فوجئ ، مؤخرا ، الموظفون المتقاعدون بوزارة التجهيز والنقل واللوجيستيك التابعون للمديرية الإقليمية ببنسليمان بأحكام قضائية صدرت عن القضاء العادي تقضي بإفراغهم من المساكن الوظيفية التي يشغلونها منذ حوالي أربعة عقود ومن ضمنهم أرامل وأبناء المتقاعدين المتوفين. وهي أحكام خلفت استياء وتذمرا لدى المتضررين لكونها من جهة ستكون لها انعكاسات وتداعيات سلبية على المعنيين الذين سيجدون أنفسهم بعد أن قدموا خدمات كبيرة لهذا القطاع معرضين وأسرهم للتشرد والضياع، ومن جهة أخرى «فإن الأحكام المذكورة ، حسب المتضررين، تعتبر جائرة وغير منصفة ولا تستند إلى قواعد قانونية مضبوطة في مثل هاته الحالات، ذلك أنها أولا صدرت عن القضاء العادي (المحكمة الابتدائية ببنسليمان ومحكمة الاستئناف بالدار البيضاء)، علما بأن النزاعات الإدارية بين الموظف و الإدارة هي من اختصاص القضاء الإداري حيث كان من المفروض أن تسلك مسطرة التقاضي باللجوء إلى هذا الأخير في الفصل في النزاع بين المتقاعد المتضرر والإدارة. وثانيا أن وزارة التجهيز والنقل واللوجيستيك لم تأخذ بعين الاعتبار المراسلات والمذكرات التنظيمية المتعلقة بالمساكن الإدارية والوظيفية، ولم تراع حقوق الموظفين في الاستفادة من المساكن الوظيفية والإدارية القابلة للتفويت والتي تنظمها وتؤطرها المذكرة رقم 12/628 الصادرة عن وزارة التجهيز سنة 1999 حول توقيف المساطر القضائية في مواجهة المتقاعدين وأراملهم وأبنائهم المحقين في اقتناء المساكن الإدارية الموجهة للمديريات الجهوية والإقليمية، بعد أن صدر في شأنها مرسوم للوزير الأول بالجريدة الرسمية بتاريخ 1 يوليوز 1999». وتنفيذا لهذا المرسوم فقد اتخذ قرار بين وزير الاقتصاد والمالية والخوصصة ووزير التجهيز بتاريخ 10 يناير 2002 يقضي بتصنيف وتحديد المساكن المخزنية الوظيفية غير القابلة للبيع، حيث تبين بعد عملية التحديد أن مساكن المتضررين التابعة للمديرية الإقليمية بنسليمان لا تدخل ضمن المساكن غير القابلة للبيع، وبالتالي - حسب المعنيين - فإن من حقهم الاستفادة من عملية التفويت للمساكن القابلة للبيع، مما دفع بهم إلى سلك مختلف المساطر القانونية والإدارية قصد اقتناء تلك المساكن، وذلك تطبيقا وتجاوبا مع المذكرة الوزارية رقم 2120 الصادرة بتاريخ 11 مارس 2014 حول تدبير المساكن الإدارية، حيث تقدم المعنيون بطلبات الاقتناء مدعومة بملف تقني للمساكن لدى وزارة التجهيز والنقل واللوجيستيك وكذا لدى مدير الأملاك المخزنية بالرباط داخل الآجال المحددة لهذه العملية، على اعتبار أن المساكن الإدارية التي يقطنونها قابلة للتفويت ولا توجد ضمن لائحة المساكن المخزنية غير القابلة للبيع. كما توجه المتضررون بمراسلة إلى المدير الجهوي لأملاك الدولة بالدارالبيضاء بتاريخ 26/10/2016 لمعرفة مآل ومصير موضوع تفويت المساكن المذكورة خاصة وان المعنيين توصلوا برسالة تحت عدد 664 بتاريخ 20/06/2016 من مندوبية الأملاك المخزنية بالمحمدية تفيد بأن المساكن في طريق التفويت لفائدتهم، مطالبين المسؤول الجهوي بالتدخل لتسريع العملية وتمكينهم من حقهم في الاستفادة من تفويت المساكن الإدارية،خاصة بعد إجراء زيارات ميدانية لعين المكان من طرف الإدارات المعنية لمعرفة موقع المساكن موضوع طلبات التفويت وللتأكد من كون تلك المساكن غير مدرجة ضمن لائحة المساكن الوظيفية غير القابلة للتفويت. وفي الوقت الذي كان ينتظر متقاعدو وزارة التجهيز والنقل واللوجيستيك وأراملهم وأبناؤهم مباشرة الإدارة لعملية تفويت المساكن لفائدتهم، إذا بهم يفاجؤون بسلك هذه الأخيرة للمسطرة القضائية الرامية إلى إفراغهم من المساكن الوظيفية التي يشغلونها حيث وجدوا أنفسهم في مواجهة الإدارة أمام القضاء، وهي التي قدموا تضحيات جسام من أجل خدمتها وخدمة الصالح العام، حيث قضت المحكمة الابتدائية ببنسليمان ومحكمة الاستئناف بإفراغهم من المساكن الوظيفية المذكورة. مما اعتبروه ظلما وحيفا مورس في حقهم لكون مساكن مماثلة لمساكنهم تم تفويتها عن طريق البيع لفائدة الموظفين المتقاعدين من طرف الوزارة المشار إليها؟! لكن الغريب في الأمر، وحسب ما صرح به البعض من المتضررين ل«الاتحاد الاشتراكي»، أن القضاء العادي الذي أصدر حكم الإفراغ ابتدائيا من المساكن الوظيفية المذكورة تبعا للمقال الذي تقدمت به الإدارة العامة للأملاك المخزنية ووزارة التجهيز والوكيل القضائي للمملكة المغربية في مواجهة الموظفين المتقاعدين هو نفسه الذي قضى بعدم الاختصاص في ملف آخر مماثل يهم أحد المتقاعدين الذي يشغل مسكنا وظيفيا وإداريا بجوار مساكن المعنيين؟ وهو ما اعتبروه تناقضا واضحا في إصدار الأحكام، مؤكدين على أن التنازع بين الإدارة العمومية والموظف هو من اختصاص المحكمة الإدارية وليس من اختصاص القضاء العادي الذي قضى بإفراغهم من مساكنهم الوظيفية، الشيء الذي اضطرهم إلى رفع القضية إلى محكمة النقض، آملين في أن يتم إنصافهم من طرف هذه الأخيرة لكونهم أصحاب حق من جهة ومن جهة أخرى فإنهم أصبحوا بعد صدور هاته الأحكام مهددين بالتشرد والضياع، خاصة أن وضعيتهم الاجتماعية لم تعد تسمح لهم باقتناء مساكن جديدة، علما بأن من بينهم أرامل وأبناء أيتام.