كشفت تسريبات صحافية في مطلع 2014 أن روبي موك كان من الشخصيات المطروحة لتولي إدارة حملة هيلاري كلينتون في حال ترشحت لتمثيل الحزب الديموقراطي في السباق إلى البيت الأبيض. الواقع أنه باشر العمل قبل الانتخابات بأكثر من 34 شهرا. كتب روبي موك الثلاثيني في فبراير 2014 لشيريل ميلز، المساعدة المقربة من هيلاري كلينتون، معلقا على مقالة حول خلافات في وجهات النظر بين المقربين من الرئيس باراك أوباما والمقربين من كلينتون «أنت على حق بالنسبة لاستراتيجية إعلامية بعيدة المدى. اننا بحاجة للرد على أمور من هذا النوع». وأبقت كلينتون الترقب قائما بشان طموحاتها السياسية حتى أبريل 2015، مؤكدة في العلن أنها تمنح نفسها مهلة للتفكير وأنها تريد قضاء وقت مع حفيدتها. غير أن موقع ويكيليكس يسرب منذ عدة أيام آلاف الرسائل الإلكترونية المقرصنة من بريد رئيس حملتها الانتخابية جون بوديستا، تكشف عن مدى الدقة في تحضير حملة مرشحة مصممة على عدم تكرار أخطاء 2008، حين هزمت أمام أوباما بسبب حملة كانت رسالتها متبدلة وعملية اتخاذ القرار فيها غامضة. ويتهم المعسكر الديموقراطي روسيا بالوقوف خلف قرصنة الرسائل الإلكترونية بهدف إحراج كلينتون ودعم خصمها الجمهوري دونالد ترامب. عرض روبي موك في 22 مارس 2014 الخطوط العريضة لاستراتيجية سياسية، فاعتبر أن خوض كلينتون السباق بصفتها أول امرأة تترشح للرئاسية سيكون «خطأ»، عارضا على المرشحة أن تشدد على أنها «مدافعة عن الطبقة الوسطى»، وهو التعبير الذي اعتمدته بعد سنة. وكان جدول أعمال هيلاري كلينتون في ذلك الوقت حافلا بالخطابات المدفوعة الأجر، وكانت تعد لجولة ترويج لكتاب مذكراتها على رأس وزارة الخارجية، ولم تكن تبدي أي طموحات سياسية معلنة. لكن روبي موك كان في أبريل يعمل على تصميم الهيكلية القانونية الضرورية لدفع أجور الموظفين العشرين المطلوبين قبل أي إعلان ترشيح رسمي. وكتب في مذكرة «هذا يشمل إنشاء موقع، والاستراتيجية الإعلامية، والتنقلات لاطلاق» الحملة. وفي كل الأحوال، «لن يكون ذلك قبل 4 نوفمبر 2014»، يوم الانتخابات التشريعية في منتصف الولاية الرئاسية. في خريف 2014، فيما كانت هيلاري كلينتون تقدم دعمها على الأرض للمرشحين الديموقراطيين للكونغرس، وضع كاتب خطاباتها دان شويرين وثيقة من عشرين صحفة عرض فيها ثلاث سيناريوهات لتبرير ترشيحها: «وضع الدولة في خدمة الجميع، وليس فقط في خدمة حفنة من الاثرياء»، و»تجديد الحلم الأميركي» و»مناضلة في البيت الأبيض». وكتب لها مستشارها «الهدف هو أن تباشري بلورة الأفكار والدوافع التي هي الأهم بنظرك». ثم تسارعت وتيرة توظيف أعضاء في الفريق. وكتب لها روبي موك في يناير 2015 معلقا على توظيف جينيفر بالمييري وكريستينا شاكي اللتين كانتا تعملان في البيت الأبيض «تهاني ! بات لديك الآن مديرة للاتصالات ومساعدة للاتصالات شديدتا الحماسة». وبدأت الاستراتيجية الإعلامية ترتسم. وكتب نيك ميريل القادم من وزارة الخارجية في مذكرة أن «الوقت حان لصدور مقالة بقلم صحافي معروف» لتوجيه التغطية الإعلامية التي بدأت تحتدم في بداية السنة، موردا اسماء عدد من المستشارين يمكن تسريبها. وكتب روبي موك «نعلم أن الصحافيين سيكتبون عن التحضيرات للحملة، ومن الأفضل بالتالي التأثير على هذه المقالات». اما بالنسبة للرسالة، فتم تشكيل «مجموعات دراسات» من الناخبين في يناير 2015 في ولاية نيوهامشير الاستراتيجية. وقبل الإعلان بسبعة أيام، تم الاتفاق على إجراء اتصال هاتفي يومي في الثامنة صباحا لتنسيق الاستراتيجية بين أوساط كلينتون. وتراكمت الرسائل الإلكترونية في بريد جون بوديستا تحضيرا للإعلان الرسمي عن انطلاق الحملة المقرر في 12 أبريل 20158. وفي اليوم السابق، تحدث جون بوديستا وآخرون إلى صحافيين نافذين طالبين عدم كشف أسمائهم. ثم في اليوم المقرر، كتبت هيلاري كلينتون على تويتر «إنني مرشحة للرئاسة. الأميركيون العاديون بحاجة إلى من يدافع عنهم، وسأدافع عنهم. ه.» وكان من المفترض بحرف «ه» أن يعني أنها هي التي كتبت التغريدة، لكن الواقع أنها كانت مكتوبة مسبقا وتمت المصادقة عليها من أعلى القيادة قبل أسبوع بأقل تقدير. معضلة التبادل التجاري الحر يغذي تبديل المرشحة الديموقراطية للانتخابات الرئاسية هيلاري كلينتون لموقفها من التبادل التجاري الحر، شكوكا عميقة في مدى جديتها وهجمات من قبل خصمها الجمهوري دونالد ترامب. وقبل اسبوع من الاقتراع، لم تنته المرشحة الديموقراطية بعد من توضيح موقفها بشأن دعمها السابق لاتفاقية «الشراكة عبر المحيط الهادئ» التي تثير جدلا حادا وستطرح مجددا في آخر مناظرة رئاسية الاربعاء. فعندما كانت وزيرة للخارجية، اكدت في اكتوبر 2012 ان هذه المعاهدة بين الولاياتالمتحدة ومنطقة آسيا المحيط الهادئ بدون الصين، تشكل «نموذجا مميزا لتجارة تتسم بالحرية والشفافية والعدالة». وبعد ثلاث سنوات انجز هذا الاتفاق الذي يهدف الى ازالة الحواجز التجارية، لكنه يواجه اتهامات من المجتمع المدني والجناح اليساري للحزب الديموقراطي ودونالد ترامب. لذلك غيرت كلينتون موقفها تماما. وكتبت في اكتوبر 2015 «استنادا الى ما اعرفه اليوم، لا يمكنني دعم هذا الاتفاق». واضافت المرشحة التي كانت تواجه خصمها بيرني ساندرز المعارض الشرس «للشركة عبر المحيط الهادئ» في الانتخابات التمهيدية للحزب الديموقراطي، ان «الخطر بات كبيرا جدا على الرغم من جهودنا، لان تؤدي (هذه الاتفاقات) الى جلب الضرر اكثر من الفوائد للعائلات الاميركية الكادحة». وكشفت رسائل الكترونية خاصة نشرها موقع ويكيليكس ان فريق حملتها نفسه يدرك حجم هذا التغيير وصعوبة فرض قبوله. وكتب دان شويرين، احد مستشاري كلينتون، «انه فعلا توازن صعب لاننا لا نريد اثارة السخرية عبر معارضة شديدة جدا لاتفاق دافعت عنه في الماضي، او الافراط في التركيز على جوانبه السلبية بينما قرار (معارضته) ليس اكيدا». وتلقف فريق حملة ترامب الرسائل التي نشرها موقع ويكيليكس. وقال في بيان نشر الاحد «نعرف الآن ان تحول موقف كلينتون بشأن +الشراكة عبر المحيط الهادئ+ خدعة سياسية وقحة تستخدمها اوقح سياسية في التاريخ الاميركي». والمعسكر الجمهوري ليس الوحيد الذي شكك في جدية السيدة الاولى السابقة. ففي 2008، كان الشاب باراك اوباما ينافسها في الانتخابات الرئاسية وانتقد عدم ثبات موقفها من +اتفاقية التبادل الحر لاميركا الشمالية+ (نافتا) التي تضم الولاياتالمتحدة وكندا والمكسيك ووقعها في 1994 الرئيس بيل كلينتون. وقال اوباما انها «قالت الكثير عن +اتفاقية التبادل الحر لاميركا الشمالية+ الى ان بدأت تخوض المنافسة على الرئاسة». ووعد حينذاك باعادة التفاوض حول هذه الاتفاقية لكنه لم يفعل شيئا منذ وصوله الى البيت الابيض. وفي الواقع وحتى اذا انكرت ذلك، غيرت كلينتون موقفها من هذه الاتفاقية المتهمة ايضا بتسريع رحيل الصناعات ونقل الوظائف الى الخارج. وبعدما رأت ان الاتفاقية تسمح «بحصد الثمار وليس بتحمل عبء العولمة»، غيرت المرشحة الديموقراطية رأيها. وقالت في نوفمبر 2007 ان «نافتا كانت خطأ لان النتائج لم تكن بمستوى التوقعات». واكد الخبير السياسي في معهد «بوركينغز اينستيتيوت» في واشنطن جون هوداك لوكالة فرانس برس ان هذه التبدلات ليست بالضرورة ضعفا او دليلا على ازدواجية. واضاف ان كلينتون «طورت بلا شك موقفها حول التجارة عبر التفكير بشكل اكبر في تأثيرها على الموظفين الاميركيين». وتابع «هناك بعض الحسابات بالتأكيد لكن الاعتقاد بان كل تبدل سيكون اشكاليا للسياسي خطأ». ويبقى السؤال مطروحا: ما هو موقفها الحقيقي من التبادل الحر؟ وعندما كانت تشغل مقعدا في مجلس الشيوخ عن نيويورك من 2001 الى 2009، صوتت كلينتون لمصلحة كل الاتفاقات التجارية تقريبا، باستثناء الاتفاقية الموقعة مع خمس دول في اميركا الوسطى وجمهورية الدومينيكان (كافتا). وتؤكد كلينتون اليوم علنا انها تريد اتفاقا تجارية «مدروسة بشكل جيد وعادلة» وان بدت اقل تحفظا في خطب اخيرة خاصة كشفها موقع ويكيليكس وتقول فيها انها «تحلم بسوق مشتركة في كل اميركا». واكدت في احد هذه الخطب في 2013 انه في السياسة «يجب ان يكون هناك موقف عام وخاص في وقت واحد». البورتوريكيون و نتيجة الانتخابات ينشط متطوعون في وسط فلوريدا لتعبئة الناخبين المتحدرين من اصول لاتينية للتصويت في الانتخابات الرئاسة الاميركية بعد ثلاثة اسابيع، حيث ان هذه المجموعة يمكن ان تقرر فعلا هوية الفائز في السباق وهذا الامر لا يعتبر نبأ سارا للجمهوريين. ومنذ انتخابات العام 2012، دفعت الازمة المالية الحادة في مقاطعة بورتوريكو الاميركية مئات الاف السكان الى الانتقال للعيش في فلوريدا (جنوب شرق). وهم من اشد مؤيدي الديموقراطية هيلاري كلينتون ويمكن ان يحملوا اليها الفوز بهذه الولاية التي تعتبر من الولايات الحاسمة في السباق الرئاسي. كانت آنا ايريس فاسكيز ربة المنزل البالغة من العمر 53 عاما تحضر وجبة الغداء في شقتها في اورلاندو حين دقت امرأتان على بابها، هما تعملان لدى منظمة غير حكومية تدعى «مي فاميليا فوتا» (عائلتي تصوت) وتسعى وراء المتحدرين من اصول لاتينية غير المسجلين لجعلهم ناخبين. وردا على سؤال عن خيارها لانتخابات 8 نوفمبر تقول انها ستصوت «لهيلاري» موضحة «اذا ادليت بصوتي لهذا الرجل، فسنكون جميعنا في ورطة» في اشارة الى المرشح الجمهوري دونالد ترامب. وعند مغادرتها جزيرتها في الكاريبي، لم تتصور ابدا هي والاخرون من بورتوريكو انهم يمكن ان يقرروا مصير الانتخابات الرئاسية في الولاياتالمتحدة. استقر حوالى مليون شخص من اصول لاتينية في فلوريدا منذ العام 2012 وغالبيتهم من بورتوريكو الغارقة في دين هائل. وكثيرون اختاروا مدينة اورلاندو لبدء حياتهم الجديدة. وقال مارك هوغو لوبيز مدير معهد بيو للابحاث حول الناطقين بالاسبانية ان «هجرة البورتوريكيين تركت اثرا هائلا على عدد المتحدرين من اصول لاتينية المسجلين على اللوائح الانتخابية في وسط فلوريدا». وهم مواطنون اميركيون وبالتالي لديهم الحق بالتصويت في الولاياتالمتحدة خلافا للمهاجرين الاجانب الذين عليهم الحصولعلى الجنسية الاميركية ما يمكن ان يستغرق سنوات طويلة. وفي الوقت الراهن هناك 1,9 مليون شخص من اصول لاتينية مسجلون اي قرابة 15,4% من ناخبي فلوريدا. وبحسب معهد بيو فان عددهم ارتفع بنسبة 61% بين عامي 2006 و 2016. وغالبيتهم ديموقراطيون. في مكتب المنظمة غير الحكومية «مي فاميليا فوتا» في اورلاندو يستعد حوالى عشرة متطوعين للتوجه الى المتاجر الكبرى وزيارة المنازل واحدا تلو الاخر. وعلى الجدار هناك ملصقات ملونة باسماء الاشخاص ال28 الفا و200 المتحدرين من اصول لاتينية المسجلين حتى الان. وشهدت انتخابات فلوريدا في بعض الاحيان منافسة حامية. ففي العام 2000 فاز الجمهوري جورج بوش بالولاية وبالتالي بالرئاسة بتقدم 537 صوتا فقط على الديموقراطي آل غور. وهذا يفسر اسباب سعي المرشحين الى استمالة الناخبين في فلوريدا التي تعد 20,2 مليون شخص بينهم 24,5% من اصول لاتينية. وهي الولاية الثالثة الاكثر اكتظاظا بالسكان في البلاد. لكن بالاضافة الى حجمها فان وضعها كولاية «متأرجحة» اي يمكن ان تغير معسكرها بين الجمهوريين والديموقراطيين من انتخابات الى اخرى، يجعلها مميزة ايضا. والمهمة ستكون اكثر تعقيدا للمرشحين لان الولاية مقسومة بين جنوب يميل للديموقراطيين وشمال يؤيد الجمهوريين ووسط متأرجح رغم ان الفارق يكبر الان بفضل البورتوريكيين. وقال كيفن هيل استاذ السياسة والعلاقات الدولية في جامعة فلوريدا الدولية «كل شيء يمكن ان يحصل لان الولاية مقسومة بشكل متساو تقريبا». وبحسب معدل اخر استطلاعات رأي اجراها معهد «ريل كلير بوليتيكس» فان هيلاري كلينتون تتقدم بفارق 5,5 نقاط على ترامب على المستوى الوطني. لكن في هذه الولاية الواقعة جنوب شرق البلاد فان هامش تقدمها ليس سوى 3,5 نقاط. اثار دونالد ترامب استياء المتحدرين من اصول لاتينية وخصوصا المكسيكيين الذين وصفهم بانهم مجرمون ومغتصبي نساء ووعد ببناء جدار على الحدود الاميركية-المكسيكية لوقف الهجرة غير الشرعية. وتساءلت فاسكيز «هذا الرجل يمارس التمييز ضدنا، ويحقرنا، ماذا سيحصل لنا مع هذا الرجل؟». وبحسب استطلاع للرأي اجراه معهد بيو في الاونة الاخيرة فان 58% من المتحدرين من اصول لاتينية المسجلين للتصويت في الولاياتالمتحدة يدعمون المرشحة الديموقراطية و19% يؤيدون الجمهوري. والان وقد انقضت مهلة التسجل على اللوائح الانتخابية، تعمل المنظمة غير الحكومية المدافعة عن حقوق المهاجرين على التثبت من ان الناخبين سيتوجهون بكثافة الى صناديق الاقتراع.