تسبب الركود الاقتصادي وتباطؤ النمو الذي خيم على مناخ الأعمال في المغرب خلال 2016 في إفلاس 7105 شركات محطما بذلك رقما قياسا لم يسبق أن شهدته البلاد خلال العقدين الماضيين. حيث ارتفع بمعدل 19.3 في المائة مقارنة مع 2015 التي سجلت إفلاس 5955 شركة. وكشفت أخر إحصائيات نشرها مكتب الدراسات الفرنسي «أنفوريسك» أن عدد الشركات التي تعلن إفلاسها سنويا بالمغرب انتقل من 3095 شركة سنة 2011 إلى أزيد من 7100 شركة في 2016. وخلال شهر دجنبر الماضي فقط ، أغلقت 1214 مقاولة أبوابها مقابل 758 حالة افلاس في نفس الشهر من سنة 2015 من جهة أخرى أكد المكتب الفرنسي أن وتيرة إحداث المقاولات بالمغرب تراجعت ب27 في المائة في 2016 حيث تم خلال ال12 شهرا الماضية خلق 21825 مقاولة عوض 29890 مقاولة تم إحداثها في 2015 أي أن فرص خلق المقاولات بالمغرب تراجعت بأزيد من 8000 وحدة خلال العام الماضي. وهو ما يجعل معامل إحداث المقاولات مقابل إفلاسها يرتفع إلى 3.1 ما يعني أنه مقابل كل 3 مقاولات يتم إحداثها تضطر واحدة إلى إغلاق أبوابها. وبسبب تراجع النمو إلى أدنى مستوى له في 16 عاما - حيث لم يتعد 1.5 في المائة - تعيش مئات المقاولات المغربية منذ فترة طويلة على إيقاع أزمة متفاقمة يزيد من حدتها انعدام السيولة في خزينتها وصعوبة الولوج إلى التمويلات البنكية و تأخر أجال تسديد مستحقاتها، خصوصا من قبل المقاولات العمومية الكبرى التي تماطل في أداء ما بذمتها لدى المقاولات الصغرى والمتوسطة والصغيرة جدا، وهو ما يجعل هذه الأخيرة تتخبط في دوامة من الديون مع الأبناك من جهة ومع المزودين والممونين من جهة أخرى . وحسب شهادات توصلنا بها من طرف فاعلين اقتصاديين، فإن سبب الأزمة الخانقة التي تتخبط فيها ألاف المقاولات المغربية، لا يعود فقط إلى تأخر أجال التسديد ، وهو أمر أصبح مألوفا وشبه هيكلي في علاقة شركات القطاع العام بالقطاع الخاص ، و إنما المعضلة الكبرى أصبحت تتجلى في كون الصفقات العمومية المعلن عنها أصبحت نادرة، و هو ما يجعل العديد من المقاولات مكتوفة الأيدي وفي عطالة تامة ما يزيد من تأزيم وضعيتها ،علما بأن هذه المقاولات تؤمن ألاف مناصب الشغل التي أصبحت اليوم في مهب الريح . «الحركة واقفة» هي اللازمة التي تكاد تتكرر هذه الأيام لدى أغلب أرباب المقاولات الذين عبروا لنا عن امتعاضهم من طول الانتظار وانحباس الصفقات العمومية وندرتها، وهو ما تسبب في ركود عام يهيمن منذ عدة أشهر على ألاف المقاولات الصغرى والمتوسطة التي تقاوم الإفلاس. ويرخي تأخر تشكيل الحكومة وامتناع الأمرين بالصرف عن توقيع الاعتمادات بظلاله على الساحة، حيث يعم منذ أزيد من 6 أشهر، أي منذ يوليوز نوع من الركود الإداري عطل بدوره الدورة الاقتصادية و خلق جوا من الانتظارية والريبة لدى معظم الفاعلين الاقتصاديين. يذكر أن البنك الدولي، أكد مؤخرا أن الاقتصاد المغربي شهد في 2016 تباطؤا جعل معدل النمو ينخفض في الربع الثاني من العام الجاري إلى 1.4 في المئة عوض 4.2 في المئة من خلال الفترة ذاتها من العام الماضي. وتوقع البنك في أخر تقرير له حول «مؤشرات آفاق الاقتصاد الكلي بالمغرب»، أن يتباطأ نمو الاقتصاد المغربي إلى 1.5 في المئة نهاية 2016 مع تجلي الآثار الكاملة للجفاف الذي أصاب البلاد في خريف 2015، حيث توقع أن يتقلص الناتج الإجمالي المحلي الفلاحي بمعدل 9.5 في المئة عند نهاية السنة قبل أن يسترد عافيته قليلا إلى 8.9 في المئة في عام 2017.