بعيدا عن صور البؤس والتفوق في مسابقات رياضة الجري، التي تملأ تمثلنا الذهني النمطي عن/لإثيوبيا، اكتشفت أن السينما بديناميتها الشابة والجميلة، تشكل نافذة ساحرة وجذابة على/في هذا البلد. نافذة تفاجئك بإثيوبيا أخرى: إثيوبيا التعايش الإثني والديني..إثيوبيا جمال المشاهد الطبيعية..إثيوبيا الألم والحلم.. إن الأهمية الجيوتاريخية والثقافية، وكذا حرية التصوير، جعلها تستقطب منذ وقت مبكر، مجموعة من الأفلام الروائية والوثائقية الفرنسية بالخصوص، مثل هذه العناوين: (دابرا دامنو، دير إتيوبي إخراج أنطونيو مورديني 1931 فرنسا – مال وشانكاما إخراج شولز ويلز 1951 فرنسا – حواء السوداء إخراج جيليانو رومي 1956 فرنسا – حصاد ثلاثة ألف سنة من تاريخ إثيوبيا إخراج كليري 1957 فرنسا – اليهود الإثيوبيون إخراج ماكس ليتش 1960 فرنسا – المسيح على النيل إخراج لويز وايس 1963 فرنس.) اليوم، رغم فقر الوسائل والإمكانيات والبنيات الضرورية في / لهذا المجال الفني..ورغم غياب صناعة سينمائية حقيقية..ورغم غياب السينما في برامج التعليم الإثيوبي العالي..ورغم غياب قنوات التوزيع وقلة القاعات..ورغم هزال الدعم الحكومي..أصبحت سينما الجيل الجديد بهذا البلد، تدرك جيدا قيمة ودور السينما في التنمية البشرية..وفي التربية على الحقوق والحريات..وفي بث صورة البلد خارجيا..إنها سينما الواقع الإثيوبي بخصوصياته الثقافية المحلية، ومشاكله الخاصة..سينما تحكي قصصا وطنية « ايجابية « بأسلوب يبدع في أصالته وشاعريته الإفريقية، دون عقدة اغتراب أو تغرّب حتى بالنسبة للسينمائيين الذين يعيشون خارج البلاد مثل المخرج هيلي جيريما صاحب فيلم « سانكوفا « 1993 ، الذي، بالرغم من عيشه خارج إثيوبيا، يظل ، دوما، مهموما بالأصول الثقافية لإفريقيا..وكذا بمشاكلها المجتمعية.. لقد أخذت هذه السينما الشابة تحوز احتراما واعترافا دوليين، كما هو الحال مع فيلم « لامب « ( الحمل) للمخرج ياريد زيليكي في مهرجان كان وقطر وقرطاج، وخريبكة حيث توج في الدورة الأخيرة (19 ) بالجائزة الأولى. هذه الدورة التي حلّت بها السينما الإثيوبية كضيفة شرف.. إن أفلاما مثل ( آفاق جميلة 2013 ) للمخرج والمنتج السويسري ستيفان جكير، حيث تيمة البؤس والحرمان والحلم..( وثمن الحب 2014 )للمخرجة هرمون هايلي، حيث تيمة البؤس والحب..و( لامب 2015 ) حيث تيمة البؤس والأمل (حيث تيسرت لنا فرصة مشاهدتها بخريبكة) تقدم، بحق، سينما إثيوبية جميلة..سينما تسحر المشاهد بشاعرية مدهشة في التصوير و التمثيل والمشاهد الطبيعية . شاعرية مغموسة بألم وبؤس الواقع الإثيوبي المحلي وحالمة بالأمل في المستقبل.. وعن التمثيل ، فأغلب شخوص هذه السينما هم أطفال وشباب: مثل الطفل كيني ألن في ( آفاق جميلة ) والطفل رديات عمار في( لامب )، والشاب اسكندير تاميرو تودي في ( ثمن الحب ) . لقد أبهر هؤلاء المشاهد بأدائهم الرشيق.. العميق..الجذاب..المتدفّق..الممتع..وكأنهم محترفون..مما يذكرنا بالحضور اللافت والمبدع للطفل..والطفولة.. في السينما الإيرانية لما بعد 1979 طبعا..إن في إثيوبيا سينما تقول، أيضا، إن توفر الإمكانيات، ليس دائما شرطا ضروريا للإبداع.. وأن الإبداع بالمحلي وفيه..هو طريق ملكي للعالمية..