بعد أسبوع سيتم إجراء الانتخابات الرئاسية بالولاياتالمتحدةالأمريكية لاختيار الرئيس ال45 . لقد اعتاد الأمريكيون ومنذ استقلال بلدهم أن يضربوا موعد الثامن من نونبر كل أربع سنوات للتوجه إلى صناديق الاقتراع للتصويت على من سيقطن بالبيت الأبيض ولايتين على الأكثر . انتخابات الثلاثاء المقبل ينتظر نتائجها العالم لأن لها عدة رهانات سيكون لها ، دون شك، انعكاس على السياسات الخارجية لدولة عظمى لها تأثيرها ونفوذها وهيمنتها، خاصة ومناطق عديدة من هذا العالم تعيش حروبا واقتتالا ومناطق مرشحة بأن ترتفع درجة توتراتها الداخلية أو الحدودية كي تشتعل حرائق المواجهات بها . ناهيك عن البعد الاقتصادي الذي تتحكم في أعصابه واشنطن ومؤسساتها وبورصة دولتها، من أسعار النفط إلى أسعار الفائدة على القروض، ومن حجم المساعدات إلى العقوبات وتجميد الأرصدة... أبرز رهانات الانتخابات الأمريكية أنها قد تحمل سيدة لأول مرة في تاريخ هذا البلد إلى منصب الرئاسة ، فهناك من بين المرشحين الرئيسيين توجد امرأة هي هيلاري كلينتون التي تمثل الحزب الديمقراطي بعد أن حازت على ثقته من خلال مسطرة تنافس داخلية، وإن أحرزت أغلبية أصوات الثامن من نوفمبر فستسجل سابقة لا يضاهيها سوى انتخاب الرئيس باراك أوباما كأول رئيس للولايات المتحدةالأمريكية منحدر من السود الذين عانوا الأمرّين من العبودية والعنصرية في هذا البلد . لكن في مواجهة هذا الاحتمال ،هناك مرشح آخر يمثل الحزب الجمهوري اسمه دونالد ترامب يتربص بالبيت الأبيض حاملا معه خطابا يمينيا مشبعا بالكراهية للأجانب وبخاصة للمسلمين ،وقد عبر في خطبه عن عناصر السياسة التي سينتهجها إن أصبح رئيسا ،سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي ، وهي عناصر تتأسس على تضييق الخناق في الحقوق تجاه الأقليات بأمريكا وتأزيم بؤر التوتر على المستوى الدولي . وعموما هناك قاسم مشترك بين المرشحين الرئيسيين الأكثر حظوظا (هناك ستة مرشحين آخرين تأثيرهم جد محدود) بين هيلاري كلنتون ودونالد ترامب، وهو مصالح الولاياتالمتحدةالأمريكية وشركاتها ومؤسساتها في العالم ، إذ يبقى الحفاظ على مناطق النفط والمواد الأولية وأسواق الصفقات العسكرية والمدنية هو الهاجس الأول للرئيس الذي يتقاسم معه السلطة ،بطرق عدة، الكونغرس والبنتاغون ومؤسسة الاستخبارات . انتخابات الأسبوع المقبل تأتي كذلك بعد ربع قرن من التدخل الأمريكي في العراق، ففي بداية تسعينيات القرن الماضي، وبعد أن اكتسح صدام حسين الكويت، شرعت واشنطن في إعادة صياغة جديدة لمنطقة الشرق الأوسط، بإضعاف دولها وتقوية إسرائيل وجعل القضية الفلسطينية مجرد موضوع عادي ثانوي، وطيلة هاته الخمس والعشرين سنة هاهو العراق مفكك الأوصال يغرق في حروبه الداخلية، وهاهو محيطه يسبح في الدم والدمار، وهاهي إسرائيل أقوى مما كانت عليه، وهاهي القضية الفلسطينية تجري وراء سراب المفاوضات ... ومن بين كل هذه الخريطة خرجت داعش لتمارس القتل الجماعي وتتفنن في أشكال الإرهاب بأجزاء واسعة من بلاد الرافدين وسوريا.