كنت، في شهري فبراير/مارس من سنة 2000، قد أنجزت سلسلة مطولة حول سيرة عائلة المانوزي، كواحدة من العائلات الاتحادية والوطنية التي أدت ضريبة النضال الوطني والتقدمي، بفاتورة عالية، والتي لا يزال أحد أبنائها المناضل النقابي والاتحادي الحسين المانوزي، المختطف من تونس يوم 29 أكتوبر 1972، ونقل في صندوق سيارة دبلوماسية مغربية عبر الجزائر إلى الرباط، أقول لا يزال مصيره مجهولا. وضمن تلك السلسلة، خصصت حلقتين للحاجة خديجة الشاو التي توفيت مساء الأحد الماضي، فيها تفاصيل لم تنشر من قبل وهي التفاصيل التي أعيد نشرها، هنا وفاء لذكرى هذه الأم، المناضلة الصبور.. ووفاء لذكرى زوجها الراحل، الحاج علي المانوزي، واستحضارا لمسيرة آل المانوزي العطرة، السامية في الفعل الوطني والمقاوم والتقدمي، منذ سعيد المانوزي، أحد رفاق الشهيد محمد الزرقطوني، إلى الكمندار إبراهيم المانوزي الذي أعدمه الجنرال أوفقير ظلما، ضمن الضباط الذين تم إعدامهم بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة ليوليوز 1971 ، إلى أكثر من 40 فردا من أبناء العائلة الذين حوكموا بمراكش سنة 1970 و1972.. ولائحة المحنة النضالية الخاصة بهذه العائلة الفاضلة طويلة جدا... لنعد الإنصات للحاجة خديجة الشاو، شهادة للتاريخ... o الحاجة المانوزي، أم الحسين، سعيد جدا بلقائك.. وسعيد لأني أول صحفي يحظى بحوار صحفي معك.. أنت أم أخينا المناضل المختطف الحسين المانوزي، ورفيقة درب الحاج علي المانوزي منذ ما يفوق 55 سنة.. ورغم كل المحن، بقيت زوجة فاضلة، رفيقة تقوي العزائم ساعة الشدائد، وأما صابرة، مؤمنة، تنتظر عودة ابنها الذي اختطف منها منذ 28 سنة كاملة. الأم الفاضلة، أمنا الحاجة، لو نبدأ من البدايات.. متى كان الميلاد وأين، وكيف كانت الطفولة الأولى؟ n أولا أنا أم ككل الأمهات المغربيات، اللواتي يشققن الصخر حتى يربين أولادهن.. أما بخصوص الميلاد، فأنا أخبرت أنني من مواليد 1922 بدوار «أكموت» بقبيلة أمانوز.. وبعد أربع سنوات توفيت والدتي، أي في حوالي سنة 1926، فبقيت مع والدي وعائلتي.. ونحن اسمنا «آيت اغنغاي» (مع تشديد الغين)... o ما اسم الوالدة؟ n اسمها فاطمة عبد الله آيت بوبكر، أي فاضمة بالأمازيغية كما تعلم ، وكما قلت فقد قضيت طفولة عادية مثل باقي أقراني، في بادية صعبة، حيث الأشغال شاقة بشكل لا يتصور.. ولقد بقيت الحال كما هي، حتى سنة 1934، حيث وقع حادث كبير هز العائلة، وهو حادث استشهاد والدي في معركة طاحنة ضد الجنود الفرنسيين. أذكر أنه جمعنا، كل أهل الدار، وشرع يوصينا خيرا ببعضنا البعض، لأن جدي قد نادى في الناس بالجهاد ضد الغزو الفرنسي.. وأكد لنا أنه ذاهب إلى مواجهة ليموت فيها، أي أنه لن يتنازل عن المواجهة وأخبرنا أنه لا دين عليه، وأن من هم مدينون له بشيء فهو متنازل عنه.. وذهب ولم يعد.. أبي، اسمه محمد بن عبد الله اغنغاي.. ولقد جرح جدي في المعركة الضارية التي وقعت بمنطقة ايت عبد الله، فقام بالدفاع للتغطية حيث يتم إنقاذه وإبعاده، ولقد نجح في ذلك إلى أن استشهد رفقة صديق له اسمه احماد أو الحسن، بإيغورمان بأيت عبد الله بإيلالن وكان ذلك في شهر فبراير سنة 1934. سنة واحد بعد ذلك، أي في سنة 1935، سأتزوج من الحاج علي المانوزي فانتقلت إلى بيت عائلتهم، وكنا حينها في حالة صعبة.. وأذكر أن كل إخوته قد تمت عملية إعذارهم، وبالناسبة فإنهم بشكل من الأشكال أبنائي أيضا لأني ربيتهم جميعا.. ولقد تركني الحاج علي مدة أربع سنوات في بيت عائلته، كان هو حينها قد هاجر إلى الدارالبيضاء، ثم الرباط وفاس وعاد إلى الدارالبيضاء.. وبعد أن استقر في تجارته، جاء إلى مدشر العائلة، وتوالت زياراته إلى حدود سنة 1947، السنة التي استقدمني فيها إلى الدارالبيضاء، وكنا حينها قد رزقنا بابننا البكر الحسين وابنتنا فاطمة. حين وصلت إلى الدارالبيضاء، كان الحاج علي عضوا في حزب الاستقلال، وكان بيتنا خلية مفتوحة للنقاش والتلاقي، وكانوا كلما التقوا بها إلا وطلب مني الحاج أن أصعد إلى السطح، بدعوى أن الاجتماعات سرية.. كنت أمتثل في الصيف والشتاء وكنت أبقي هناك أصطك من البرد إلى أن ينتهوا من ما هم فيه.. ولقد تسبب لي ذلك في أمراض عدة، أفظعها الروماتيزم الذي لازمني لسنوات.. على كل حال، كانت تلك ضريبة من بين ضرائب أخرى كثيرة.. وأعلم أنني كنت مسؤولة عن كل العائلة، الأبناء والإخوة (إخوان الحاج)، فكلهم كبروا وتعلموا في حضني، وبعدهم جيل آخر مثل مصطفى المانوزي، الذي هو الآن في المحاماة، فأنا التي ربيته مع أبنائي.. والحمد لله إننا عائلة كبيرة وكثيرة الأفراد، لأن ذلك يخلق دفئا ومودة خاصتين.. ولقد ساعدني عملهم السياسي في أن أتعلم أشياء لم يكن ليتاح لي تعلمها. ولقد كان أول اعتقال لهم قبل مجيئي سنة 45، حيث اعتقل سعيد وعبد الله، شقيقا زوجي، لأنهما رفضا بيع بعض السلع الفرنسية. ثم جاء الاعتقال الذي عشته معهم سنة 1954، حيث اعتقلت السلطات الفرنسية كل إخوته بعد هروب أخيه سعيد الذي كان عضوا في خلايا المقاومة، بل واعتقلوا حتى والدهم الذي حضر لتوه من الجنوب... كان سعيد والحاج علي وإخوته متأكدين أن الشرطة سوف تأتي إلينا، لأنه بعد اعتقالهم للفقيه الفكيكي، كانت كل التطورات ستقود إلى سعيد المانوزي صديقه الحميم في المقاومة.. ولقد اعتقلوا في البداية بسيدي معروف، قاسم، حماد، لحسن، ثم الطيب من درب الكبير. أما والدهم والحاج علي فقد اعتقلوا بعد ذلك، ولقد عذبوا والدهم البالغ 65 سنة أمام ابنه لحسن، وكانوا يسألونه عن مكان تواجد أخيهم سعيد...، بل إنهم عذبوا لحسن بدوره لأنه لم ينفعل أمامهم أثناء تعذيب والده، بل ظل صامتا، كاظما غيضه...، وبعد أن فتشوا بيتنا لم يجدوا شيئا، وكان ذلك أول مواجهة لي مع المستعمرين، ويا للأسف فقد كانت أهون وأخف مما سيقع لي في الاستقلال...... المهم، أذكر أن سي محمد الدكالي، المعروف بساجد، كان يبعث إلي ابني الحسين ليخبرني عن مكان اعتقالهم وكيفية الزيارة، أخبرني أنه علي أن أتوجه إلى كوميسارية المعاريف، وأنه علي أن أقف في الصف حتى يدخلونا إلى الداخل، وعلي أن آخذ معي نساء من العائلة، وحين نسمع أسماء من لهم حق الزيارة على كل واحدة منا أن تتقدم لأخذ الورقة. وأنه علي ألا أبوح بما أعرفه وبما سيقال لي لأحد..... وكذلك كان، حيث اطمأنت أنهم فعلا معتقلون هناك. ولقد اكتفينا بأخذ ثلاث ورقات. أما باقي أسماء العائلة فلم يتقدم أحد لأخذ أوراقهم، وكانت نصيحة ساجد أن تكون النسوة أمازيغيات وبعد أن تأكدنا من وجودهم هناك عدت معهن وابني عبد الكريم على ظهري، بالكاد أكمل أربعين يوما بعد ولادته... فكان ذلك امتحانا من أجل الوطنية.. ولقد كان دور محمد الدكالي (ساجد) رحمه الله مركزيا في دعمنا وتوجيهنا عن طريق ابني الحسين. o الحاجة المانوزية، قلت إن محنة الاستقلال كانت أفظع من محنتك خلال الاستعمار، وإن كنت أعرف بعض التفاصيل عن ذلك، أود لو توضحين للقراء، خاصة الأجيال الجديدة معنى هذه المرارة التي في تنهيدتك وأنت تقولين ذلك؟ n عذابنا في الاستقلال فاق كل عذاب آخر، ولقد تعمق أكثر سنة 1970، حين اعتقل كل أفراد عائلة المانوزي، وبلغ عدد المعتقلين منهم، كما تعلم 18 فردا.. وجاءت صدمة قتل إبراهيم المانوزي سنة 71، الذي هو في مرتبة أخي الأصغر، حنوت عليه كثيرا وبادلني نفس الحنو.. وكان البحث جاريا عن ابني الحسين الذي كان حينها في فرنسا، ثم انتقل إلى ليبيا. وإذ أذكر شيئا، فإني أذكر ابني رشيد الذي ظل مختفيا عنهم لأيام عدة قبل أن يقع في أيديهم، وكان لا يزال فتى صغيرا... ،وأذكر أيضا تهديدهم لي في ابنتي فاطمة التي عينت حينها معلمة بمدينة خريبكة،... ثم أذكر يوم جاؤوا بالحاج علي زوجي إلى البيت في حالة يرثى لها... فلا الوجه وجه بالكدمات. ولا اليدين يدان بفعل القيد.. كان رجلا آخر..... بعد خمسة أيام من اعتقال رشيد، جاءت الشرطة إلى البيت، دقوا الجرس والباب، وحين فتحت لهم دخل شرطي متكرش، اسمه مصطفى الصقلي، وكان بالبيت عدد من النسوة، أصابهن ذعر بعد أن شاهدوا الأسلحة النارية في يد رجال المخزن، وكانت أغلبها رشاشات... شرعوا يقلبون البيت كله، وفتحوا خزانة العائلة، فأخذوا 3آلاف درهم كانت مخبأة لأجل شراء السجائر لبيعها في الدكانة الصغيرة التي كانت مصدر رزقنا الوحيد، وتركوا حليا قليلة، وتكررت أسئلتهم عن ابني الحسين، وبدأت التهديدات في حق ابنتي، التي تصاعدت مع أسئلتهم عن نقود فرنسية في ملكية الحسين ابن عم الحاج علي، قالوا إنه تركها لنا في البيت.. وبعد أخذ ورد اعتقلوني، وأخذوني في سياراتهم ..وتركت في البيت ابني صلاح الدين وابن عم زوجي المحامي الآن، مصطفى المانوزي وابني حفيظ أصغر ابنائي. ولقد ظللت أصيح فيهم بالأمازيغية السوسية أني لا أعرف العربية.. والواقع أني كنت أفهم كل ما يقولونه..... المهم، في معتقل درب مولاي الشريف، وجدت رجلا مسنا بطربوش أحمر مخزني، كان ترجمانا لهم، شرع يسألني بالأمازيغية عن الحسين وعن النقود الفرنسية. فأخبرته أن النقود التي نملك أخذها أولئك الذين اعتقلوني، فانتفض واحد منهم وصاح في: »»لا تتحدثي عن تلك النقود، فإننا سنعيدها إليكم»«... وماهي إلا لحظات، حتى جاؤوا بابني رشيد وقد ألبسوه جلبابا والقيد في يديه. يا الله، كان لا يزال فتى في شبابه الأول، وقد وضعوا القب على رأسه..... وبعد أخذ ورد وأسئلة محددة عن النقود الفرنسية تلك، أركبونا في سيارة ومنعوني من التحدث إلى صغيري رشيد - والحمد لله هو الآن دكتور في الإعلاميات، بل لقد جلس شرطي سري بيننا في السيارة، حتى بلغنا دكانة والده التي فتحوها وبحثوا عن النقود، فوجدوا عددا من الأوراق النقدية المغربية، وبعضا من الأوراق النقدية الفرنسية، أخذوها وعادوا برشيد إلى الكوميسارية، فيما أطلقوا سراحي، فعدت إلى البيت. o بعد اللقاء مع ابنك رشيد المانوزي الذي قلت إنه كان مكبلا، حليق الرأس، بجلباب متسخ إلى أين تطورات الأمور«. n كما قلت لك ثم اقتيادنا إلى الدكانة الصغيرة لبيع السجائر.. وهناك أخرج ابني نقودا قليلة كانت موضوعة في كتيب صغير، كانت مخصصة لشراء ما نحتاجه من علب السجائر، علما بأنهم سحبوا منا الرخصة بعد ذلك، وبقينا ربنا خلقتنا، أخذوها ثم اقتادوه من جديد وتركوني في الطريق فعدت إلى المنزل، وبعد مدة قصيرة، كرروا الزيارة، حيث فتشوا من جديد كل الغرف وأخذوا حتى البطاقات البريدية التي كان يبعث لنا بها ابني الحسين. ولقد انقطعت صلتي بزوجي وأبنائي وإخوة زوجي حتى نقلوا إلى السجن بالقنيطرة ثم إلى السجن المدني »اغبيلة« بالدارالبيضاء، ثم إلى سجن بولمهارز بمراكش، حيث كانت الزيارة منتظمة، وفي ظروف صعبة جدا.. وأذكر مرة أنهم جاؤوا فجأة بالحاج علي وكنا نحن نعتقد حينها أنه قد مات في أيديهم بسبب التعذيب، خاصة بعد تأكد خبر وفاة شقيقه هناك بدرب مولاي الشريف، جاؤوا به في حالة يرثى لها، حيث الوجه مليء بالكدمات، ويداه مشلولتان تماما بسبب القيد المتواصل، وكان بالكاد يستطيع المشي مثل شيخ طاعن في السن، كانت فرحتنا لرؤيته كبيرة، لأنه حي يرزق، عكس ما أشيع من أنه قتل.. وكم كان الأمر مؤثرا، حين طلبوا مني أن أعطيه ملابس داخلية جديدة وأمروه بخلع القديمة، لكنه لم يستطع لأن يديه شبه مشلولتين، فكان أن قاموا هم بإزالة ملابسه الداخلية وألبسوه الجديد منها، ثم شربوا كأس شاي وراحوا إلى سبيلهم أخذوه معهم، بعد أن فتشوا المنزل جيدا مرة أخرى ولم يعثروا على شيء، علما بأني كنت قد أخذت حقيبة أوراق، بها رسوم عقارية وبعض الحلي الذهبية وخبأتها عند أحد أقاربي، لأن عائلتي كانت تنصحني ألا أترك لهم المال أو الحلي، فقد يصادرونها وتذهب أدراج الرياح، خاصة وأننا لم نكن نملك عليهم أية وثيقة تثبت ما يأخذونه في كل زيارة. o لو سمحت، الحاجة خديجة، نود لو نتوقف قليلا عند قضية ابنك المختطف الحسين المانوزي، كيف توصلت أنت بالخبر؟ n تلقيت الخبر مثل باقي أفراد عائلتي، أي أساسا من خلال رسالة مشفرة بعثها إلينا ابني رشيد من فرنسا، حيث أدركنا حقيقة الاختطاف، وأن ذلك قد تم في تونس.. وبقينا في حيرة، نحاول التحرك ولكن، في عزلة تامة حتى سنة 1975 أي سنة هروبه من معتقل الرباط.. o كنتم تسمعون رسائله الصوتية قبل اختطافه من إذاعة ليبيا؟ n نعم، كنا نسمع صوته في »صوت التحرير، الذي كان يبث من ليبيا.. وكان الناس يأتون إلي ويحكون لي عما سمعوه من أخبار بصوته. o لو نتحدث عن الحسين الطفل بالنسبة لك كأم؟ n (صمت ودمع في المآقي).. كان طفلا نجيبا جدا في دراسته، وهو أكبر أبنائي، فكان رجل البيت كلما غاب والده أو اعتقل.. وكانت النسوة في حينا يقلن لي دوما إنني أعطي دروسا إضافية لابني الحسين سرا، وأننا نخصص له معلمين أكفاء لأجل ذلك، لأن تفوقه الكبير في مدرسة «الضيعة البيضاء». ليس عاديا، والحال أن ابني كان مجتهدا وذكيا فقط وكان حيويا ونشيطا.. كان رسول المقاومين زمن الاستعمار وكان عضوا في الكشفية. علما بأنه ولد بالبادية، بسوس، ولقد رفض جده تسليمه وأيضا ابنتي فاطمة، حين قررنا الرحيل إلى الدارالبيضاء فبقي هناك سنتين أخريين حتى بلغ السادسة من عمره، فاقتنع جده بضرورة التحاقه بنا لأجل الدراسة. المهم، بعد نجاحه في دراسته بمدرسة الطيران بالدارالبيضاء وتخرجه منها بتفوق هاجر إلى أوروبا، حيث بعث إلينا أنا ووالده سنة 1966 كي نلتحق به هناك في بلجيكا، حيث كان موظفا في الخطوط الجوية البلجيكية»سابيتا» ذلك ،لأنه قرر أن يبعثنا إلى الحج و هو ما تم فعلا ،حيث توجهنا من بلجيكا إلى ألمانيا ومنها إلى اليونان، ومنها إلى مصر بحرا، أبحرنا من مصر عبر البحر الأحمر إلى السعودية.. ولقد تكلف بكل المصاريف. سنة واحدة بعد ذلك سيتزوج من فتاة مغربية. o إذن الحسين كان متزوجا! فهذه أول مرة أسمع بالخبر! n نعم، زوجناه سنة 1967 من سيدة فاضلة تنحدر من قبيلتنا. ولقد رافقته إلى ليبيا حيث قضت معه سنة هناك، لكنها لم تستطع التأقلم مع بلاد الغربة، وأساسا في ليبيا، فحدثت مشاكل بينهما فعادت إلى المغرب عبر الطائرة وبعد التحاقه بها في أواسط 1968، بقي معها فترة قصيرة انتهت بطلاقهما. o هل أنجب منها؟ n لا... لم ينجب منها أي مولود.. . بعد ذلك هاجر مجددا إلى فرنسا، حتى جاء خبر اختطافه ثم خبر هروبه من المعتقل بالرباط سنة 1975. - نعم حين فر جاؤوا بالعشرات، حيث طوقوا البيت وكان والده معتقلا حينها بالسجن المدني اغبيلة بعد أن اختفى بدوره شهورا في معتقل »الكوربيس» المهم، أخبرونا أن الحسين فر من سجن القنيطرة، فاعتقدنا أنه ابن عم الحاج علي زوج ابنتي فاطمة واسمه أيضا الحسين المانوزي، وكنا قد زرناه بالسجن منذ 24 ساعة فقط فلم نفهم الحكاية، لكن بعد اتصال بعائلة زوجي، وأساسا إخوته بالمحمدية تأكدت أن الأمر يتعلق بابني الحسين ففرحت أيما فرح لأنه أخيرا تأكدت أنه حي وأنه عندهم منذ 1972، أي منذ ثلاث سنوات.. ولقد ظلوا يطوقون البيت أسبوعا كاملا، أي فترة هربه وبعد أن رحلوا تأكدنا أنه وقع في أيديهم مجددا. o واختفت أخباره مجددا؟ n نعم، اختفت أخباره علما بأنهم بحثوا في بيتنا عن صور له، فلم يعثروا على شيء، لأني مع باقي إخوته كنا قد خبأنا كل شيء بعيدا عن منزل العائلة، وهو ما سمح لنا بإنقاذ العديد من الوثائق والصور التي تتوفر أنت الآن على بعضها وكذلك الصحفية الهولندية »دوبور«. o لو طلبت منك الحاجة خديجة أن توجهي رسالة إلى الحسين ما الذي ستقولينه له؟ n (صمت) لو كان لنا هامش حرية صحافة مثل الذي نتمتع به اليوم لوصل صوتنا ونداؤنا ولما وقع الذي وقع للحسين (صمت .. وبكاء حار،بكاء امرأة جاوزت السبعين من عمرها) كانت الأخبار تأتي أنه في هرمومو رفقة عبد الحق الرويسي ثم قيل لنا إنه يوجد في المستشفى العسكري بالرباط.. لكن الحقيقة يعلمها لله.. وما أود قوله لابني الحسين إني لم أتعب ولن أتعب سأظل أنتظره وأقول له موعدنا الجنة يا بني (صمت وبكاء حار).. أما في الدنيا فالله سيجازي الجميع لأنه إذا كان لا يزال حيا، فإن ربنا سيهيء لنا بقدرته أسباب اللقاء أما إذا كان غير ذلك فإننا سنلتقي حتما عند لله الذي نطلب رحمته لنا جميعا.