاعتصام بمقر الشركة بعد انعدام حوار جاد وبناء وتعنت المجموعة في تشبثها بالقرار الأحادي المتعمد، بعد اجتماعها الإداري بتاريخ 10 فبراير2011، والرامي إلى إدماج المضيفين والمضيفات عبر وسيط عوض الإدماج المباشر والفوري كما تنص عليه المادة 19 الفقرة الأولى من مدونة الشغل المغربية . وأن هذا القرار اتخذ في وقت وجيز لا يتعدى 18 يوما ودون أي استشارة أو إخبار الممثلين الشرعيين للمستخدمين.» وحول تبريرات الإدارة، قالوا بأن المجموعة بررت تعنتها بمنطق خرافي يتنافى ونوعية مهام المضيف لا يحترم المسار المهني ولا أعراف المهنة، وذلك بالتأكيد على طرح وتداول رؤية غير واضحة في ما يخص مستقبل فرعها بمراكش - أطلس بلو- وتبني لغة تقنية لتضليل الرأي العام عن حقيقة إدماج شركة أطلس بلو بالشركة الأم وتفويت أسطولها ثم إدماج الطيارين والأطر المباشر والفوري دونا عن باقي المستخدمين. المعتصمون المتضررون من سلوك «لارام» اعتبروا هذا الاقتراح غير معقول و مجحف ومناف لما يفترض في مؤسسة وطنية ومواطنة.. فمضيفو ومضيفات الشركة حرموا منذ فاتح مارس 2011 من الولوج إلى طائراتهم وتم تبليغهم عبر شرطة الحدود أن بطائقهم المهنية لا تتناسب والوضعية القانونية للطائرات وأن ولوجهم أصبح مرهونا بقبول بطائق ورخص جديدة . واستهزأت إحدى المضيفات وهي تتحدث لنا عن مرارة معاناتهم من الأسلوب الممنهج في الاستفزاز إلى درجة الضحك على الذقون من خلال استعمال أشخاص أغراب عن المستخدمين يقدمون لهم بطائق ورخصا مفبركة في بهو المطار أو خارجه، وذلك بدون أي سند قانوني وفي خرق سافر للقوانين الوطنية و الدولية المعمول بها، علما بأن المعنيين يحملون بطائق الطاقم تمتد صلاحيتها إلى متم دجنبر من السنة الحالية.. المعتصمون اتهموا مديرية النقل الجوي المدني التابعة لوزارة النقل والتجهيز بتواطئها مع مجموعة الخطوط الملكية المغربية ؛ حيث يقولون: «راسلنا مديرية النقل الجوي والوزارة الوصية، غير أن كلاهما لم يعرننا اهتماما.. والتجأنا إلى أبعد من ذلك حيث راسلنا المنظمة الدولية للنقل الجوي-OACI- كما راسلنا عدة أحزاب سياسية وتجمعات حقوقية بعد تحول الوضع إلى معضلة اجتماعية تهدد ما يزيد عن 270 عائلة موزعة على ربوع المملكة..» سألنا المضيفين والمضيفات المعتصمين عما إذا كانت هناك مبادرات من قبل بعض الجهات المسؤولة لإيجاد مخرج لمشكلتهم فكانت إجابتهم كم يلي: «في ظل تعنت الشركة ونهجها سياسة القمع التي دأبت على استعمالها و استمرارها في تجاهلها موقفنا الجماعي والموحد الذي عبرنا عنه بجميع الطرق السلمية والحضارية راسلنا جهة مراكش - تانسيفت-الحوز الذي وعدنا وعدا صادقا بتتبع قضيتنا بعد طرحها على اللجنة الإقليمية للبحث والمصارحة وإيجاد حل عادل ونهائي ومتفاوض عليه في اقرب الآجال، لكن إدارة المجموعة لم تبد أي استعداد لدفع الملف إلى الأمام، وفتح حوار بناء وجدي بل عكس ذلك تمادت في سياسة التماطل وممارسة الضغوطات النفسية من خلال تكريس الوضع وتأزيمه، تمهيدا لفرض سياسة الأمر الواقع وإجبار المستخدمين على الرضوخ وقبول المقترح الأحادي. ولم يزد هذا التجاهل والتصلب المستخدمين إلا تشبثا بموقفهم حفظا لكرامتهم وتمسكا بحقوقهم ومكتسباتهم ليدخلوا في اعتصام عفوي وسلمي بمقر الشركة إلى حين إيجاد حل نهائي عادل يضع حدا لمأساتهم. عندما وصلنا مقر الاعتصام كان المحتجون في يومهم الرابع من معركتهم النضالية المفتوحة. الملف الذي يهم أزيد من 270 مستخدما ينطوي على معاناة إنسانية لأسر هؤلاء المستخدمين . إذ يقول أحدهم «مطالبنا اجتماعية، و نحن لسنا مضربين عن العمل، وما نطالب به هو تطبيق البند 19 من مدونة الشغل.. تصوروا أننا لم نتقاض أجرنا لأزيد من شهر، ولدينا التزامات عائلية و التزامات مع البنك مترتبة عن القروض .. «وأضافت إحدى زميلاته : «بعضنا اضطر أن يوقف أبناءه عن الدراسة بفعل عدم قدرته على استيفاء المصاريف المطلوبة، ومنا من يعيل أسرة بكاملها من والدين وإخوة.. وحتى اعتصامنا هنا نصرف على حاجياته من مأكل ومشرب بشكل تضامني وهناك بعض المحسنين ممن لا نعرفهم يقدمون لنا بعضا من الإعانة.» وصرخت مضيفة أخرى: «نحن مغاربة و «لارام» ديال الشعب و حنا أولاد الشعب.. فلماذا يخططون لتشريدنا وفي المقابل يستوردون أجانب (سينغاليين) ويدمجونهم ويؤمنون لهم الإقامة في أفخم الفنادق .. وفي الأخير يزعم المسؤولون بأن «لارام» (ما كاتخدمش الناس..). ومن مظاهر الاستهتار التي عوملنا بها من قبل بنهيمة أنه في الوقت الذي كنا ننتظر منه اجتماعا لحل المشكل تركنا في الشمس وبعدها يبعث لنا بواسطة سكرتيرته بدعوة لتناول ساندويتش وقنينة ماء..» ولم تكن أجواء الاعتصام لتنال من عزيمة المحتجين، إذ أن كل يوم يمر إلا ويزيدهم إصرارا على المضي إلى أبعد الحدود في الدفاع عن حقوقهم رغم التحرشات و المضايقات التي يواجهون بها من قبل شرطة المطار والسلطة. يقول أحدهم في هذا الصدد: «في هذا اليوم أخبرنا ببيان رسمي من الشرطة بأنه سيتم قطع التيار الكهربائي عن مقر الاعتصام، وهو أسلوب استفزازي يريدون أن يتوجوا به ممارستهم اليومية في الكثير من الأسئلة الممزوجة بالوعد والوعيد.. كما أن عناصر الاستخبارات يزوروننا بالليل و يشرعون في استجوابنا إن كانت تدعمنا جماعة العدل و الإحسان.. نحن لا نريد احتلال المقر كل ما يهمنا هو لفت الانتباه إلى وضعنا واعتصامنا سيظل مفتوحا إلى أن نحقق مطالبنا.. وإذا ما استمرت الضغوطات علينا فإننا سنضطر إلى نقل احتجاجنا إلى فضاء مطار مراكش المنارة. وفي نفس السياق أوضح مضيف آخر: «في الحقيقة كنا قد قررنا أن نعقد اعتصامنا بالمطار لكن والي جهة مراكش تانسيفت الحوز تدخل ووعدنا بحل مشكلنا. قال حرفيا: (ما تعتصموش في المطار .. ديروا بوجهي). نحن نطالب بحقنا سلميا لا نريد فوضى ولا شغب و لا نستغل الظرفية الحالية المرتبطة بالحراك الذي يعرفه الشارع المغربي والعربي، بل لا نريد حتى زيادة في الأجر.. ما نطالب به هو حقنا الشرعي والقانوني في الإدماج في الشركة ز بدون وسيط و لن نقبل بترقيعات التشغيل عن طريق الشركة الوسيط لان ذلك يجهز على حقوقنا وأقدميتنا..» تركنا المعتصمين في مقر اعتصامهم و هم يتمتعون بإرادة واضحة لمواصلة معركتهم إلى أن يستجاب لمطالبهم.. طاقتهم الإيمان بعدالة قضيتهم.. ورغم تشبث إدارة «لارام» بموقفها إلا أنهم، كما صرحوا لنا، يعولون على تدخل صاحب الجلالة لإنصافهم من الظلم البالغ الذي لحقهم و أسرهم على يد شركة وطنية معروفة أصلا بأدائها الاجتماعي، ومن المفروض لأبناء الشعب أن يجدوا مكانهم بها..