لا تضع قلبك في منديل وتهديه لأحد، ولا تضعه في منقار طائر يحب الشرفات. ضعه في مكان معتم للغاية وتقبل برودته. لا تحب أحدا. لاتتحدث عن الحب، ولو بالهمس، ولا تطلبه ولا تذعن له. ولا تنتظر أحدا. يدك أتركها في قفازها السميك، حتى لا تلمس يدا أخرى، باسم المودة والجلد اللطيف. لا تحب أحدا، ولا تصل على أحد أيضا. لا تصدق أن الحب مضاء جيدا مثل نهار ربيعي، إنه مثل قطعة بحرية في صقيع كبير وشاسع. لا تصدق أنه أغنية، إنه شبيه بالعويل في شتاء طويل. لا تصدق البياض، ولا تصدق اللازوردي، ولا تصدق الأسود، صدق فقط هذه الدهشة في عين من لا يرى، صدق أنك لا تصدق أحدا، ولا تحب أحدا. الحب يجعلك بليدا، ويجعلك تافها، هل هذا ما تسميه السعادة؟ لا تمتلئ مثل بالون بهواء شبه ساخن، وارتكن إلى نقطة لامرئية في اليأس. ذلك أقرب للسرور. الحب أكبر من عقدة ذنب وأصغر من توبة. كل تفاهاتك جاءت بالضبط من هذه العاطفة الملففة مثل وجه في حجاب. لا تصدق بأنه لا يمكن ألا توجد بلا حب ولا عاطفة. يمكنك ذلك مثلما هو ضروري لكل حجر فوق الأرض. لست مطالبا بالحب، بل مطالب بأدلة عليه.. ها أنت ترى أنك في الواقع تبرر الجريمة ! وأنت تشبه البوليس الذي يبحث عن دليل! لا تحب أحدا حتى لا تصبح أعمى..! الحب يعمي، هذا ما تقوله البشرية لنفسها، وتبتسم مثل .. ضرير! لا شيء يشفي من الحب سوى الحب، إذن هل يشبه السم؟ يشبهه فعلا، فلا تحب أحدا وتصاب .. أول تنهيدة حب، هي آخر جرعة حرية. انتبه إلى القيود التي تدلها إلى يديك. الحب صناعة الألغام، وأنت تمشي عادة أعمى.. وهو تجارة الأوهام، وأنت مفلس لا تحب أحدا. سيبقي لك من كل الجمر المشتعل، ركام من الرماد. كيف تنظف شرايينك؟ الحب لا يكبر سوى بالتراجيديا والأحزان، لماذا تريده أن يكبر أو أن يولد حتى؟ الحب، هو التعب في بذل مجهود رهيب لكي لا تبقى سوى مع كائن واحد صباح مساء..! عبودية متبادلة في الواقع مع الأشغال الشاقة باستمرار! علل هذه المعادلة: هل الإنسان الذي لا يحب إلا الناس الذين لا يحبون أنفسهم، يحب نفسه؟ إذا استطعت، احب من تشاء!