منذ مجيئه إلى رئاسة الحكومة، لم يتوقف عبد الإله بن كيران عن التلويح بعزمه رفع الدعم عن مادتي السكر البوتان اللتين سلمتا حتى الآن من سياسته التقشفية، بعدما نفضت الدولة يديها من دعم جميع المحروقات الأخرى ، غير أن ما منع بن كيران حتى الآن من تنفيذ وعيده ، بالزيادة في أسعار البوطاغاز و السكر، ليس الخوف على القدرة الشرائية للمواطنين ، بل بالأساس، إلى كون أسعار هاتين المادتين تراجعت في السوق الدولي، بشكل جعل دعمها من طرف الدولة غير ذي كلفة، تستحق المواجهة مع الشارع . لذلك ترك رئيس الحكومة حل هذا الملف للظروف الخارجية التي نابت عنه في تقليص تحملات المقاصة إلى مستويات جد منخفضة. غير أن هذه الظرفية الدولية، بدأت تتغير بشكل ملحوظ على بعد أسابيع معدودة من مغادرة الحكومة الحالية زمام السلطة ، حيث بدأت أسعار المحروقات، ومنها البوتان منحاها التصاعدي، فيما قفزت أسعار السكر في السوق الدولي من 407 دولارات للطن في بداية 2016 إلى 565 دولارا للطن في شهر غشت الماضي. وتشير معظم التوقعات إلى استمرار أسعار السكر في الارتفاع ، بعد ارتفاع العجز في الأسواق العالمية للسكر ما بين 6 و11 مليون طن، والذي وافق توقعات المعاهد المختصة. وقد راجعت منظمة السكر الدولية جل توقعاتها بخصوص العجز في السوق العالمي للسكر، حيث تتوقع المنظمة أن يسجل العجز العالمي أزيد من 7 ملايين طن من السكر خلال الموسم الفلاحي 2016-2017 مقارنة مع عجز قدر ب 3.8 مليون طن خلال شهر ماي الماضي ، وقد سجلت قيمة العجز خلال الموسم 2015-2016 ما يناهز5.7 مليون طن )مقابل تقدير سنوي وصل إلى 6.6 مليون طن(. كل هذا ينبئ بأن رئيس الحكومة بن كيران لن يتردد ، إذا ما أتيحت له فرصة أخرى ، في الإجهاز على ما تبقى من دعم عمومي موجه بالأساس لمادتين حيويتين في معيش المغاربة ، هما السكر والبوطاغاز. ويكشف تقرير أصدره صندوق المقاصة أمس، أنه إلى حدود متم شهر غشت 2016 ، بلغ دعم استهلاك الغاز بوتان خلال النصف الأول لسنة 2016 ما يعادل 096.3 مليون درهم، مقابل 510.4 مليون درهم من نفس الفترة لسنة 2015 ،مسجلا بذلك انخفاضا يقدر ب 414.1 مليون درهم، وانخفاضا نسبيا يقدر ب 31.% ويرجع ذلك إلى التأثير المزدوج للارتفاع الذي عرفه الاستهلاك بنسبة %6 ،وكذا إلى انخفاض أسعار الدعم الأحادي بنسبة 37.% ويمثل دعم قنينة 12 كلغ 82 %من دعم استهلاك الغاز البوتان، مقابل 15 %فقط من الدعم الذي يخصص لقنينة 3 كلغ و3 %لقنينة 6 كلغ، وذلك بعد الهبوط القياسي الذي عرفته أسعار السكر في الأسواق الدولية. وإلى حدود اليوم، بلغت مستحقات الدعم لمادة الغاز بوتان 1.4 مليار درهم، وتشمل جزءا من الدعم المتعلق بملفات الغاز بوتان لشهر ماي، ودعم استهلاك شهر يونيو لسنة 2016. أما فيما يخص مستحقات مادة السكر، فقد بلغت 369 مليون درهم، وتشمل جزءا من الدعم المتعلق باستهلاك بشهر ماي 2016 ودعم استهلاك شهر يونيو 2016. وعليه، فقد بلغت أداءات صندوق المقاصة بخصوص مادتي الغاز بوتان والسكر ما قدره 5.2 مليون درهم .