هي مدينة أصبحت تعاني تراجعا على جميع المستويات، الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والثقافي، لدرجة أن سكانها أصبحوا يسمونها «القرية الكبيرة»، نظرا للإحباط الناتج عن الحالة المزرية التي تعيشها المدينة. لماذا «إقصاء « محطة مكناس؟ هو سؤال يطرحه المواطن المكناسي بامتعاض وحسرة كلما ارتاد محطة القطار بهذه المدينة، التي توقف فيها الزمن واتخذ شكلا زمنيا واحدا بقي وفيا للماضي رافضا الانتقال إلى المستقبل. ويستغرب المكناسيون كيف لم يتم إدراج إحدى محطاتهم ضمن مخطط «انجاز و بناء وتحديث المحطات السككية بالمغرب»، الذي أطلقه المكتب الوطني للسكك الحديدية؟ فمقارنة مع باقي المدن التي استفادت من هذا المخطط ، وذلك بتحديث محطاتها وفق متطلبات العصر وتماشيا مع تراث المنطقة، مثل مراكش وفاس ووجدة وطنجة والرباط والدار البيضاء والناظور وتاوريرت وغيرها من المدن التي رممت محطاتها، فمكناس لا تقل أهمية عن هذه المدن، لا من الناحية التاريخية ولا السياحية، بالإضافة إلى موقعها الاستراتيجي الرابط بين الشرق والغرب والشمال والجنوب، فهي بوابة على جميع الجهات وعاصمة لجهة مكناس تافيلالت سابقا، وعاصمة من عواصم الدولة العلوية. فكيف يتم تهميشها بهذا الشكل ، في وقت تتوفر على جميع المؤهلات لتكون من المدن الرائدة على الصعيد الوطني والاقليمي، نظرا لمقوماتها الفلاحية والسياحية. وعبر بعض الفاعلين الاقتصاديين والثقافيين عن استيائهم بخصوص إقصاء محطات المدينة من طرف المكتب الوطني للسكك الحديدية من مخطط التحديث، حيث أكدوا أن المدينة في حاجة ماسة إلى مثل هذه المحطات العصرية تماشيا مع التظاهرات الدولية الكبرى التي تحتضنها، مثل المعرض الدولي للفلاحة الذي يستقبل ضيوفا من المستوى الرفيع من جميع أنحاء العالم، ومهرجان وليلي الدولي لموسيقى العالم التقليدية، الذي يستضيف فرقا موسيقية من جميع القارات ويستقطب جمهورا واسعا، بالإضافة الى بعض التظاهرات المحلية والوطنية التي تتنوع بين الفني والاقتصادي... كل هذه الدوافع وغيرها تبرز حاجة المدينة إلى محطة قطار بحلة عمرانية حديثة في أفق أن تضاهي محطات القطار في الدول المتقدمة التي تعتمد على التمويل الذاتي بتوفير التجهيزات الوظيفية والخدمات، من أجل تسهيل الانتظار قبل مجيء القطار، مثل المتاجر والمطاعم والمحلات التجارية والأكشاك البنكية الأوتوماتيكية، وإحداث محطات لجميع وسائل النقل العمومي أمام المحطة... ما يجعلها مؤهلة لأن تلعب دورا اجتماعيا يؤثر إيجابا في سلوك مرتاديها وفي محيطها ، إذ يمكن اعتبارها رافدا من روافد التنمية المحلية. كما دعوا إلى تسريع إخراج مشروع الخط السككي الرابط بين مكناس والرباط بشكل مباشر عبر الخميسات، الذي سيوفر للمسافرين نصف الوقت الذي تستغرقه الرحلة، والذي لا شك أنه سيساهم في تنمية المنطقة ويزيد من عدد مستعملي القطار، ويسهل على مواطني الجهة الشرقية الوصول للعاصمة لقضاء أغراضهم والرجوع إلى منازلهم في نفس اليوم ، نظرا لاختصار المسافة عبر هذا الخط. وللتذكير فقد خصص المكتب الوطني للسكك الحديدية غلافا ماليا قدره 7.13 مليار درهم للاستثمارات المبرمجة لهذه السنة، منها 29 في المائة تتعلق بمشروع الخط الفائق السرعة و71 في المائة لمتابعة تحديث الشبكة الحالية. فهل توجد محطة مكناس ضمن ميزانية التحديث لهذه السنة؟