وجه الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب الأحد هجمات في كل الاتجاهات محركا مجددا السجالات المحيطة به منذ ترشحه بعدما قال في مقابلات مع الإعلام الأوروبي أن حلف شمال الأطلسي «تخطاه الزمن» وأنغيلا ميركل ارتكبت «خطأ كارثيا» بشأن المهاجرين، وبريكست سيكون «أمرا عظيما»، وواشنطن قد تبرم اتفاقا مع روسيا. قبل خمسة أيام من تنصيبه الرسمي على رأس القوة الأولى في العالم، أطلق الملياردير الجمهوري كالعادة تصريحات كان لها وقع صدمة، غير آبه لمراعاة شركاء بلاده، معلقا على السياسة الأوروبية في صحيفتي تايمز البريطانية وبيلد الألمانية. ومد يده إلى موسكو في ظل الخلاف القائم حاليا بين الكرملين وإدارة الرئيس المنتهية ولايته باراك أوباما التي تفرض عقوبات على روسيا على خلفية تدخلها في أوكرانيا ودورها في النزاع في سوريا واتهامها بالسعي للتدخل في الانتخابات الرئاسية الأمريكية. وتحدث ترامب عن إمكانية التوصل إلى اتفاق مع روسيا للحد من الأسلحة النووية مقابل رفع العقوبات المفروضة عليها، من دون إعطاء تفاصيل. وقال لصحيفة تايمز»لنرى إن كان بوسعنا إبرام اتفاقات جيدة مع روسيا. أعتقد أنه ينبغي الحد بشكل كبير من الأسلحة النووية، وهذا جزء من المسالة». وأضاف الرئيس المنتخب الذي غالبا ما أبدى إعجابه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين «العقوبات تؤلم روسيا كثيرا في الوقت الحاضر لكن أعتقد أنه من الممكن أن يحصل أمر يكون مفيدا للعديد من الناس». وكان ترامب أدلى بتصريحات قبيل عيد الميلاد حركت المخاوف من سباق تسلح جديد، إذ حذر بأن بلاده سترد على أي زيادة في الترسانة النووية لقوة أخرى، من غير أن يذكر أيا من روسيا والصين. وتناول ترامب مجددا مسألة تثير القلق بين الأوروبيين في وقت تعرض روسيا قوتها العسكرية، فانتقد مرة جديدة الحلف الأطلسي الذي «تخطاه الزمن» برأيه، آخذا على دوله الأعضاء عدم دفع حصتهم من نفقات الدفاع المشترك واعتمادها على الولاياتالمتحدة. وصرح «قلت من وقت طويل أن الحلف الأطلسي يواجه مشاكل. أولا، تخطاه الزمن لأنه صمم قبل سنوات مديدة (...) ولأنه لم يعالج الإرهاب. وثانيا، الدول (الأعضاء) لا تدفع ما يتوجب عليها». ولا تصل النفقات العسكرية لمعظم دول الحلف الأطلسي إلى مستوى 2% من إجمالي ناتجها الداخلي، النسبة التي حددها الحلف في 2014. وسبق أن أدلى ترامب بتصريحات مماثلة خلال الحملة الانتخابية، ملمحا إلى احتمال أن يعيد النظر في مبدأ التضامن المفروض على الدول الحليفة في حال تعرض إحداها لاعتداء، إذا لم يرفع الحلفاء مساهماتهم. وتتحمل الولاياتالمتحدة حوالي 70% من نفقات الحلف العسكرية. كذلك وجه ترامب سهامه إلى المستشارة الألمانية انغيلا ميركل التي انتقدت مرارا الرئيس المنتخب علنا، ولو أنه أكد أنه يكن لها «الكثير من الاحترام». وقال «أعتقد أنها ارتكبت خطأ كارثيا، وهو السماح بدخول كل هؤلاء المهاجرين غير الشرعيين»، معلقا على قرار ميركل في سبتمبر 2015 فتح الحدود لمئات آلاف المهاجرين، بينهم العديد من السوريين الهاربين من النزاع في بلادهم. ورأى الملياردير أن عواقب سياسة الاستقبال هذه «ظهرت بوضوح» مؤخرا، في إشارة إلى الاعتداء ضد سوق لعيد الميلاد في برلين أوقع 12 قتيلا في 19 ديسمبر وتبناه تنظيم الدولة الإسلامية. رأى ترامب أنه كان يجدر ببرلين بدل استقبال اللاجئين، العمل على إقامة مناطق حظر جوي في سوريا لحماية المدنيين من عمليات القصف. وقال «كان يجدر بدول الخليج أن تدفع نفقات ذلك، فهي أكثر ثراء من أي كان». واتهم ألمانيا بالسيطرة على الاتحاد الأوروبي. وقال «انظروا إلى الاتحاد الأوروبي (...) إنه أداة لألمانيا. لذلك أعتقد أن المملكة المتحدة كانت على حق بالخروج». وتوقع أن يكون بريكست «أمرا عظيما» معلنا عزمه على إبرام اتفاق تجاري مع بريطانيا «سريعا وطبق القواعد»، والتقاء رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي «سريعا». وتتباين هذه التصريحات مع خطاب باراك اوباما الذي حذر بريطانيا من أنها ستكون «في نهاية صف الانتظار» لإبرام اتفاقيات تجارية مع الولاياتالمتحدة في حال خروجها من الاتحاد. وتوقع ترامب أن «تخرج دول أخرى» من الاتحاد الأوروبي. وقال «أعتقد حقا أنها لو لم ترغم على السماح بدخول كل هؤلاء المهاجرين، مع كل ما يرافق ذلك من مشكلات، لما كان هناك بريكست»، في وقت يرتبط ترامب بعلاقة جيدة مع أحد دعاة الخروج من الاتحاد، الزعيم السابق لحزب «يوكيب» المعادي للهجرة ولأوروبا. ورأى ترامب أن «الشعب والناس يريدون هويتهم الخاصة وبريطانيا كانت تريد هويتها الخاصة». وتراجع الجنيه الاسترليني الاثنين إلى أدنى مستوياته مقابل الدولار منذ هبوطه السريع في أكتوبر الماضي، عشية خطاب هام لتيريزا ماي حول بريكست. وكان سعر الجنيه يتراوح قرابة الساعة 2,00 ت غ عند حوالي 1,2035 دولار، بالمقارنة مع 1،2197 دولار الجمعة. تنصيب الرئيس المنتخب استنفرت الأجهزة الأمنية الأمريكية قبيل حفل تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترامب الجمعة في واشنطن حيث يتوقع أن يتجمع نحو مليون شخص ووسط مخاوف من هجمات بأساليب مختلفة بدءا ب»الذئاب المنفردة» وانتهاء بشاحنات الدهس مرورا حتى بطائرات بدون طيار مزودة بسلاح. وقال وزير الأمن القومي الأمريكي جيه جونسون لصحافيين تجمعوا في منشأة أمنية غرب البلاد حيث ستنسق نحو خمسين وكالة أمريكية فيما بينها لتأمين الحدث أن «المناخ الإرهابي الدولي مختلف كثيرا عن العام 2013» عندما تم تنصيب الرئيس باراك اوباما لولاية رئاسية ثانية، رغم أنه «لا علم لنا بتهديد محدد ومؤكد» يهدد حفل تنصيب ترامب. ويحذر مسؤولون أمريكيون من أنه فيما تبقى واشنطن متيقظة حيال هجمات تخطط لها جماعات متطرفة كتنظيم الدولة الإسلامية أو القاعدة، أظهرت الأعوام الماضية أن البلاد أكثر عرضة لهجمات يخطط لها وينفذها أفراد داخل الولاياتالمتحدة وإن كانت مستوحاة ولكن ليست مدارة من قبل جهاديين في الخارج وهو ما يطلق عليه «الذئاب المنفردة». واعتبر جونسون أنه «علينا الانشغال بالتطرف على أراضينا، الذي يولد في الولاياتالمتحدة، وبتصرفات الأشخاص الذين يميلون إلى التطرف». وقال إنه سيتم نشر نحو 28 ألف عنصر أمني لتأمين الحفل الذي توقع أن يشارك فيه ما بين 700 و900 ألف شخص، بما في ذلك 99 مجموعة احتجاجية مختلفة. وسيبدأ الحفل بوضع إكليل من الزهور في مقبرة أرلينغتون الوطنية يتبعه أداء اليمين ومن ثم مسيرة التنصيب وعدة حفلات راقصة قبل الانتهاء بأداء الصلاة في اليوم التالي في الكاتدرائية الوطنية. وستكون الكثير من مراسم الاحتفال عرضة للخطر، وخاصة حفل أداء اليمين الذي يحضره الرئيسان الجديد والمنتهية ولايته إضافة إلى رؤساء سابقين ومعظم كبار مسؤولي الحكومة والكونغرس في الجهة الغربية لمبنى الكابيتول. ورغم أنهم سيكونون محميين بصفائح من الزجاج المضاد للرصاص وقناصة على أسطح المباني إضافة إلى أدوات للكشف عن المواد المشعة والكيميائية والبيولوجية موضوعة من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي، إلا أن مستوى الخطر يبقى مرتفعا. وستختبر المسيرة التقليدية التي تنطلق من مبنى الكابيتول إلى البيت الأبيض القدرات الأمنية في البلاد. كان الرئيس السابق جيمي كارتر فاجأ الجميع حين مشى المسافة التي تبلغ 1,8 كيلومتر عام 1977. ومنذ ذلك الحين، لم يمش الرؤساء اللاحقون سوى جزءا منها حيث يعتبرها الجهاز السري المكلف بحماية الرؤساء وعائلاتهم عالية الخطورة. وأوضح جونسون أن المنطقة التي يقام فيها حفل تنصيب ترامب ستكون مغلقة بشكل معزز أكثر مما كان الوضع عليه قبل أربع سنوات بعد اعتداءات بشاحنات دهست حشودا في كل من باريسوألمانيا العام الماضي ونفذها مهاجمون تونسيون. وكان العام 2016 شهد هجمات بشاحنات اجتاحت حشودا في مدينة نيس الفرنسية حيث لقي 86 شخصا حتفهم، فضلا عن مقتل 12 في برلين. وتحسبا لهجمات مشابهة، ستكون منطقة الحفل «محمية بشكل أكبر بشاحنات وعوائق إسمنتية لمنع عبور الآليات غير المرخص لها» بالدخول. وسيغلق عناصر الأمن منطقة تبلغ مساحتها نحو سبعة كيلومترات مربعة وسط واشنطن لن يسمح إلا للمشاة بدخولها. وسيخضع حتى هؤلاء لتفتيش دقيق بدون ان يسمح لهم بحمل أكثر من هواتفهم الخلوية، وكاميرات، ومحفظات. ولن يسمح إلا بحمل حقائب اليد الصغيرة فيما ستمنع حقائب الظهر. وتأتي هذه الخطوة بعدما فجر شقيقان من أصول شيشانية قنبلتين يدويتي الصنع خبئتا في حقائب ظهر قاما بوضعها قرب خط الوصول لماراثون بوسطن عام 2013، مما أدى إلى مقتل ثلاثة أشخاص وجرح العشرات. ويقول مسؤولون إنه لن يسمح إلا بحمل لافتات صغيرة الحجم ودون عصي لرفعها في حين سيتم تخصيص أماكن متباعدة بين المتظاهرين المؤيدين وأولئك المعارضين لترامب. وتتابع الوكالات الوطنية هذه المجموعات على وسائل التواصل الاجتماعي وسيتواجد ضباط بلباس مدني بين الحشود. أما الطائرات بدون طيار، والمتوافرة بكثرة وبأثمان زهيدة في الولاياتالمتحدة، فتمثل أيضا تحديا جديدا للسلطات هذا العام. ورغم أن استخدامها ممنوع في سماء واشنطن بسبب الإجراءات الأمنية القائمة إلا أن جونسون أفاد أن السلطات قد اتخذت خطوات إضافية للتعامل معها في حال استخدمت. وقال جونسون إن «هناك تكنولوجيا للتعامل معها» دون إعطاء المزيد من التوضيحات. تعاون عسكري مع واشنطن توقع ليتوانيا واستونيا الثلاثاء اتفاقا مع واشنطن حول وضع الجنود الأمريكيين الذين أرسلتهم إلى أراضيهما إدارة باراك اوباما المنتهية ولايتها، قبل أربعة أيام من وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض. ومن خلال اتفاق مماثل وقعته لاتفيا الجمعة الماضي، تريد دول البلطيق الثلاث تعزيز التدخل الرسمي لواشنطن إلى جانبها، فيما يستمر تخوفها من محاولات مفترضة تقوم بها روسيا لتقويض استقرارها. وقد تسببت تصريحات لدونالد ترامب توحي بتوافق مع موسكو، وتربط دعم الولاياتالمتحدة لحلفائها بمساهمتهم في ميزانية الحلف الأطلسي، بالقلق في هذه الدول التي احتلتها روسيا في السابق، وتقيم في اثنتين منها،لاتفيا واستونيا، أقليات كبيرة ناطقة باللغة الروسية. وفي تصريح لوكالة فرانس برس، قال وزير الخارجية الليتواني ليناس لينكيفيسيوس الاثنين، إن «الوقت هو المهم، ولا نريد أن تبطئ الفترة الانتقالية (في واشنطن) هذه العملية». وأكد في الوقت نفسه أنه يثق بالتزام ترامب حيال الحلف الأطلسي والموافقة على زيادة نفقات الحلفاء للشؤون الدفاعية. وقد تطابقت وجهات نظر لينكيفيسيوس ووزير الدفاع اللاتفي رايموندس برغمانيس. وردا على سؤال على هامش حفل التوقيع في ريغا الجمعة الماضي، حول تغيرات مستقبلية محتملة في السياسة الأمريكية حيال دول البلطيق، قال إنه «لا يريد تأجيج هذه الهواجس». واعترف، كما ذكرت وكالة ليتا، بأن التفاوض على الاتفاق «لم يكن سهلا وتطلب كثيرا من الجهود». من جانبها، أعربت سفيرة الولاياتالمتحدة في ريغا نانسي بتيت التي وقعت الاتفاق، عن ثقتها بأنه سيعزز التعاون الوثيق حتى الآن بين البلدين. وقالت إن «هذا الاتفاق يؤكد مرة جديدة دعم الولاياتالمتحدة لسيادة لاتفيا واستقلالها، وكذلك المادة الخامسة من معاهدة الحلف الأطلسي» التي تنص على أن اعتداء على بلد عضو يعتبر اعتداء على الحلف الأطلسي بكامله. وتنص الوثائق الثلاث، على غرار معظم الاتفاقات المماثلة المسماة اتفاقيات «وضع القوات» التي وقعتها الولاياتالمتحدة مع عدد كبير من البلدان، على أن الموظفين العسكريين الأمريكيين الذين يغادرون وطنهم مع عائلاتهم سيبقون خاضعين للقانون الأمريكي، إلا إذا حصلت جرائم خطيرة. ويفيد نص الاتفاق مع ليتوانيا، وهو الوحيد الذي نشر حتى الآن، أن قضاءها هو الذي سيطبق فقط لدى حصول جرائم «بالغة الخطورة». وجاء في وثائق للحكومة اللاتفية أن الموظفين الأمريكيين يستفيدون من الحصانة، إلا إذا سمح الجيش الأمريكي للنيابة العامة المحلية بمقاضاتهم. وفي الأيام الأخيرة التي تسبق تنصيب ترامب، بعثت الإدارة الأمريكية المنتهية ولايتها بإشارات عدة لتأكيد حزمها حيال موسكو. فقد توجه نائب الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن الاثنين إلى كييف لطمأنة اوكرانيا إلى دعم الولاياتالمتحدة. وفي المقابل، وصل حوالي 300 جندي أمريكي الاثنين إلى النرويج، البلد العضو في الحلف الأطلسي، للتمركز بصورة دورية في هذا البلد الاسكندينافي، وتعارض موسكو هذا الانتشار. ودخلت مدرعات أمريكية الخميس الماضي إلى بولندا، في مستهل واحدة من أوسع عمليات الانتشار العسكرية للولايات المتحدة في أوروبا منذ نهاية الحرب الباردة، والتي رحب بها البولنديون، وانتقدتها موسكو. وتشكل هذه القافلة جزءا من أول عملية نقل جنود أمريكيين ومعدات عسكرية ثقيلة، وصلوا إلى أوروبا الشرقية في إطار عملية «اتلانتيك ريزولف» التي قررها باراك اوباما بعدما أقدمت روسيا على احتلال القرم. وسارع المتحدث باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف إلى القول «نعتبر ذلك تهديدا موجها إلينا». وتنتشر القوات الأمريكية في أوروبا الشرقية بالتناوب، ويواصل الحلف الأطلسي وواشنطن احترام التزام أحادي الجانب حيال الكرملين في التسعينيات، بألا يقيما فيها قواعد عسكرية، وفي مناخ التوافق الذي تلا سقوط الشيوعية أيضا. وخلال قمته التي عقدها في وارسو في يوليوز، قرر الحلف الأطلسي أن ينشر في ربيع 2017 أربع كتائب متعددة الجنسيات في بولندا وفي دول البلطيق.