بقدر ما رسمت السينما الأمريكية صورة مبجلة للرئيس جورج واشنطن وأبرهام لينكولن كآباء مؤسسين للأمة الأمريكية وعظمت من شأنهم في المخيال الشعبي عبر أسطرة هذه الشخصيات. ومنحت لأبرهام لينكلولن صورة لا تنمحي من الذاكرة عن ذاك الطفل الفقير الذي غدا ،بفضل جهده وكفاءته، محاميا لامعا قادرا على أن يقود الأمة الأمريكية في لحظة انفصال بين الشمال والجنوب، وفي لحظة حرب أهلية،وأن يوحد الأمة التي ذاقت ويلات الحرب... بالمقابل عملت هذه السينما على تبخيس صورة الرئيس الآخر سواء كان نازيا أو شيوعيا أو اشتراكيا أو عربيا... وقدمت صورة الرئيس صدام حسين في أحط صورة ،جبانا مهانا .. كما قدمت الزعيم الفيتنامي هوشي مين في أحقر صورة. يمكن أن نذكر في هذا المطاف العناوين الكبيرة التي قدمت بها السينما الأمريكية وسينما هوليود الرئيس أبرهام لينكولن في أكثر من عشرة أفلام ذائعة الصيت منها: «ميلاد أمة «، « الشاب لينكولن «، « بيفالو بيل «، « الشمال والجنوب «، « غزو الغرب «، « المؤامرة».... فقد جسدت السينما الأمريكية شخصية رئيس البلاد بنوع من التعظيم والتقدير الكبير...شخص يحمل في يده في أغلب الأحيان كتابا، كناية عن تلهفه للثقافة وللكتاب، وفي رسالة واضحة عن أهمية المعرفة وكيف ترقى بالشعوب إلى عوالم التقدم... شخص يمتاز بالشجاعة والإقدام... قادر على التموقع في الكثير من الوضعيات الصعبة... وقادر على الدفاع عن نفسه... محب للسلام وصانع له وله قدرة كبيرة في تقصي التفاصيل الدقيقة للوصول إلى الحقيقة... كما أنه شخص يمتاز بالقدرة على الإنصات... وفي نهاية المطاف له القدرة الكبيرة بحكم تجربته وحنكته السياسية والتواصلية على اتخاذ القرارات المناسبة في الوقت المناسب.... لا تقتصر هذه الصفات والمزايا على الرئيس الرجل الأمريكي الذي جسد شخصية الرئيس بل كذلك على المرأة الرئيسة الأمريكية التي استطاعت تجسيد دورها كرئيسة قبل أن تجسدها على مستوى الواقع السياسي للولايات المتحدةالأمريكية. الرئيسة في السينما الأمريكية ليست فقط وعاء للجنس وللمضاجعة والإلهاء بل شخصية قادرة على اتخاذ القرارات الصعبة، تغلب عواطفها من أجل إنجاح الكثير من الوضعيات الصعبة والقرارات السياسية المهمة التي تضع حياتها في مفترق الطرق وتضع كفة البلاد قاب قوسين أوأدنى من الانهيار. تصور السينما الأمريكية الرئيسة كصانعة للسلام ومحاربة للتطرف والإرهاب بل وتعيش لحظات قاسية تتعارك فيها.. تعذب وتواجه بالنقد وتتحكم في أعصابها و تسعى لإفشال المخططات والمؤامرات التي تحاك لها وللبلاد وتغلب مصلحة الوطن على مصالحها الشخصية ... لكن لماذا ترسم السينما الأمريكية منذ أكثر من 60 عاما هذه الصورة الإيجابية للرئيس سواء كان ذكرا أم أنثى؟ ولماذا تحيطه بهذه الهالة في حالة المظهر و الاستقبال أو الخروج أو داخل أروقة البيت الأبيض أو في لقائه بالأصدقاء أو الأعداء؟ ولما تجسده على أنه موحد للشعب الأمريكي و لا يمكن أن يتعالى على القانون بل هو حامي القانون والدستور الأمريكي الضامن للحريات والحقوق. فأول امرأة رئيسة في السينما الممثلة أرستين باري في فيلم بالأبيض والأسود سنة 1953 بعنوان « مشروع قاعدة القمر « .. لم يتم الكشف عن نفوذها وقوتها حتى نهاية الفيلم. رئيسة بالأبيض والأسود لشخصية ليسلي ماك كلود من أداء الممثلة بولي برغان بعنوان « قبلات الرئيس « 1964 ...في الكثير من مشاهد الفيلم سخرية من زوج الرئيسة التي تتحول إلى رئيسة للبلاد. فيلم « آل باترسون ينقدون العالم « 1987وهو فيلم كوميدي أسترالي للممثلة جوان ريفرس مؤدية شخصية الرئيسة... لم تظهر كثيرا في الفيلم.... وعرف الفيلم فشلا مدويا على أكثر من صعيد. فيلم « المافيا: اخدع قدر ما تشاء « 1988 من إخراج جيم أبرهامس حيث تؤدي الممثلة كريستينا أبل غيت دور الرئيسة وحينما ترغب في تحقيق السلام العالمي يفاجئها خطيبها السابق بطلب يدها للزواج. الفيلم الكوميدي «إيرون سكاي « 2012 حيث يصور الفيلم جانبا من النازيين في الجزء الأخر من القمر وانطلاقا من معسكرهم يديرون مخططاتهم الجهنمية لغزو الولاياتالمتحدةالأمريكية... تؤدي الممثلة ستيفاني بول دور الرئيسة سارة بولين. وفي فيلم « عندما يصيح نهاية العالم « 1986 حيث تؤدي الممثلة لوريتا سويت دور الرئيسة باربارا أدامز كتعويض عن الرئيس المهرج رونالد ريغان.... فيلم « كل الرجال يرغبون في هذه المرأة « حيث يقودنا الفيلم إلى عالم مستقبلي حيث تؤدي فيه سالي شون بلين دور الرئيسة وهي تعلن الدور الخالص للرئيس كلينتون : ليس لها أي علاقات جنسية مع هذا الشاب.. في هذا الفيلم الرئيسة تسقط في هوى امرأة أخرى... لكن بما أن لا أحد يرغب فيها تقتني «ربوت» لتلبي رغباتها الجامحة. في فيلم «نائبة الرئيس» نجد شخصيتين من العيار الثقيل شخصية نائبة الرئيس سيلينا ماير والتي حازت على إثرها الممثلة جوليا لويس درايفوس على خمس جوائز إيمي القيمة بينما أدت الممثلة أندريا سفاغاس دور الرئيسة لاورا مونتيز. فيلم « يوم الاستقلال : ضد الهجوم « حيث تؤدي فيه الممثلة سيلا وراد دور الرئيس حيث تجد نفسها تتعامل مع الكثير من الأجانب بنوع من الذكاء والروية قبل اتخاذ الإجراءات الحاسمة. يعي صانعو الأفلام في هوليود أن رسم صورة جيدة عن الرئيس الأمريكي سواء كان ذكرا أو أنثى هو بالضرورة نقل صورة ايجابية تظل في مخيلة المتلقي لوقت كبير، بل أكثر من ذلك، في لاوعي المتلقي صورة مليئة بالتقدير والاحترام مهاب الجانب وتنقل من الشاشة إلى الملايين عن صورة الرئيس/ الرئيسة القوية التي تستطيع حماية بلادها من الشر القادم من هنا وهناك.