شهدت قاعة العروض بدار الثقافة الفقيه المنوني بمكناس مساء الثلاثاء فاتح مارس الجاري العرض الافتتاحي للمسرحية المغربية الجديدة «حسن الوزان.. ليون الافريقي»، التي أخرجها بتميز ملحوظ ابن مكناس المتألق المسرحي والسينمائي الشاب بوسلهام الضعيف انطلاقا من نص قوي وممتع كتبه أنور المرتجي بعنوان « تغريبة حسن الوزان« . حضر هذا العرض الافتتاحي جمهور نوعي من المثقفين والفنانين والطلبة والإعلاميين والمهتمين، نذكر منهم بالخصوص الأساتذة حسن المنيعي وعبد الرحمان بن زيدان وأنور المرتجي ورشيدة بنمسعود وعبد الحق الزروالي وعبد المجيد فنيش وفاطمة عاطف ومحمد بيوض وغيرهم . وعلى امتداد تسعين دقيقة، وهي مدة العرض، أمتعتنا فرقة «مسرح الشامات « المكناسية بهذه المسرحية الجديدة التي تفتتح بها موسمها الثالث عشر بعد مواسم سابقة حافلة بالعروض المسرحية داخل الوطن وخارجه وبالجوائز كذلك . تميزت مسرحية «حسن الوزان .. ليون الافريقي« بالجمع بين مضمون قوي، فيه استلهام للتاريخ وللحظة الراهنة، وشكل فرجوي جميل وممتع نجح مخرجها إلى حد كبير في التوفيق فيه بين عناصر التعبير المسرحي المختلفة من تشخيص وإنارة وموسيقى ورقص وحوار وملابس ومؤثرات صوتية وبصرية وسينوغرافيا وغيرها، وخلق تناغم وانسجام بينها لتمرير خطاب يمجد قيم العقل والمعرفة والانفتاح والتسامح الديني والمحبة بين البشر وغيرها من القيم الكونية . فعبر مجموعة من اللوحات المسرحية الجميلة وقفنا كمتلقين على جوانب مضيئة من تاريخنا الثقافي والحضاري انطلاقا من محطات مختارة بعناية فائقة من سيرة شخصية حسن الوزان الملقب بليون الافريقي، الذي كانت حياته عبارة عن سفر طويل جاب من خلاله العديد من عواصم عالم القرن السادس عشر الميلادي انطلاقا من غرناطة الأندلسية ومرورا بفاس الإسلامية وبلدان افريقية أخرى وصولا إلى روما المسيحية . لقد أبان الممثلون الستة، الذين شخصوا أدوار هذه المسرحية، عن علو كعبهم في تقمص الأدوار وتبادل المواقع على الركح، وتميزوا بتعابيرهم الجسدية وحواراتهم واستطاعوا أن يشدوا بذلك انتباه المتلقين من اللوحة الأولى للمسرحية إلى نهاية العرض. ولعل الملفت في هذا العمل المسرحي الجديد للمخرج بوسلهام الضعيف هو إسناد دور الشخصية الرئيسية، حسن الوزان، للفنان الموسيقي الفرنسي المسيحي فريديريك كالميس، الذي عشق التراث الموسيقي الشعبي الصوفي المغربي واستقر ببلادنا حيث تعلم العربية والموسيقى المحلية وتعمق في الثقافة المغربية وأصبح عضوا دائما في فرقة السماع والمديح التابعة للزاوية الحمدوشية بفاس. ولعل تشابه مساري فريديريك والوزان هو الذي أملى على المخرج اختيار هدا الفنان الصوفي لتقمص شخصية ليون الافريقي، فكلاهما يتكلم عدة لغات وله اطلاع على الديانات السماوية الثلاث. لقد توفق المخرج في إدارة بطل مسرحيته إلى حد جعله مقنعا وناجحا في تشخيصه وإنشاده ورقصه وكلامه، إلى جانب المتألق دوما بنعيسى الجيراري والقيدوم مصطفى الخليلي ومها الزرواتي ورضا بنعيم وعبد الرحيم العمراني .