أصدرت «حلقة أصدقاء باهي»، تحت إشراف عباس بودرقة، الأعمال الكاملة للفقيد محمد باهي: «رسالة باريس: يموت الحالم ولا يموت الحلم»، ويضم الكتاب، الذي تم تقديمه بمناسبة الذكرى العشرين لوفاته، خمسة كتب استعرض خلالها المؤلف شهادته على العصر، وقدم لنا تحاليل غاية في الموسوعية.. في ما يلي نختار لقراء «الاتحاد الاشتراكي» أوراقا من ذاكرة محمد باهي، لنستعيد تلك الثقافة السياسية التي كانت يتمتع بها واحد من صانعي السياسة في بلادنا، وواحد من الذين تحصلت لديهم الخبرة والذكاء، واستطاعوا أن يقدموا لنا قراءة في قضية الصحراء، وفي امتداداتها وتعقيداتها والمساهمين الفعليين في ذلك.. سؤال : ما هي علاقتكم مع الرئيس السابق أحمد بن بلة؟ جواب : أنتم تعرفون، لأنكم عشتم تلك المرحلة التاريخية معنا وعايشتم تفاصيلها، أنني اختلفت مع الأخ أحمد بن بلة، بعد الإستقلال، حول المسألة الديمقراطية، ودخلت في صراع مباشر، ليس مع الشخص، ولكن مع النظام الذي كان يقوده آنذاك. وقد اعتقلت وسُجنت عام 1964. وقبل انقلاب هواري بومدين (19 يونيو 1965) كان أحمد بن بلة، شعورا منه بخطورة الجيش، قد بدأ إجراء اتصالات معنا للعودة إلى الحياة السياسية الاعتيادية. ولكن الانقلاب أوقف هذه المحاولات وأدى إلى اعتقال أحمد بن بلة والزج به في السجن. لقد قمت بإنشاء جبهة القوى الاشتراكية رسميا في 19 سبتمبر 1963، بعد مداولات ومشاورات مطولة مع عدد من الشخصيات، في مقدمتهم الأخ محمد بوضياف، واعتقلت بعد ذلك بسنة (في تاريخ 17 أكتوبر 1964) وجرت لي محاكمة صورية صدر علي الحكم بعدها بالإعدام، تلاه عفو جاء ضمن محاولة الحوار والانفتاح السياسي التي أَشَرت إليها. وقد هربت من سجن الحراش في الأول من مايو 1966، أي بعد سنة تقريبا من وصول هواري بومدين إلى السلطة، ومنذ ذلك التاريخ حتى اليوم، وأنا أدافع عن فكرة إعادة الديمقراطية إلى الجزائر. ولقد كان الهاجس الذي يؤرقني باستمرار هو ضرورة الخروج من عزلة «الغيتو» القبائلي الذي فرضته السلطة على المعارضة الديمقراطية، كما أنني كنت شديد الحساسية للاتهامات السخيفة الموجهة ضد شخصي وضد الحركة السياسية التي أنتمي إليها. وأنا رجل سياسي ولست رئيس عشيرة وليست لدي أحقاد ولا ثأرات ولا حسابات شخصية أريد تصفيتها. وأعتقد أن أهمية التاريخ، وأهمية الماضي تحديدا هي مساهمته في تقدم الأفكار الديمقراطية. لذلك، بادرت بعد خروج الأخ أحمد بن بلة من السجن عام 1981، وبعد التحاقه بالخارج، بادرت شخصيا بالاتصال معه، وتَركت لدي المناقشات الأولى شعورا قويا بأنه ينظر إلى المجتمع الجزائري نظرة متفائلة جدا. كان يَعتقد يومها أن النقمة العارمة، ينبغي ولا بد أن تؤدي إلى انفجار شعبي عام، انفجار سريع يؤدي إلى الخلاص من الديكتاتورية. كان ذلك إحساسي الشخصي بعد اللقاء الثنائي الأول، وقد تعزز هذا الشعور أثناء اجتماع تداولي رسمي بين الحركتين، في أعقاب مظاهرات جرت بمدينة وهران. كان السؤال الذي طرحناه نحن : ما هي حدود وطبيعة الغضب الشعبي الذي فجر تلك المظاهرات؟ وكان رأي الرئيس السابق أنها انتفاضة من أجل تغيير السلطة. وقد أدركت يومها عمق الفجوة الفاصلة بين تحليلينا ورؤيتينا . كان رأيي على العكس أن تلك المظاهرات هي في آخر المطاف تعبير عفوي، غير منظم، تكشف عن غياب فظيع للوعي السياسي. لقد أطلق الناس شعارات متناقضة من بينها واحد ينادي بحياة بومدين، وفعلوا كل ما فعلوه نكاية بالشاذلي بن جديد. ولم تكن هناك أية حركة سياسية تقود هذه النقمة وتؤطرها وتطرح لها أهدافا معقولة. بل لاحظت أن المجتمع الجزائري انحدر سياسيا إلى مستوى أدنى من المستوى الذي كان عليه عام 1933... كان رأيي أن من واجبنا الملح، أن لا نخطئ في فهم طبيعة المرحلة التاريخية. وقد قلت في تلك الاجتماعات أننا ندخل مرحلة صحوة المجتمع الجزائري على السياسة ولابد من ابتكار أشكال وأساليب ملائمة للتوعية والتربية من أجل الإسراع بتسييس المجتمع وإخراج نخب جديدة. وكما تذكرون، فإن مظاهرات وهران التي اعتبرها أحمد بن بلة، مؤشرا على إمكانية تغيير السلطة، جاءت بعد الربيع القبائلي. وقد اختلفنا معه حول تقييمها. إن تحريك المجتمع لتغيير السلطة، يستلزم شروطا أولية مثل الإضراب العام، والتأطير الجدي والسيطرة على مسار الأحداث، والتنبه للاستفزازات، وهي عوامل توفرت بمنطقة القبائل أكثر منها في الغرب الجزائري. سؤال :كيف تفسرون أن منطقة القبائل بقيت هادئة نسبيا خلال خريف الغضب الأخير؟ جواب : للدقة لا بد من تصحيح هذه الصورة. منطقة القبائل تعيش في شبه تمرد، في حالة شبيهة بالوضعية البولونية، منذ ربيع عام 1980، ولا تنسوا أنها كانت في طليعة الإضرابات الطلابية والعمالية التي مهدت لخريف الغضب، كما تسمونه. وما نقلته بعض وسائل الإعلام الفرنسية من أن أهل القبائل تقاعسوا عن العمل، لأن «العرب» لم يتضامنوا معهم في الماضي، تزوير مقصود للحقائق. والذي حدث، هو أن أجهزة الحزب والشرطة عبئت تعبئة شاملة في المنطقة وأرسلت رجالا يتجولون بسيارات تحمل مكبرات للصوت، وتتجول في الأسواق، لتقول للناس : «الزموا بيوتكم ولا تستمعوا إلى دعاة الشغب». لكن ليست هذه التعبئة هي التي أدت إلى ما وصفتموه أو وصفه بعض زملائكم «بالصمت القبائلي». كلا. منطقة القبائل لم تصمت والتمرد فيها حالة كُمُونية. وقبل الأحداث الأخيرة قامت مجموعات منظمة من شبابها بنصب كمائن لشاحنات تحمل المواد الغذائية واستولت عليها ووزعتها على الفقراء. سؤال : لنعد مرة أخرى إلى علاقتكم مع أحمد بن بلة... جواب : بعد الاتصالات التي أشرت إليها، أمضينا ثلاث سنوات من دون عقد أي اجتماع رسمي. كان الخلاف بيننا عميقا حول الوضع الداخلي، وكان أكثر عمقا حول الموقف من إيران وعن الظاهرة الإسلامية السياسية. لكن عدم الاتصال الرسمي الشخصي بيني وبينه، لا يعني أن الخيوط قد انقطعت. وقد توجت العلاقات بالاجتماع الذي عقدناه في مدينة لندن في نهاية عام 1986 وأعلنا فيه تحالفنا. وكان الهدف من ذلك اللقاء بالنسبة إلي هو إخراج النضال الديمقراطي من عزلته الجهوية والإقليمية. ويجب أن أشير هنا إلى أن المرحوم علي المسيلي الذي اغتالته أجهزة الاستخبارات السرية، في شارع السان جرمان بالحي اللاتيني، بعد سنة فقط من اجتماع لندن، كان صاحب المبادرة في الجمع بيني وبين بن بلة، وقد ذهب ضحية لنضاله الديمقراطي. وبعد وفاة علي المسيلي، عاد أنصار أحمد بن بلة إلى العمل السري وسقطوا في استراتيجية «عنق الزجاجة». سؤال : ألم تعودوا للإتصال بمناسبة الأحداث الأخيرة؟ جواب : الظاهرة الأخيرة تتجاوزني وتتجاوزه. المسألة الديمقراطية أصبحت تعني المجتمع الجزائري كله، كما حدث، مع اندلاع الثورة ضد الاستعمار، فإن الشعب الجزائري، يريد اليوم أن يستعيد السيطرة على نفسه، وأعتقد أن الموقف المشرف، بعد تلك المذابح الفظيعة، هو أن يغادر المسؤولون الرسميون مناصبهم، أو على الأقل يتخذوا إجراءات عملية لملاحقة صغار الطغاة من رجال الشرطة والجيش الذين لم يترددوا في إطلاق الرصاص على الأطفال. إن الرعب الدموي الذي عاشته بلادنا أثناء شهر أكتوبر الأسود، قد أماط النقاب عن الحقائق المرة، وخاصة عن الضرورة الاستراتيجية التي دفعت الماسكين بزمام السلطة منذ عام 1962 إلى ممارسة الحرب ضدنا. وعنف اليوم، يذكرنا بعنف الأمس. العنف الذي عاشته البلاد كلها، في خريف هذه السنة عرفته منطقة القبائل أثناء عامي 1963-1964. لقد مورس التعذيب بشكل جماعي سواء في ثكنات الجيش أو في مراكز الشرطة. وكان واضحا بالنسبة لنا منذ ذلك التاريخ، ليس في الجزائر وحدها بل في بلدان العالم الثالث كله، أنه حيث تنعدم المعارضة السياسية الشعبية المنظمة، يستولي الجيش على السلطة ويحافظ عليها بأي ثمن. سؤال : يتردد في الدوائر السياسية أن السلطات الجزائرية اتصلت بكم أكثر من مرة واقترحت عليكم العودة إلى البلاد؟ جواب : فعلا، جرت معي سلسلة من الإتصالات يمكن أن أختصرها في مرحلتين : المرحلة الأولى، بعد وفاة بومدين، وفي نطاق الانفتاح على الشخصيات المعارضة، طُلب مني أن أرجع إلى البلد ولكن مقابل الالتزام بعدم ممارسة أي نشاط سياسي. وقد اعتبرت الاقتراح إهانة شخصية لي ورفضته رفضا قاطعا، وطالبت من جهتي بإصدار عفو شامل عن المناضلين الذين اعتُقلوا معي في بداية الستينات أو بعد ذلك، بتهمة انتسابهم إلى جبهة القوى الاشتراكية، كما ألححتُ على ضرورة إعادة الاعتبار إليهم، ومنحهم حقوقهم الكاملة في التعويض والوظيفة. وقلت لمخاطبي أنني أنتظر ما ستفعله الحكومة لأعيد التفكير مجددا في متابعة الحوار معها أو قطعه نهائيا. أما المرحلة الثانية من الاتصالات فقد بدأت بعد اغتيال الأخ على المسيلي، وقد طُلب مني فيها أن أدخل لأتحمل مسؤولية هامة داخل الدولة أو الحزب. بل إن الشخص الذي أبلغني هذه الرسالة أخبرني بأن وجودي في السلطة مهم لموازنة نفوذ أحمد طالب الابراهيمي لدى الشاذلي بن جديد، وأوضح لي أن شخصيات نافذة في الجهاز، تساند عودتي على هذا الأساس. وكان جوابي هذه المرة أنني لست مستعدا لأن أمشي على جثث أصدقائي... سؤال : وبعد الأحداث الأخيرة؟ جواب : أول شيء حصل عمليا، هو أنني لم أعد من «المحرمات» أو «التابوهات»، فقد أعلن السيد ميلود الابراهيمي رئيس رابطة الدفاع عن حقوق الإنسان، المقرب من الرئاسة أنني واحد من الوجوه المعارضة التي ينبغي أن تجد دورها في المرحلة الجديدة. وهناك مقاربات ومداولات وعمليات جس النبض متعددة ومتواصلة مع الأصدقاء في الداخل لمحاولة جرهم إلى الانتخابات... سؤال : ما رأيكم في موقف الحكومة الفرنسية من أحداث الجزائر الأخيرة؟ جواب : لم أكف خلال نشاطاتي العامة والخاصة عن التنبيه إلى الأضرار التي ألحقها بالمغرب الكبير صمت الحكومات الأوروبية عامة والحكومة الفرنسية خاصة أمام ظهور «البَانْزَر». إن إرادة عدم التدخل، كانت في الواقع بمثابة تدخل فعلي لفائدة الممسكين بزمام السلطة. إنه أيضا نوع من عدم المساعدة لشعب يتعرض للخطر. ثم هو بالإضافة إلى ذلك كله يمكن أن يعتبر ضربا من التخلي عن المسار الديمقراطي الناشئ في تونس. وقد حدث كل شيء، كما لو أن الحكومة الفرنسية تتجاهل بروز قوة عسكرية جزائرية معززة يمكن أن تشكل زعزعة حقيقية للمغرب الكبير. كما يمكن أن تسفر في المدى البعيد عن ظهور أنواع من الأصولية اليسارية أو الأصولية اليمينية. سؤال : على ذكر المغرب الكبير، كيف تتصورون مضاعفات الانتفاضة الجزائرية على الساحة المغاربية؟ جواب : لابد من أن أؤكد أولا، بأن المسؤولين الجزائريين ذُهلوا لعمق الانتفاضة التي أثبتت أن مشاكل الجزائر الحقيقية ومشغوليات الحياة اليومية للناس ومطامحهم وأحلامهم، بعيدة بعد السماء من الأرض، عن التضليل الذي مارسه الحكم. وقد ظهر ذلك في أول مناسبة أُتيحت للجزائريين للتعبير عن مشاعرهم الحقيقية. المناسبة الأولى كانت مؤتمر القمة العربي، وخلالها رفض سائقو الطاكسيات أخذ أي مقابل عن أتعابهم عندما كانوا ينقلون ركابا مغاربة. لقد أثبت ذلك السلوك العفوي أن الشعب الجزائري، معارض لحرب لا تسمي نفسها ولا يتجرأ حكامه على تقديمها له في صورتها الحقيقية. إنها حرب متنكرة تهدف إلى تضليل الرأي العام الجزائري، وتهدف إلى إغلاق البلد عن التفاعل مع جيرانه. والمناسبة الثانية كانت فتح الحدود مع المغرب وتدفق مئات آلاف الجزائريين على وطنهم الثاني، وعودة أواصر القرابة إلى مجاريها الطبيعية. وقد أثبتت هي الأخرى أن المغرب الكبير يسكنه شعب واحد، تربط فيما بين أجزائه المختلفة آلاف الوشائج المتينة. وأنا أتمنى من صميم قلبي أن تنخرط كافة الاتجاهات التجديدية الناشئة والناهضة في الجزائر في عملية المسار المغربي. وفيما يخص حركتنا السياسية، فسوف نطرح إشكالية الوحدة المغربية أو المغاربية على جدول أعمال الروابط التي تتكون الآن. لا بد لهذا الشباب المفصول عن ماضيه والمفطوم عن ذاكرته التاريخية أن يسترجع الشُّعلة الوحدوية التي حركتنا في السابق ودفعتنا للعمل. ولا بد لنا أن نفهمه المستلزمات الاقتصادية وهي تفرض علينا بل تحتم الخروج من الوطنية القطرية الضيقة المشوهة. إن بقاء الوضع على ما هو عليه، إهانة حقيقية لشعبنا. الحياة العصرية الدولية الجديدة القائمة على التحديات الكبرى، في نطاق الكتل الضخمة مثل الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة، والتكتلات العملاقة مثل السوق الأوربية المشتركة، والتكوينات شبه القارية مثل الهند والصين في آسيا والبرازيل في أمريكا اللاتينية، والتوجهات الاستراتيجية المتمثلة أوربيا في الحوار السوفياتي الألماني وآسيويا في التقارب الصيني الياباني. كلها بديهيات تؤكد أن الاقتصاديات الكبرى وحدها قابلة للحياة. ولابد إذن من تحقيق وحدة المغرب الكبير ولكن لا بد بالخصوص من أن ترتفع أعلام الديمقراطية، خفاقة كشعار عملي لهذه الوحدة المنشودة. وأنا أقترح منذ الآن إقامة مؤسسات فدرالية في مقدمتها برلمان للمغرب الكبير يتم انتخابه على أساس الاقتراع العام المباشر. ثم أقترح مجلس تنمية يشارك فيه إضافة إلى الاختصاصيين من رجال الاقتصاد وعلماء الاجتماع وأرباب العمل، ممثلون عن القطاعات المتضررة من التهميش، أي النساء والشبان والنقابيون. ولست أرى مفرا من تكوين مناطق مغربية، وأقطاب تنمية مشتركة في الحدود الحالية. وأبادر فأقول بأن الحجة المزيفة القائلة بوجود نظم سياسية واقتصادية مختلفة إنما هي ذريعة واهية، فأوربا الموحدة، والتي ستزيل جميع الحدود من بين دولها عام 1993، مؤلفة من ملكيات وجمهوريات وفيها أنظمة ليبرالية وأنظمة اشتراكية، تناقضات وصراعات وتحالفات متعددة مع أمريكا وروسيا إضافة إلى تاريخ حافل بالمنافسات والحروب الحدودية والخارجية لم تمنعها من وضع أسس معقولة لوحدة تدريجية، لا بد أن تفرض علينا نحن المغاربة المواجهين لها على الضفة الأخرى من البحر الأبيض أن نخرج بسرعة من أنانياتنا الوطنية الضيقة حتى لا نختنق. إضافة إلى ذلك فإنني أدعو إلى تكوين مجلس أعلى لحقوق الإنسان يجسد فعلا أن هذه المشكلة ليست شأنا وطنيا أو إقليميا وإنما هي جزء من القانون الدولي. ولا بد أيضا من معهد مغربي لدراسة حقوق الإنسان، يقوم بإبراز القيم الأصيلة في تراثنا، باعتبارها زيادة وليست نقصانا. وأريد أن أوضح فكرتي في هذا المجال تجنبا للالتباس، أن الخطاب السياسي السائد لا يتكلم إلا عن الأصالة والتراث والتقاليد، ويدعي أن الديمقراطية وحقوق الإنسان بضاعة غربية وغريبة وزائدة. والهدف عندي هو الإكثار من أدوات التضامن العربي في وجه الآلة القمعية. أصحاب النظرة التقليدية من الأصوليين التقليديين والحداثيين ومن الأصوليين اليساريين المقنعين أو من الأصوليين اليمينيين المكشوفين يعرفون أن عدم اكتراثهم بحقوق الإنسان هو إعادة إنتاج لخطاب عنصري عريق. العنصريون الغربيون كانوا يرددون أن الديمقراطية لا تصلح للعرب ولا للزنوج وأنا أقول أن الصمت والتهاون في شأن حقوق الإنسان يجب أن ينتهي. لابد أن نَسْتَنْهِضَ هذه الحقوق لنسترجع ما فقدناه من كرامة. ولا بد أن نبدأ أولا بالتنديد بالتعذيب والمطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام وسيكون ذلك مساهمة كبرى منا في النضال الحضاري ذلك على الأقل بالنسبة إلي معنى الانتفاضة الجزائرية أو خريف الغضب الجزائري كما تسمونه.