زاوية أسبوعية تسلّط من خلالها الدكتورة خديجة موسيار، اختصاصية الطب الباطني وأمراض الشيخوخة الضوء على مجموعة من الأمراض بتعدد أنواعها وأشكالها متلازمة «أضداد الفوسفليبيد» (le syndrome des antiphospholipides)التي يطلق عليها أيضا متلازمة «هيوز»، هي من أمراض المناعة الذاتية التي تتميز بجلطات دم متكررة في الأوعية، مع الإجهاض المتكرر عند النساء ووجود أجسام مضادة في الدم، تهاجم «الفوسفليبيد»، ويمكن معاينة مظاهر سريرية أخرى تصاحب هذه العلامات الرئيسية، غالبا ما ترتبط بالجلد، والجهاز العصبي، أو الكلى. وينقسم المرض إلى نوعين، متلازمة «أضداد الفوسفليبيد» الأولية، عندما يحدث تخثر للدم مع وجود أجسام ضد «الفوسفليبيد» يكون معزولا عن أي مرض مناعي ذاتي، ومتلازمة «أضداد الفوسفليبيد» الثانوية، عندما ترتبط هذه الأحداث مع مرض مناعي ذاتي آخر وبالأخص الذئبة الحمراء. من الصعب جدا تقدير مدى انتشار متلازمة «أضداد الفوسفليبيد» الأولية، إذ تختلف نسبة انتشار المرض التي تم الحصول عليها في مختلف الدراسات، لكن يعتقد أنه من الممكن أن يكون مماثلا لانتشار الذئبة الحمراء، الذي يقدّر بشخص واحد من بين كل 2400 شخص، أخذا بعين الاعتبار أن مابين 20 و 30 في المئة من مرضى الذئبة تتطور لديهم متلازمة «أضداد الفوسفليبيد» الثانوية، وهو ما يعني أن يطال شخصا من كل ما بين 8 آلاف و 12 ألف مصاب بالذئبة الحمراء. وتجب الإشارة إلى أن النساء هن أكثر عرضة للإصابة بهذا المرض، في شكله الأول، وذلك بنسبة 4 إلى 5 مرات أكثر من الرجل، أما متلازمة «أضداد الفوسفليبيد» الثانوية فتقدّر نسبة إصابة النساء بها بتسعة مرات مقارنة بمرة واحدة عند الرجال، ويعتبر المرض نادر الحدوث عند الأطفال. وتتواجد متلازمة «أضداد الفوسفوليبيد» في كل مكان، لكن من المعروف أن الذئبة الحمراء، التي غالبا ما تصاحب متلازمة «أضداد الفوسفوليبيد»، تؤثر أكثر على السود، وخاصة الهنود، والأمريكيين من أصل أفريقي مقارنة بغيرهم. إن مرض متلازمة «أضداد الفوسفوليبيد» هو من أمراض المناعة الذاتية، التي يهاجم فيها جهاز المناعة الجسم، وينتج أجساما مضادة غير طبيعية ضارة، توجه ضد الدهون الفوسفاتية، وهي من أهم مكونات أغشية خلايا الجسم، كما أنها يمكن أن تكون موجهة ضد البروتينات المرتبطة بالدهون الفوسفاتية، مثل «بيتا 2-بروتين سكري» أو «البروثرومبين». وهناك ثلاثة أنواع رئيسية من الأجسام المضادة المتورطة في متلازمة «أضداد الفوسفوليبيد» وهي (مضاد تخثر الذئبة ، أضداد كارديوليبين وأضداد بيتا 2--بروتين سكري )، ومع ذلك، فإننا لا نعرف حتى الآن الآليات الدقيقة لهذا المرض، خصوصا أن وجود هذه الأجسام لا يكفي لتفسير الحوادث الوعائية وغيرها من مظاهر المتلازمة ما دام أن 2٪ من عموم السكان لديهم أضداد فوسفورية، ولا يتطور المرض عند معظمهم. إن أبرز تداعيات المرض تكمن في تشكل جلطات متكررة في الأوعية الدموية، وارتفاع مخاطر الإجهاض عند النساء الحوامل، وانخفاض نسبة الصفائح الدموية، مع احتمال وجود أعراض مختلفة أخرى عصبية، وجلدية، وغيرها، والتي يكون السبب فيها في الغالب انسداد الأوعية بسبب جلطات الدم، دون إغفال أن التعب يمكن أن يكون هو الآخر من علامات المرض. وتجب معرفة أنه في حالة متلازمة «أضداد الفوسفوليبيد»، يكون تخثر الدم بشكل مفرط، وتتكون هذه الجلطات في أي شريان، وريد أو حتى في تجويف القلب، التي تؤدي إلى اضطرابات متكررة وتمنع الدم من الوصول بشكل صحيح للأجهزة ومن منحها ما يكفي من المواد المغذية والأوكسجين وبالتالي، تسبب هذه الجلطات إتلافا لبعض الأجهزة أو أجزاء منها التي لها علاقة بنقص التروية .