من حق اللاعبين أن يفرحوا بهذا التأهل الكبير، ومن حق الجماهير أن تخرج إلى الشارع فرحا وابتهاجا، ومن حقنا أن نرفع سقف طموحاتنا، مستندين إلى الروح القتالية التي ظهر بها اللاعبون في موقعة الثلاثاء، وإلى كفاءة المدرب رونار، الذي عرف كيف يصحح أخطاءه، وكيف يجعل من أشبال صغار يفتقدون إلى الخبرة والتمرس، أسودا تزأر في أدغال الغابون، وتقدم نفسها كأحد المتنافسين بقوة على الأدوار المتقدمة بكثير من العزيمة والإصرار، تمكن المنتخب الوطني من انتزاع تأشيرة العبور إلى الدور الثاني من منافسات كأس أمم إفريقيا، الجارية أطوارها بالغابون حتى الخامس من الشهر المقبل، بعد تغلبه مساء أول أمس الثلاثاء على منتخب الكوت ديفوار في آخر مباريات الجولة الثالثة. وبكثير من التلاحم والروح القتالية، أصر المنتخب الوطني على قلب كل التوقعات والتكهنات، مطيحا بحامل اللقب، الذي كان مرشحا قويا للمنافسة على الكأس، التي سبق أن توج بها في نسخة 2015 بغينيا الاستوائية. لقد قدم اللاعبون في لقاء الثلاثاء صورة رائعة، عكست روحهم الوطنية العالية، وتجسدت في دموع امبارك بوصوفة، مباشرة بعد توقيع رشيد العليوي هدف الانتصار، مما يؤكد حجم المسؤولية التي كانت على عاتق اللاعبين، الذين أصروا على تقديم أفضل مستوياتهم، رغم تشكيك البعض في قدرتهم على عبور المجموعة الحديدية، التي ضمت إلى جانبهم، وفضلا عن فيلة الكوت ديفوار، الكونغو الديمقراطية والطوغو. كما أثبت اللاعبون أنهم يتوفرون على شخصية قوية، إذ أنهم لم يتأثروا بالهزيمة غير المنتظرة التي حصدوها في أول خروج لهم أمام الكونغو الديمقراطية، علما بأنهم تسيدوا كل أطوار اللقاء، قبل أن يستقبلوا هدفا من نصف فرصة أتيحت لأصدقاء كابانانغا. لقد دخل اللاعبون مباراة الكوت ديفوار، وهم عازمون على نزع أنياب الفيلة، وتكسير عقدة استمرت 23 سنة، حيث يعود آخر انتصار للمنتخب الوطني على نظيره الإيفواري إلى سنة 1994، حيث فازت العناصر الوطنية بهدف واحد سجله حسن ناظر. فرغم أن المجموعة الوطنية تتوفر على لاعبين محدودين تقنيا، ورغم الغيابات الكبيرة التي سُجلت قبل الذهاب إلى الغابون، ورغم حالة الارتباك التي طبعت مرحلة الإعداد بمدينة العين الإماراتية، ورغم التعثر في أول لقاء لها بالغابون، حافظت الأسود على كبريائها، وأصرت على قطع الطريق أمام الفيلة، في لقاء وصف بأنه نهاية قبل الأوان. لقد كان لسحر الناخب الوطني هيرفي رونار أثره في هذه الملحمة، ليس لأنه خبر الميادين الإفريقية عبر حضوره القاري الثالث على التوالي، وليس لأنه يعرف جيدا نقط قوة وضعف اللاعبين الإيفواريين، الذين سبق أن توج معهم باللقب القاري، ولكن لأن له فلسفة تقنية خاصة، آمن بها وراهن عليها، وصمد في وجه الانتقادات التي شككت في اختياراته التقنية، فحق له أن يفرح وينتشي بهذا التأهل إلى الدور الثاني، الذي اعتبره قبل التوجه إلى الغابون حلما ورهانا شخصيا، لأن المنتخب الوطني فقد الكثير من قوته خلال مشاركاته القارية الباهتة، حيث لم يعبر الدور الأول منذ نسخة تونس 2004. من حق اللاعبين أن يفرحوا بهذا التأهل الكبير، ومن حق الجماهير أن تخرج إلى الشارع فرحا وابتهاجا، ومن حقنا أن نرفع سقف طموحاتنا، مستندين إلى الروح القتالية التي ظهر بها اللاعبون في موقعة الثلاثاء، وإلى كفاءة المدرب رونار، الذي عرف كيف يصحح أخطاءه، وكيف يجعل من أشبال صغار يفتقدون إلى الخبرة والتمرس، أسودا تزأر في أدغال الغابون، وتقدم نفسها كأحد المتنافسين بقوة على الأدوار المتقدمة. لكن في المقابل، ينبغي الحفاظ على أرجلنا فوق الأرض، وأن ننتظر الخصم المقبل بالعدة والعتاد اللازمين، وهذا ليس خفيا على هيرفي رونار، الذي أكد أنه رجل التحديات، وأنه يتوفر على الأسلحة التقنية اللازمة لكل مباراة على حدة.