في الوقت الذي أشيع فيه عزل رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي مدير مكتبه زبير الشهودي، وتعيّن فوزي كمّون القيادي الطلابي خلال الثمانينات مكانه ، أكدت مصادر داخلية في حركة النهضة أن الشهودي قدم استقالته ووضعها على مكتب الغنوشي قبل نشوب الإشكال الأخير بأسابيع ، وأن ما جرى استقالة وليس إقاله كما نقلت بعض وسائل الإعلام . وقالت النهضة في بيان لها، الأربعاء، إنّ كمون من مناضلي الحركة، بينما توجّهت للشهودي بالشكر «على ما قدمه لمكتب رئيس الحركة طيلة فترة إشرافه خلال السنوات الماضية». وكان عضو مجلس شورى النهضة، زبير الشهودي، قال في حوار له مع صحيفة «القدس العربي»، السبت، إن المجلس «يتجه لمساءلة رئيس الحركة الشيخ راشد الغنوشي حول لقائه مع وزير داخلية بن علي عبد الله القلال». سلطة رقابية ونفى الشهودي وجود اتجاه حالي للحركة للتحالف مع رموز النظام السابق، مضيفا في الحوار ذاته: «نحن في مجلس الشورى لم نُبلّغ رسميا بهذا الأمر للموافقة على اللقاء من عدمها، وحين سيتقدم رئيس الحركة بتقريره الدوري لمجلس الشورى سيُعلن عن هذا الأمر، وسيطلب منه المجلس توضيحا حول أسباب اللقاء ومضمونه». وتابع بقوله: «المساءلة هنا تعني التدقيق وتوضيح هذا الأمر»، مشيرا إلى وجود من يؤيد لقاء الغنّوشي برموز نظام بن علي ومن يعارضه، مبيّنا: «نحن كمجلس شورى نمارس سلطة رقابية على أنشطة المكتب التنفيذي». وأثارت اللقاءات التي جمعت زعيم «النهضة» الغنّوشي، قبل أيّام، بعدد من أعتى رموز نظام بن علي ردود فعل مختلفة في تونس، بينما أشاد هؤلاء بالغنّوشي وبحركته. «عدو الحركة» وكان الغنوشي التقى وفدا «تجمعيا» يتقدّمه وزير الداخلية الأسبق عبدالله القلّال، الذي وصفه مُراقبون ب»قاهر النهضة» خلال حكم بن علي، بينما صنّفه نهضويون ب»عدو الحركة»، ما أثار جدلا بين النهضويين في صفحات التواصل الاجتماعي. وحضر الأمين العام لحزب التجمع المنحل (حزب بن علي)، محمد الغرياني، حفل تكريم الغنوشي؛ بمناسبة حصوله على جائزة «جمنالال بجاج» الهندية، كما صرّح الغرياني في مقابلة تلفزيونية على قناة «التاسعة»، مساء الجمعة، أن تقارب التجمعيين مع حركة النهضة ليس أمرا سرّيا. وقال: «العالم يشهد بمكانة راشد الغنوشي ودوره في تكريس الديمقراطية»، مشيرا إلى أنّ «الحالة التي حكمت صراع التجمعيين مع النهضة انتهت، واليوم لا بد من مراجعة طبيعة العلاقة»، وفق تعبيره. اهتمام بالمستقبل واعتبر المُكلّف بالمكتب الثقافي والإعلامي في «النهضة»، العجمي الوريمي، في تصريح سابق ل»عربي21»، أنّ لقاءات الغنّوشي بالتجمعيين ورجال بن علي ركزت على «اهتمام بالمستقبل عوضا عن البكاء على الماضي.. نحن اخترنا التقارب بأن يخطو كل واحد خطوة باتجاه الآخر، وبالاعتراف المتبادل»، وفق تعبيره. وقال الوريمي إنّ لقاءات الغنوشي تدخل في إطار حماية مسار العدالة الانتقالية «من الانزلاقات التي يقف وراءها أشخاص يريدون إجهاضه، وآخرون يريدون تصفية حساباتهم؛ بهدف تحقيق أهدافهم السياسية على حساب أطراف أخرى»، وفق تعبيره. ويعتبر شورى النهضة أعلى سلطة في الحركة، وينصّ نظامه الأساسي على أنّ من مهامه ضبط السياسات الكبرى، وتحديد التوجهات العامة للحزب، ومراقبة أعمال الجهاز التنفيذي، والنظر في الطعون المقدمة في القرارات التأديبية، إضافة إلى مهام أخرى على غرار اختيار من يتولى باسم الحزب رئاسة الدولة أو الحكومة أو البرلمان.