حل الحبيب المالكي رئيس مجلس النواب ضيفا على برنامج «حوار» الذي تبثه القناة الفرنسية فرانس 24 مساء يوم الجمعة 20 يناير الجاري. تستضيف هذه الحلقة من «حوار»، رئيس مجلس النواب المغربي، الحبيب المالكي، في أول حوار له منذ تقلده المنصب الجديد، والذي أعقب انتخابه جدلا سياسيا في الأوساط المغربية. - فرنس24: رجل اقتصاد في الأساس ساهم في تأطير العديد من الأبحاث الجامعية، أحد القياديين البارزين لحزب لاتحاد الاشتراكي المغربي، قل ما يختلف المراقبون حول الوزن الأكاديمي للرجل، تقلد عدة مناصب حكومية وحافظ على موقعه القيادي في الحزب رغم الهزات التي شهدها الاتحاد الاشتراكي في السنوات الأخيرة، لكنه يوجد الآن في قلب جدل سياسي عقب انتخابه رئيسا لمجلس النواب المغربي، ضيفي اليوم السيد الحبيب المالكي في أول حوار صحفي له منذ تقلده المنصب الجديد. السيد الحبيب المالكي أهلا بك. عقب الانتخابات داخل البرلمان أصبحت تشغل ثالث أهم منصب في هرم السلطة بالمغرب، كيف تأتى ذلك والاتحاد الاشتراكي لا يشغل سوى 20 مقعدا من أصل 395 مقعدا، أليست بالأساس الديمقراطية عملية حسابية؟ - ذ. المالكي: لا أعتقد أن الديمقراطية تختزل فقط فيما هو رقمي وعددي. الديمقراطية توجه سياسي واحترام لاختيارات استراتيجية. الديمقراطية كمنهج، تساهم في البحث عن الحلول لتجاوز كل ما من شأنه أن يعرقل بناء المسلسل الديمقراطي. ما تم في الأيام القليلة الأخيرة ، ينسجم مع هذا التوجه حيث إن النظام الانتخابي المغربي لحد الساعة لم يسمح لأي حزب بأن تكون له الأغلبية المطلقة، والأغلبية النسبية بطبيعة الحال تفرض البحث عن تحالفات، والتحالفات بدورها تتطلب مشاورات ومفاوضات ولقاءات، وهذا ما يجعل من تشكيل الحكومة أمرا عسيرا إلى حد ما. -فرنس24 (مقاطعة): طيب السيد الحبيب المالكي، هذه التحالفات داخل مجلس النواب، هل ستسهل أم تعرقل ميلاد الحكومة برأيك؟ - ذ المالكي: لا أعتقد أنها ستعرقل أو أنها ستشكل عرقلة في هذا السياق، بل بالعكس، يجب الاحتفاظ بالسير العادي للمؤسسات الدستورية خاصة أن طبيعة المرحلة التي نجتازها والمحيط الذي نعيش فيه غير مستقر. كل هذه العوامل تجعلنا نبحث عن كل الوسائل في إطار الدستور والثوابت والقوانين، لنجعل من المؤسسات الإطار والأداة لإيجاد الحل المناسب. -فرانس 24: لكن ألا يقتضي الأمر تناغما بين المؤسسة التشريعية والمؤسسة التنفيذية التي هي الحكومة التي يستعصى ميلادها؟ - ذ. المالكي: السلطة التشريعية مستقلة عن السلطة التنفيذية، وهناك سابقة في بلادنا في أواخر التسعينيات،حيث تم انتخاب عبد الواحد الراضي رئيسا لمجلس النواب قبل تشكيل حكومة التناوب التوافقي التي قادها عبد الرحمان اليوسفي. علينا ألا نستعظم ذلك، من خلال قراءة معينة ومختزلة للقانون. فمن الطبيعي أن الأغلبية البرلمانية هي التي ستساعد على تشكيل الحكومة لا العكس، فهذا هو المنطق. -فرانس24: أين يتموقع الاتحاد الاشتراكي من هذه الحكومة؟ هل أنتم في الأغلبية أم في المعارضة، علما بأن رئيس الحكومة قال لا يريد حزبكم الاتحاد الاشتراكي في الحكومة؟ - ذ المالكي: لا أعتقد أنه قال ذلك رسميا.ما أود أن أؤكد عليه مرة أخرى، هو أن الاتحاد الاشتراكي، في أول لقاء مع الأستاذ عبد الإله بنكيران رئيس الحكومة المكلف، قلنا له نحن معك، سنعمل على تيسير مهمتك في ميلاد حكومة جديدة قوية ومسؤولة ومنسجمة، وأكدنا على ذلك على مستوى البرلمان الحزبي الممثل في اللجنة الإدارية الوطنية خلال آخر دورة لها. نحن نطمح، ونؤكد ذلك، في أن نكون من مكونات الأغلبية الجديدة. -فرانس24: هل تعملون على الحصول على حقائب حكومية؟ -ع وطبيعي لأي حزب كيف ما كان. -فرانس24: هل تتوقع أن تولد حكومة بنكيران في ظل الحديث بالمغرب عن سيناريوهات بديلة؟ - ذ. المالكي: هذا من اختصاصات جلالة الملك لأنه الضامن لسير المؤسسات حسب الدستور، ومرتبط كذلك بما سيقوم به ذ. عبد الاله بنكيران. -فرانس24: كيف تتوقع أن يكون التعاون بينك وبين عبد الاله بنكيران، علما أننا لم نركم في أي نشاط مشترك باستثناء عملية التصويت عليك في البرلمان؟ n ذ. المالكي: في الواقع أؤكد مرة أخرى كما صرحت بذلك بعد انتخابي رئيسا لمجلس النواب، في أول جلسة عمومية أمام الجميع، أننا نريد أن نتعاون في إطار احترام الاختصاصات لكل مؤسسة، من جهة المؤسسة التشريعية، ومن جهة أخرى المؤسسة التنفيذية. فبدون تعاون بين المؤسستين الدستوريتين، من الصعب جدا الاستجابة لمطالب الشعب المغربي في هذه الفترة الصعبة وطنيا، إقليميا ودوليا. وهذا لا يتأتى إلا من خلال احترام روح الدستور المغربي لسنة 2011. -فرانس24: بعض المغاربة يخشون أن يتم تشكيل أغلبية داخل الجهاز التشريعي تضم الأحزاب التي صوتت عليك باستثناء العدالة والتنمية، كيف تشتغل المؤسسات السياسية الدستورية مقابل أغلبية حكومية في ظل هذا التقاطع والتباعد؟ - ذ. المالكي: لا يجب أن نستبق الأحداث، أنا متأكد أن الأستاذ عبد الاله بنكيران سيجد المبادرات المناسبة، لأنه يتحلى بروح المسؤولية، وله ما يكفي من الذكاء ليتجاوز هذه الأوضاع من خلال اتخاذ مبادرات بناءة خدمة لمصلحة الوطن. -فرانس24: تمت في الآونة الأخيرة المصادقة على القانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي بالبرلمان، وهو ما يمهد الطريق حسب آمال المغاربة للعودة للاتحاد الافريقي، هل تعتقد أن حظوظ المغرب في العودة كبيرة؟ - ذ. المالكي: طبعا الحظوظ كبيرة، لأن العمل الذي بادر به صاحب الجلالة منذ سنين أعطى نفسا جديدا ومحتوى ملموسا للتعاون جنوب جنوب. فالجولات التي قام بها جلالته منذ سنين وفي الآونة الأخيرة من السنة الماضية، أكدت أن جذور المغرب إفريقية، وأن إفريقيا اليوم لا علاقة لها بإفريقيا الأمس. نعيش إفريقيا جديدة، المغرب كان ضحية مؤامرة في الثمانينيات لأن افريقيا نفسها كانت ضحية الحرب الباردة بين معسكرين، حيث إن الطابع الايديولوجي كان متحكما في كل المواقف والقرارات. -فرانس24: ماذا عن البند الذي يقول بضرورة احترام الحدود الموروثة عن الاستعمار ؟ - ذ المالكي: رغم الإعلان عن استقلال المغرب بكيفية رسمية سنة 1956، أذكركم أن استرجاع طانطان وطرفاية تم في أواخر الستينيات، وهذا لا يمنع المغرب من استرجاع مكانته ومكانه ودوره داخل مؤسسة قارية مثل الاتحاد الإفريقي . -فرانس24: كيف سيتعامل المغرب مع بعض الأعضاء في الاتحاد الإفريقي كجبهة البوليساريو وبعض البلدان التي تدعمها؟ - ذ. المالكي: الحوار ثم الحوار للكشف عن الحقائق التاريخية والجغرافية والبشرية والثقافية. أعتقد أن الحوار هو الوسيلة المثلى التي تؤدي للكشف عن الحقائق.