نشرت صحيفة «تسايت» الألمانية تقريرا؛ تحدث فيه عن المؤشرات السياسية واليومية التي تؤكد عودة الدولة البوليسية بشكل غير مسبوق في مصر. وقالت الصحيفة في تقريرها إن القمع والاستبداد في عهد عبد الفتاح السيسي بلغا درجة غير مسبوقة، لكن لا تزال هناك مقاومة سياسية. وتحدثت الصحيفة مع الشاب أحمد حسن، الذي عبّر عن الأمل في نجاح حركات المعارضة والاحتجاج، فقال: «إننا نشعر بالتعب في الحقيقة، ولكننا ما زلنا نحلم». وتابعت الصحيفة أن حسن لم يجد عملا بعد تخرجه من الجامعة. وقد عبّر عن امتعاضه من البطالة والفساد المتفشي في البلاد، فهو يريد العيش في كرامة، وهو ما كان سببا في خروج ملايين المصريين للشوارع قبل ست سنوات. وأكد حسن أنه لن ينسى يوم 11 فبراير 2011، عندما ركض في ميدان التحرير بعين دامعة محتفلا مع بقية الشعب بسقوط حسني مبارك. وبينت الصحيفة أن ناشطين يتحدثون عن وضع كارثي في عهد السيسي. فقد واجه النظام المعارضين بقمع شديد. وأصبحت الشرطة تلقي القبض على كل شخص يقوم بتوجيه النقد للرئيس، كما تحدث الناشطون عن حالات التعذيب والمراقبة الدائمة في كل مكان، وخاصة أنصار الرئيس محمد مرسي الذين واجههم نظام السيسي بقمع غير مسبوق، مخلفا آلاف القتلى والجرحى، فضلا عن أحكام الإعدام التعسفية. وأوضحت الصحيفة أن الجيش يسيطر في الوقت الراهن على المشهد العام في مصر التي تنتشر في شوارعها المدرعات والجنود. أما وسط المدينة فلا يمكن أن يخفي رغم أناقته، الوجه المرعب للدولة البوليسية. ونقلت الصحيفة تصريحا لخالد داود، الصحفي لدى جريدة الأهرام والناطق الرسمي باسم التحالف الديمقراطي من أجل مصر وحزب الدستور، الذي قال: «إن عهد ما بعد الثورة يعتبر نقطة تحول. فقد كانت الصحافة حرة. وتم إنشاء منظمات جديدة ونقابات مستقلة وأحزاب جديدة». وأشارت الصحيفة إلى أن داود كان مؤيدا للسيسي، لكنه اليوم يتحدث عن السياسة القمعية التي يتعرض لها حزبه من طرف نظام السيسي الذي يعتبر كل معارض له عدوا للدولة. وأكدت الصحيفة أن الكثير من المواطنين يرون أن السيسي لا يريد معارضة ولا برلمانا، بل لا يقبل النقد من المجتمع المدني. وعموما، فلا أحد يشعر بالأمان في مصر الجديدة. وأوضحت الصحيفة أن ظاهرة الاختفاء القسري أصبحت الشغل الشاغل في مصر، حيث يتم الزج بعشرات الشباب يوميا داخل سيارات الشرطة. وبعد ساعات، يعود البعض منهم بينما يختفي البقية الآخرون. ونقلت الصحيفة تصريحا لرئيس المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، جاسر عبد الرازق، متحدثا عن هؤلاء الشبان قائلا: «يقبض عليهم أعوان الأمن ثم يجرونهم إلى مكان مجهول، ولا نعثر لهم على أثر أبدا». وأضافت الصحيفة أن اختفاء الكثير من الشبان وانتشار المعتقلات السرية يبعثان على القلق. وقال رازق في هذا السياق: «لقد تعرض العديد من الشبان هناك لسوء المعاملة والإصابات. ورغم ذلك، فإن النظام ينكر ممارسة التعذيب». وبيّنت الصحيفة أن العديد من المنظمات غير الحكومية التي توثق انتهاكات حقوق الإنسان، تعرضت للاضطهاد، وقام البرلمان بالمصادقة على قانون جديد للمنظمات، يمنعها من ممارسة نشاطها بشكل قانوني أو الحصول على دعم خارجي، لتحتكر بذلك السلطة عملية دعم بعض المنظمات الموالية لها. وأوضحت الصحيفة أن السيسي يريد وضع المجتمع تحت السيطرة عن طريق الدولة البوليسية. ويقول أحد الشباب المصريين الذي يدعى كريم: «الجيش يدير شؤون البلاد بقبضة من حديد، لذلك فإنه يلقي القبض على المعارضين والأقليات المهمشة في المجتمع». وأكدت الصحيفة أن المثلية تعتبر من المحرمات لدى فئة واسعة من المجتمع المصري. فلا يجد أغلب المتهمين بالمثلية عملا، وهو ما يجبرهم على ممارسة الشذوذ بمقابل مادي. كما أن المثليين منبوذون داخل عائلاتهم ولدى أقاربهم. وأكدت الصحيفة أن المصريين يواصلون مقاومتهم لأجهزة الدولة بسرية. وفي هذا الإطار، فشلت بعض محاولات تنظيم مظاهرة الفقراء في 11 نوفمبر 2016، رغم نشر تاريخها وموعدها على شبكة الإنترنت قبل أشهر من تنظيمها. وأوضحت الصحيفة أن السيسي أخلف بكل وعوده. فعوض أن يساعد الفقراء، فقد ساهم في تزايد عددهم، وقاد مصر نحو أزمة اقتصادية. فقد ارتفعت الأسعار، وأصبح الإرهاب الهاجس الأكبر بالنسبة للنظام السياسي في البلاد. وأدت سياسته إلى تفشي العنف، الذي يتماشى مع استراتيجية السيسي التي تراهن على تخويف المصريين. وفي الختام، أكدت الصحيفة أن الحل الوحيد الذي وجده عديد المصريين الذين يتعرضون لمضايقات هو مغادرة البلاد. فقد غادر عدد منهم البلاد متجهين إلى الخارج، بينما اختار عدد آخر منهم البقاء. ورغم ذلك، فقد عبّر بعض المصريين عن تفاؤلهم بالمستقبل.